وليد صلاح يكتب : العبور الأعرج

فى محاولة لتصحيح أوضاع بعض الكيانات الخدمية ،والتى بمعنى أدق كيانات تقدم الخدمة السلوكية و الصحية فى مدينة العبور ، وفى الواقع بعد مشروع الرصد الشامل لمراكز أعادة التأهيل السلوكى و الأجتماعى و علاج الإدمان الذى أظهر نتائج تعدت الـ 23 مركز لأعادة التأهيل فى المنطقة بمدينة العبور بين جمعية مصر الجديدة و القادسية و عرابى و جمعية مزارع عرابى و غيرهم من مناطقها ..

وجدنا أنها دولة كاملة تستدعى الألتفات .. و بكل آسف غير مصرح لأى من هذة الكيانات المقدمة لهذة الخدمة – أعادة التأهيل السلوكى – الترخيص من الجهة الأدارية الخاصة بها و لا تحمل أى من تراخيص بديلة، و لا يعلم عنها جهاز المدينة اى من أنشطتها او نشاطها فى حد ذاته.

المثير  للأندهاش هنا ليس مخالفة هذة المراكز و المؤسسات فى المزاولة للنشاط بدون تراخيص، و لكن فى عرض الحصر على جهاز المدينة للتضامن مع مبادرة تصحيح الأوضاع لهؤلاء الممارسين بدون تراخيص، فوجئت لجنة مشكلة من المركز الأقليمى للأبحاث الأجتماعية و التنموية و بعض مُمثلى مؤسسات و المراكز التأهيلية بما لا يصدقه عقل و لا يستوعبه منطق على الأطلاق ..

توجيه جهاز المدينة للجنة المُتقدمة له بمبادرة تصحيح الأوضاع إلى مكتب التضامن الإجتماعى الخادم لمنطقة العبور، وبعد التوجه أستقبلت اللجنة سيدة تقرب على المعاش بشهورٍ قليلة و بشوشة الوجه و طيبة الأسلوب .. و أيضاً صادمة الرد !!

أفادت السيدة اللطيفة المسؤلة عن أتخاذ خطوات التراخيص بعدم ممانعتها فى معاينة مقرات تلك المؤسسات والمراكز بل والتعجيل فى تصحيح أوضاعها و دعم أدارتها كل أنواع الدعم الأدارى و الفنى لتلك المؤسسات، و لكن أشترطت ان تكون تلك المقرات إدارية !!

عم الصمت على جميع أعضاء اللجنة المشكلة بسبب هذا الشرط المُعيق بل الأستحالى لأيجادة بسبب تكلفة إيجار المقرات الإدارية والتى تبلغ تكلفة المقر من خمس إلى سبع أضعاف تكلفة إيجار العقار السكنى ، وفى نفس ذات الوقت لم يُرى سابقاً مثل هذا المُعيق فى إجراءات الأشهار لأى مؤسسة تحت مظلة تلك الوزارة “وزارة التضامن الأجتماعى” .

 و بعد مناوشات و تفاوضات بلغت الساعات وجهت السيدة البشوشة ذات الأخلاق الرقيقة اللجنة إلى جهاز المدينة مرة آخرى للحصول على تصريح يُبيح لمكتب التضامن المعاينة للمقرات لتزاول العمل الخيرى والتنموى فى مقرات سكنية و ليست إدارية، حتى رجعت اللجنة مرة آخرى لجهاز المدينة و إذ تبدأ مسرحية من الخيال الهزلى ..

بعد الوصول للمسؤل عن الأخطار بالأنشطة المُفعلة فى جهاز مدينة العبور المهندس محمد . ع  ، وبعد عرض نتائج مشروع الحصر بالـ 23 مؤسسة و مركز والذين بالفعل يزاولوا النشاط فى باطن مدينته ، وعرض مدى جدوى الرقابة من المدينة و المتابعة من وزارة التضامن الإجتماعى على الأنشطة – المُعدِلة لسلوكيات أخطر فئات المجتمع – ومدى خطورة عدم المتابعة لأصحاب تلك المؤسسات و المراكز لعدم أتباعهم معايير موحدة وعلى خلفية علمية و فنية و أكاديمية واحدة ..

وجه المهندس محمد .ع المسؤل الصدمة الثانية للجنة و رفض رفضاً لا جدال و لا تفاوض فيه بالأستجابة لتلك المبادرة تصحيح الأوضاع مستنداً على مادة 119 بقانون المدن العمرانية الجديدة ، بل توعد لهم بالملاحقة و الترقب حتى أغلاق كل المؤسسات و المراكز المزاولة لتلك الأنشطة ..

وعلى رغم التنويه بمزاولة تلك المؤسسات و المراكز لأنشطتها منذ أكثر من 7 سنوات و أكثر طبقاً لرصد المركز الأقليمى للأبحاث الأجتماعية و التنموية و لكن توعد بتكثيف كافة الجهود لأبطال هذة الأنشطة ، على رغم ضرورة هذة الأنشطة فى الخدمة المجتمعية و خصوصاً فى ذالك القطر الهامشى للعاصمة فى مدينة العبور الفقيرة بهذة النوعية من الخدمة المجتمعية ، وعلى رغم إيجاد وسائل متعددة من تصريح المزاولة بطرق شتي و ليست سليمة بادرت اللجنة المشكلة بالتصحيح لأوضاع هذة الأعداد التى ليست بالقليلة و التى بمثابة قنابل موقوتة .

 فببساطة كل مركز يستضيف لا يقل عن 30 حالة تعانى من الإدمان و إذ لم تقدم لهم هذة الخدمة سيعاودوا أماكنهم وأماكنهن فى الشارع باذلين بكل ما أستطاعوا من قوة فى أذى أنفسهم و أذى المجتمع كله فى سبيل إيجاد جرعة مخدر لكل يوم يمر عليهم.

فهل تحكم المادة 191 بقانون المجتمعات العمرانية الجديدة على الفئات المتعرضة لتجارب إدمانية بالتعاطى ثم التعاطى حتى الأجرام و وصولاً للموت ؟!!

ام يمكن التهاون و أيجاد السبل للمساعدة فى تصحيح أوضاع القائمين على تقديم تلك الخدمة المجتمعية فى حكم المحكمة الدستورية العليا بشرعية أقامة الأنشطة الخدمية و التنموية فى مقرات سكنية مثلما فى باقى المجتمعات العمرانية السكنية و العشوائية و العادية وسط المدينة؟!!

هل حرفية تطبيق مواد القانون أهم من جدوى أنقاذ فصيل ليس بقليل من الشباب و الشابات تعرضوا لتجربة إدمانية ليسوا من فئة أجتماعية واحدة بل من كل أطياف المجتمع؟

هل اللوائح الداخلية لأجهزة المدن الجديدة لها سيف أحد من سيف الأنسانية والخدمة المجتمعية ؟

هل يجب ان نستسلم لأحترام اللوائح و القوانين و نتغاضى عن المئات بل الآلاف من الشباب و الشابات المتسابقين على قطار الموت فى الإدمان رغماً عنهم؟

كلها تساؤلات يجب ان نتأمل فيها لحظات تفادياً لنكسة مرضية جديدة بعد نكسة البهارسيا و التايفويد و غيرها من الآفات الوبائية التى كنا نعتقد اننا فى آمان منها.

بقلم الباحث / وليد صلاح منصور

اقرأ للكاتب :

ما معنى أنقاذ الجيش للدولة او تدخل القوات المسلحة لحل الأزمة؟

 

شكرا للتعليق على الموضوع