ناصر اللحام يكتب : ترامب .. يستطيع ان يركب الثور الهائج لكنه لن يسيطر عليه
ترك الرئيس أوباما ( الحائز على جائزة نوبل للسلام ) العالم يسبح في دمه ، وخلّف وراءه أكبر عدد من الحروب في العالم منذ الحرب العالمية الثانية ، وأحرق عواصم كاملة كما احرق الاف الميليارت من الدولارات في حروب لا طائل منها ، ويلزم مثلها من اجل اعادة الاعمار . وجعل الفقر والخوف من المستقبل سمتان ملازمتان لجيل كامل من البشر .
وقد يصح القول ان الرئيس اوباما وادارته حوّلوا العالم الى ثور هائج جامح , حروب لا اول لها ولا اّخر في الشرق الاوسط ، عودة الحروب الى افريقيا ، توتير الدول الاسلامية وعودة التفجيرات والتنظيمات السرية ، وترامب هو الذي يتهم اوباما وادارته انهم هم الذين أنشأوا تنظيم داعش وترتيب تمويله عن طريق وكلاء لهم في دول عربية غنية والتي صرفت عشرات المليارات في نقل الشبان الراديكاليين من انحاء العالم الى سوريا والعراق وليبيا وتسليحهم . لدرجة ان العالم صار يترحّم على اسامة بن لادن والذي يبدو ” ناشط حقوق انسان ” قياسا مع الراديكاليين الجدد .
ترامب الرئيس لم يختلف عن ترامب المرشح ، وهي صفعة اخرى لكل المحللين الذين خرجوا على شاشات الفضائيات يشرحون للجمهور العربي الفرق بين المرشح والرئيس ، على حد زعمهم . وصفعة أخرى للذين قالوا انهم خبراء في السياسة الامريكية وان امريكا مؤسسة لن يستطيع فرد مهما علا شانه ان يغيّر في سياستها الامبريالية القائمة على تحالف الكارتيلات .
ومنذ اليوم الأول شرع الرئيس ترامب في تنفيذ خطته الدعائية من دون خجل ومن دون تردد ، وهو مسلح بكارتيلات مالية جديدة وبقادة استخبارات سابقين رسموا له ما يريد .
ترامب سوف يقوم بطرد 4 الاف موظف ومسؤول سابق عيّنهم الرئيس ابواما وسوف يقوم بتعيين 4 الاف موظف ومسؤول جديد ( حقّه الدستوري ) . وشرع بتنفيذ فوري لكل ما قاله في دعايته الانتخابية . ما يعني ان على الجميع التعامل مع حقبة جديدة بكل ما لها وما عليها .
عواصم عربية فرحة بهذا الرئيس الجديد , وبينها القاهرة وبغداد ودمشق وعمان وعدن ، وعواصم لا تنام الليل من شدة القلق بينها دول الخليج العربي . اما فلسطين فهي الحزينة التي وجدت نفسها فجأة في عين العاصفة ، ووجدت نفسها مضطرة لمواجهة رئيس غاضب جامح يريد نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس .
موسكو قامت بتحذير ترامب من نقل السفارة الى القدس ، بينما لم تعلن أية دولة عربية أي موقف تحذيري من هذا الامر حتى الان ، ورغم ان جامعة الدول العربية وعواصم كثيرة وتنظيمات كثيرة من المحيط الى الخليج كانت تقول للقيادة الفلسطينية ( ان القدس ملف عربي وليس ملفا فلسطينيا ) , لكنها الان تلوذ بالصمت وتتمنى ان ابو مازن يحمل هذا الملف لوحده ، حتى لا يضطروا لمواجهة ترامب الجامح .
ترامب ليس استثناء في تاريخ الشعوب ، وانما هو الغالب عادة ، وقد نثر الوعود لجمهوره بشكل مبالغ فيه ، لدرجة ان هناك امريكي واحد يؤيد ترامب مقابل 2 امريكيين قلقون مما سيفعله . ومن شاهد شوارع واشنطن أمس والاطارات المشتعلة والشرطة تعتقل نحو مئة متظاهر وتضرب الغاز المشيل لدلموع وتنهال بالهراوات على المتظاهرات اعتقد أن الصور في جباليا أو الدهيشة أو بلاطة !!
الرئيس الصيني شي جينغ بينغ أقوى من ترامب ، والرئيس بوتين اقوى من ترامب ، والاتحاد الاوروبي أقوى من ترامب ، وأمين عام الامم المتحدة البرتغالي أنطونيو غوتيريش أقوى من ترامب . ولكن الاعلام قام بتصدير الخوف الى شعوب العالم ، وتحوّلت نشرات الاخبار الى حقنة ادمان أقنعت البشرية أننا على ابواب الجحيم بعد فوز ترامب . ولم تقل ذلك عن اوباما الذي هو السبب في كل ما نراه الان .
أوباما صنع كل الحروب المشتعلة التي ترونها … وعلى الاقل وحتى اللحظة لم يقل ترامب انه يريد أي حرب او انه سيرسل جيوشه الى أية عاصمة عربية ، بل قال امريكا اولا .
وهذا شعار لا يجب ان يزعج أي مثقف حر . وانا أتمنى أن يلتفت الامريكيون الى امريكا اولا ، وان يكفوا عن التدخل بشعوب العالم ويتركوها تقرر ما تريد .
اقرأ للكاتب :
نحن شعب بلا دولة واسرائيل دولة بلا شعب