القرد بيتكلم … يتصدر قائمة إيرادات السينما المصرية

يتصدر فيلم “القرد بيتكلم” قائمة إيرادات السينما المصرية في موسم “منتصف العام” حتى الآن، بإيرادات جاوزت 2 مليون جنيه، وهو عمل أُثير حول أصل فكرته الكثير من الجدل.

اُتهم صنُاع الفيلم منذ صدور الإعلان الدعائي الخاص بِه باقتباس الفكرة من الفيلم الأميركي الشهير Now You See Me، وهذا ما نفاه الفنان عمرو وأكد على صفحته الرسمية أكثر من مرة، قائلًا لجمهوره أنه لا ينبغي الحكم على الفيلم من مجرد دقائق دعائية، وتساءل لماذا كلما وجدنا عملًا مصريًا جيدًا اتهمناه بالسرقة؟

17

الفيلم من إخراج وتأليف وسيناريو وحوار “بيتر ميمي” وبطولة عمرو واكد، وأحمد الفيشاوي.

بعد مشاهدة مراسلتنا في القاهرة سارة فودة، الفيلم في إحدى دور العرض المصرية، يمكن القول بأنَّه ليس نسخة مقتبسة من فيلم Now You See Me ولكنَّه يحتوي على العديد من مشَاهِده، وقام باقتَباس الكثير من الأفكار منه مع تغيير في السياق الدرامي للأحداث، التي لم تأتِ بحبكةٍ سينمائيةٍ جيدةٍ.

ولم يكتفِ بالاقتباس منه فقط ولكن اقتبس من أفلام أخرى أيضًا.

دعنا نستعرض معكم أهم الملاحظات على الفيلم التي قد “تحرق” الأحداث لمن يريد مشاهدته.

متخافش من القرداتي خاف من خِلفته

تبدأ أحداث الفيلم بقول الفنان عمرو واكد أنَّ والده كان يعمل في السيرك “قرداتي” وأضاف: “في النهاية ماتخافش من القرد خاف من خلفته”.

وتبدأ بعدها الأحداث التي تدور حول الأخوين رشاد الشناوي (أحمد الفيشاوي)، وطه الشناوي (عمرو واكد)، إذ تعرض الدقائق الأولى براعتهما في استخدام الحيل التي تعتمد على بعض الخدع السحرية، والتنويم المغناطيسي، في السرقة التي يستخدمانها في السرقة والنصب.

وجاءت شخصية أحمد الفيشاوي قريبة إلى حد كبير من إحدى شخصيات فيلم Now you see me بدروه كمنوم مغناطيسي.

كما تظهر توته (ريهام حجاج) في دور زوجة طه الشناوي التي تعمل أيضًا بالسيرك وتساعده في أعمال النصب.

تظل الدقائق الأولى غامضة، ولا توضح ما يحدث بشكل كامل، إذ يذهب “طه” لأخيه قائلًا أنَّه يحتاج مساعدته في “مصيبه”، ولا تتّضح أي ملامح لهذا الأمر الذي يحتاجه فيه، وتتوالى الأحداث التي يقوم من خلالها الثلاثي طه ورشاد وتوته بالنصب على عدة أفراد من أجل توفير مبلغ مالي لعمل سيرك خاص بهم، وتدعيمه بأداة جديدة لكي تجذب الجمهور.

التشتيت، خفة اليد، ولفت الانتباه”، اقتباس أم فكرة أصلية؟

18

يُنْصَبُ السيرك الخاص بهم وتبدأ العروض حيث يقول الأبطال أنَّ على “الحاوي” أو الساحر الجيد أن يتقن ثلاثة أمور كي يكسب إعجاب الجمهور ويتجنب سخطه وهي: التشتيت، خفة اليد، ولفت الانتباه، وكل من شاهد الفيلم الأميركي الشهير The Prestige سوف يكتشف أن هذا المشهد بشكل أو بآخر قد يكون نسخة طبق الأصل من المشهد الافتتاحي للفيلم.

فيما لم يكن هذا هو الاقتباس الوحيد في الدقائق الأولى من الفيلم، إذ تبدأ فقرات السيرك التي يأتي من ضمنها فقرة يقوم فيها رشاد الشناوي (أحمد الفيشاوي) بالاختفاء من على المسرح والظهور في مكان آخر وقد جاءت هذه الحيلة في فيلم Now You See Me ولكن مع بعض التحريف ضعيف المستوى، فقد جاءت الحيلة في النسخة الأميركية على مسرح ضخم بحضور عدد كبير من الجمهور، ووقف الممثلون ليؤدوا حركاتهم، والتي تضمنت ظهورهم في مدينة أخرى للقيام ببعض السرقات.

في حين يأتي اقتباس النسخة المصرية في سيرك بسيط بعدد جمهور لا يتعدى الخمسين متفرجاً، وينتقل في الحيلة أحمد الفيشاوي إلى الطرف الآخر من المسرح لا أكثر، في لقطة تفتقر لأي إبهار.

ثم تبدأ الأحداث في التطور بعد أن يتلقى (عمرو واكد) مكالمة من شخص مجهول يأمره بشكل مفاجئ أن يبدأ في تنفيذ الأمر الذي اتفقوا عليه أثناء العرض الخاص بهذا اليوم، فيما يبدأ واكد رده على مكالمات هذا الشخص المجهول بكلمة السر وهي “القرد بيتكلم”.

قد يشعر المتفرج ببعض الملل بسبب عدم اتضاح الأحداث والحبكة الضعيفة إلى حد ما، ولكن ما يكسر ذلك هو الأداء التمثيلي الجيد لكلٍ من عمرو واكد وأحمد الفيشاوي، ولم يأتِ أداء ريهام حجاج على نفس المستوى، ولكنها لم تكن سيئة على الإطلاق، وقد اعتمدوا في الكثير من المشاهد على كوميديا الموقف التي أتقنوها ونجحوا من خلالها في انتزاع الضحكات الصاخبة من الجمهور.

عرض لا ينسى للكبار فقط

19

بعد مكالمة الشخص المجهول وفي اليوم المحدد يبدأ طه الشناوي العرض قائلًا أنَّ عرض اليوم للكبار فقط ،وأن الجمهور من الحاضرين لن ينسوه طوال حياتهم، ثم تتوالى الأحداث ويقوم الأخوان طه ورشاد الشناوي باحتجاز الجمهور المتواجد في العرض كرهائن دون أن يعرفوا السبب، منفذين فقط الأوامر التي تأتي إليهم دون أي توضيحات من الشخص المجهول.

بينما يتصل الخاطفون بالشرطة، وهنا يظهر وزير الداخلية (بيومي فؤاد) حيث يمزج في دَورِه بين الجدية وروح الكوميديا، فظهر بشكل مميز ومختلف يُحسب له بشكل كبير. وقد اشترط الخاطفون أن يتابع تنفيذ طلباتهم العميد زكريا ألمظ (سيد رجب)، الذي لم يأت بأي جديد يُضاف له في مسيرته الفنية من خلال هذا الدور، رغم أدائه له بشكل جيد إلا أننا شاهدناه أكثر من مرة في أدوار مشابهة.

ثم ينقلب مسار الأحداث ويطلب الشخص المجهول من الأخوين شناوي طلبات غريبة مثل الإفراج عن بعض المتهمين في قضية إرهاب وقتل للسائحين حدثت في مدينة شرم الشيخ، ثم يتضح أن طه ورشاد ينفذان كل تلك الأوامر لكي يحصلا من هذا الشخص المجهول على دليل براءة أبيهما (محمود الجندي) المسجون في إحدى القضايا.

حبكة سينمائية تفتقر إلى الإبداع مع نهاية متوقعة

20

جاءت نهاية الفيلم متوقعة إلى حد كبير إذ انقلبت الأحداث، وأصبح من يحاول كشف الغموض هو الجاني، ولكنَّ الغريب وغير المفهوم هو أنَّه عند انتهاء كل ما يحدث في السيرك، حينما تعتقد للحظة أن الفيلم قد انتهى، تأتي فجأة تطورات جديدة في منزل العميد (زكريا ألمظ)، تكشف أن كل ما كان يحدث مجرد عملية إلهاء للقيام بسرقة لقطعة ألماظ ثمينة ونادرة. وتأتي تفاصيل عملية السرقة تلك مقتبسة من الفيلم العربي القديم “لصوص لكن ظرفاء”.

في جميع الأحوال لا يمكن تجاهل المجهود المبذول من جانب كل من عمرو واكد، وأحمد الفيشاوي وأدائهما التمثيلي الجيد، الذي امتزج مع موسيقى سيف عريبي التي أتت مبهرة، وأضافت إلى الفيلم بشكل كبير.

ولكن يؤخذ على الفيلم أيضًا وجود أغنية أجنبية ضمن أحداثه، تم صنعها خصيصًا للفيلم، فلم يكن مفهومًا الداعي من إعداد أغنية أجنبية كخلفيه لفيلم عربي لتأتي في منتصف الفيلم -رغم جودتها- كنشاز غير مُبرر.

في النهاية يمكن القول أن الفيلم تجاري من الدرجة الأولى وقد يحقق نسبة أرباح كبيرة، فلشباك التذاكر دائمًا حسابات أخرى، ولكن الفيلم جاء أقل بكثير من المتوقع، ولم يخرج عن إطار الاقتباس وقلة الإبداع التي اشتهر بها مؤخرًا مخرج ومؤلف وكاتب سيناريو وحوار الفيلم “بيتر ميمي”، في كل أعماله تقريباً.

ويضع نفي عمرو واكد لحدوث أي اقتباسات في هذا الفيلم المشاهد أمام عدة تساؤلات، تدور حول ماهية العمل المُقتبس، وما إذا كان وصم “الاقتباس” يعتمد على حجمه؟ أم على “المبدأ” في حد ذاته بغض النظر عن مقداره؟ أيصح أن يُقتبس قدراً ضئيلًا، لكن إن زاد عن حد معين لا يصح؟، ومن يملك وضع هذه الحدود الافتراضية؟

لقد جاء فيلم “القرد بيتكلم” باقتباسات متعددة. ربما قد دار في ذهن صانعيه بعض المبررات منها أن القصة مختلفة، أو أن الاقتباسات صغيرة، لكن يظل مبدأ اقتباس الأعمال بدون الإشارة إليها عملًا غير أخلاقي، وغير مقبول في مجال يحمل من مساحة الإبداع الكثير.

شكرا للتعليق على الموضوع