سفيان الشنباري يكتب : المرحلة أمام خيارات صعبة والمصالحة أفضل مغامرة
في ظل المستجدات والمتغيرات على الساحة الدولية، التي لابد أن ترمي بظلالها على الساحة الفلسطينية بتلك المتغيرات، وخاصة أن الخطوات التي تحدث عنها الرئيس محمود عباس أبو مازن، بالخطوات الغير مسبوقة ضد الانقسام، لبدء مرحلة جديدة بتاريخ القضية الفلسطينية بلفظ الانقسام للأبد، وإلا ستكون النتائج عكسية، والتي جاءت بعد تشكيل حركة حماس لجنة إدارية تقود قطاع غزة، التي اعتبرت ضرب بكل المصالح الوطنية وترسيخ حالة الانقسام الفلسطيني، مما أدى إلي انسداد الأفق مع حركة حماس للوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية.
فبدأت الخطوات الأولى بإجراء خصومات على رواتب موظفي السلطة في غزة ، رغم قسوته إلا أن جوهر الحقيقة أراد الرئيس أبو مازن أن يشعر حركة حماس ويلفت نظرها إلى مغبة الاستمرار بالسيطرة على قطاع غزة بعد تشكيلها لجنة إدارية للقطاع، وثاني الخطوات جاءت بتشكيل الرئيس أبو مازن لجنة من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح للجلوس مع حركة حماس بقطاع غزة لاتخاذ قرارات حاسمة مع حركة حماس بما لا يتجاوز يوم 25 من شهر ابريل الجاري. وتتضمن رسالة اللجنة المركزية المكلفة بإنهاء مظاهر الانقسام وحل لجنة حماس لإدارة قطاع غزة والتشكيل الفوري لحكومة وحدة وطنية يتبعها انتخابات تشريعية ورئاسية.
فالخيارات أمام حركة حماس محدودة، لذلك يفضل للجميع ولحركة حماس أن تتخذ قرارا منطقيا وفق تلك المستجدات، وفي النهاية أن تغامر حركة حماس بتوقيع المصالحة وتسليم زمام الأمور لحكومة وحدة وطنية أفضل من أن تزيد ويلات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من أجل تمرير قرارات غير محسوبة أو غير مخططة، فالسياسي دائما يحسن التصرف والتعامل بتقليل عدد خصومة هنا تكمن القوة بتأخير شيء وتقديم المصلحة العامة عن الخاصة.
لذلك على اللجنة المركزية المكلفة للتحاور مع حركة حماس أن لا تستسلم مستخدمة كل الوسائل بأن تخرج من هذه المرحلة بمصالحة شاملة كاملة، لتأتي بعدها حكومة فلسطينية تحكم الكل الفلسطيني، هنا تكمن النقطة المركزية في الفعل، لتحقيق الهدف المنشود.
ولكن السيناريوهات التي ممكن أن نتوقعها خلال جلسات الحوار مع حركة حماس كالتالي:
– الخيار الأول : موافقة حركة حماس بحل اللجنة الإدارية والسماح بوجود تسهيلات لعمل بعض الوزارات في حكومة التوافق، والنتيجة تكون، كالذي يرسم في الماء.
– الخيار الثاني: الموافقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية والتعامل مع كافة البنود بجدية هنا مكمن القوة بدمج الأفكار وانصهارها بين جميع الأطراف لخلق عدة أهداف غير متناهية بين الأطراف والخروج بخيارات كثيرة تعمل على لفظ هذا الانقسام البغيض الذي طال بقاؤه، فالواقع الفلسطيني بحاجة ماسة إلى معالجة فورية وفق رؤية وطنية من خلال تلك اللجنة والتوافق مع حركة حماس عليها.
– الخيار الثالث هو أن تتمسك حركة حماس بالتفرد بحكم قطاع غزة، بمنطق ” لنا الصدر دون العالمين أو القبر” والتي تكون النتائج عادة وخيمة. وبهذا الخيار تكون حركة حماس قد اختارت أن تدخل هذا الجزء من الوطن في دوامة صعبة لتثبت لنفسها أنها صاحبة قرار.
وبناءا عليه يبقى الخيار الثالث هو الأكثر توقعا، بأن تعلن حماس دق طبول الحرب على كل من يخالفها، هنا يجدر الإشارة لحركة حماس ما هي الروافع التي اعتمدي عليها، فصعود قمة جبل إفرست مغامرة، لكن رجل السياسة يأخذ بالحسبان كل التعقيدات التي سيواجهها، بتجهيز أدوات التعامل مع درجة الحرارة ونسبة الأكسجين، في ذلك الجبل، إذن أن تتخذ حركة حماس قطاع غزة انجازها الأساسي والسياسي والغير مسموح بالتفريط به، عليه نكرر السؤال ما هي الروافع التي اعتمدي عليها إمام التعقيدات الحالية، وأين تلك الروافع والدعائم من موارد وعلاقات خارجية وتخطيط وتنمية، وخاصة بعد استنزاف كل روافع الشعب الفلسطيني في الداخل فهو منهك أصلا بفعل الانقسام الذي سرق أعمارهم ودمر أحلامهم، فاليوم لا وجود للانتصارات الخارقة، ولا مكان للخطابات التي لا تنجز نصرا، إذن من يرفع سقف توقعاته عليه أن يزيد من روافع حكمه لكي يستطيع أن يتحمل وزر قراراته.
وبالتالي المرحلة تتطلب من الجميع أن نكون في صف واحد، وأن نتخندق تحت عباءة حكومة وحدة وطنية فلسطينية، هذا هو النصر الكبير والمغاير لتلك الانتصارات، فالمصالحة الوطنية الحق كفيلة بأن تبني المجتمع وتغير وجهة التاريخ للقضية الفلسطينية بعد أن رزحت عقد ونيف تحت سطوة المآسي الداخلية، ومن خلال تلك المصالحة تحمل الطاولة السياسية كل الضغوطات المتوقعة، ما دون ذلك لن نجد سوى الخراب وحصاد خيبة الآمال في لحظة الحقيقة عند مواجهة الواقع.
بقلم: سفيان الشنباري
عضو الشبكة العربية للثقافة والرأي والاعلام