كوبي يصنع أطول دراجة في العالم تصل لعشرة أمتار

لا أحد يمكنه مجاراة فيليكس رامون غويرولا سيبيرو، البالغ من العمر 52 عاما، وليس من الحكمة أن تحاول اللحاق به.

في أحد أيام الشتاء المشرقة، انطلق سيبيرو على دراجته في طريق ماليكون الشهير في العاصمة الكوبية هافانا، وسط ذهول المارة من سياح وكوبيين. فهو ليس أسرع من الجميع فحسب، بل أعلى منهم أيضا.

فقد اشتهر محليا بأنه يقوم بتركيب أعلى دراجات في كوبا. وبسرعة خاطفة وبلا أي عناء، يطوف سيبيرو شوارع البلاد على دراجة طولها ثلاثة أمتار صنعها بنفسه من ثلاثة إطارات لدراجات، لحَم الواحد منها فوق الآخر.

وبين الفينة والأخرى، يصيح سيبيرو في حماس ليتباهى بإحدى حركاته، ولكنك لا تكاد تلتفت لترى ما يقصده حتى يأتي بأخرى.

وعند إحدى إشارات المرور، تعلّق بسقف حافلة للحظات، مما أثار غضب السائق. ثم بعد دقائق قليلة، توقف ومال نحو أحد الجدران، وفي أثناء ذلك، طلب منه أحد الفتيان أن يجرب ركوب الدراجة، علّه يثير إعجاب أصدقائه.

وقال له سيبيرو مبتسما: “هيا اقفز إلى الدراجة”، وقفز الفتى بحذر، حفاظا على مظهره أمام أصدقائه، وتشبث بالدراجة. ولكن ما لبث أن انطلق سيبيرو، حتى تجمد الدم في عروق الفتى، ومضت دقائق قليلة ولكنها ستظل عالقة في ذاكرته، حتى سمح له سيبيرو بالنزول.

وعندما وصل إلى منزله، أمال سيبيرو دراجته بحرص نحو واجهة منزله في شارع أغواكاتي في مدينة هافانا القديمة، ثم قفز ببساطة من فوق الدراجة، والمثير للدهشة أن ساقه لم تكسر بعد القفز من فوق الدراجة. ثم سار نحو بيته كالمعتاد.

وقالت زوجته، فرانسي، وقد نفد صبرها: “لا يفكر سيبيرو في أي شيء سوى الدراجات، ولا يتكلم إلا عن الدراجات، لقد استحوذت على عقله تماما”.

وفي ورشة ملحقة بمنزله، يركّب غويرولا سيبيرو دراجاته الطويلة، ولديه حتى الآن خمس منها. وفي ظل الحظر التجاري المفروض على كوبا منذ ما يزيد على نصف قرن، بات نقص السلع المنزلية الأساسية أمرا معتادا، وتعلم الكوبيون كيف يدبرون أمورهم بالموارد المتاحة.

ولم يكن غويرولا سيبيرو مختلفا عن غيره من الكوبيين، فقد صنع إطارات دراجاته من أجزاء مأخوذة من دراجات صينية قديمة، صُنع البعض منها منذ نحو 30 سنة. ولزيادة الطول، يستخدم أي شيء تقع عليه عيناه، من حديد التسليح إلى أجزاء من السياج المصنوع من الصفيح. أما البدالات فمصنوعة من أجزاء من مواسير “بي في سي” التي قطعها وشكّلها.

وقال غويرولا سيبيرو: “لو استطعت أن أحصل على مواد أخف وزنا، مثل الألومنيوم أو ألياف الكربون أو أنابيب أخف وزنا وأعلى متانة، لكنت صنعت دراجات مدهشة”.

وبفضل شهرته، استطاع أن يجني المال من وراء حبه للدراجات، مستخدما دراجته الطويلة في الترويج لمشروب طاقة مستورد يسمى “تايم فلايز″، عبر اللوحة المثبتة بإطارها. كما يساعد غويرولا سيبيرو زوجته في بيع الحلوى والعلك والسجائر وزيت الطهي على منضدة في غرفة المعيشة.

بدأ غويرولا سيبيرو في تصنيع الدراجات الطويلة منذ 37 عاما مضى، حين كان في مرحلة المراهقة في مدينة سييغو دي أفيلا وسط كوبا، ولكنه لم يتعلق بهذا النوع من الدراجات إلى هذا الحد إلا بعد أن شاهد أحد أعضاء فريق الدراجات القومي يقود دراجة مزدوجة في بلدته.

ومنذ ذلك الحين، راودته فكرة تصنيع شيء ليس له مثيل. وقال غويرولا سيبيرو: “عندما رأيت الدراجة المزدوجة للمرة الأولى لاحظت أنها أكبر من الدراجات المعتادة أفقيا، وهنا قلت، حسنا، لم لا أتوسع رأسيا؟”.

وأضاف مازحا: “كما أنني ساستطيع أن أقطف ثمار جوز الهند من فوق الدراجة”.

ولكن تصنيع الدراجات الطويلة لم يكن هو حلم غويرولا سيبيرو الوحيد، فقد كان يحلم أيضا، لفترة من الزمن، بالهروب إلى الولايات المتحدة الأمريكية على متن قارب. وقال: “حاولت الهروب إلى الولايات المتحدة أربع مرات”، ولكن هذا كلفه ما مجموعه 21 عاما قضاها في السجن.

وعندما طلبت منه التعليق على هذه التجربة، أطرق، خلافا لطبيعته المعهودة، وقال ببساطة: “كانت مريعة”.

ولكن السجن لم يحدّ من شغفه بالدراجات، وقال غويرولا سيبيرو: “كان مأمور السجن يسمح بدخول دراجاتي إلى السجن، ولذا لم أتوقف عن ركوبها”. وأضاف أنه أقام صداقه مع مأمور السجن ولم يتوقف يوما واحدا عن ركوب الدراجة.

ولم يتوقف حتى الأن. وفي شوارع هافانا، يقفز غويرولا سيبيرو فوق إحدى دراجاته الطويلة، ويستمتع بركوبها وهو يطل من أعلى على أسقف السيارات من حوله.

إلا أن احتياجه للارتفاع اشتد على مدار السنوات القليلة الماضية، وأصبح يركز على هدف أخر من وراء تصنيع دراجاته، وهو دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

ويقول غويرولا سيبيرو إنه كان بوسعه أن يدخل موسوعة غينيس منذ 20 عاما، حين كان يقود دراجة طولها ستة أمتار، ولا يوجد أي شخص في العالم يصنع دراجات بهذا الطول سوى ريتشي تريمبل في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان الأمريكية. وقال غويرولا سيبيرو: “ولأنني أعيش في كوبا، “فلم يلحظني أحد من قبل أو لم أحظ بأي اهتمام رغم أني أركب دراجات بهذا الارتفاع”.

ومنذ وقت قريب، زار تريمبل هافانا لمقابلة غويرولا سيبيرو، وطافا أزقتها بالدراجات الطويلة وعملا على تصنيعها جنبا إلى جنب.

وقال غويرولا سيبيرو: “كان شرف لي أن يأتي إلى هنا صاحب الرقم القياسي في تصنيع أطول دراجة صالحة للركوب لمقابلتي، وكأنني نلت اللقب. فإن لقب الصداقة أهم من لقب غينيس”.

ورغم ذلك، قال غويرولا سيبيرو إنه لا يزال يطمح في تحقيق الرقم القياسي ليكون بمثابة مكافأة له على الساعات الطويلة التي قضاها بمفرده في جمع كل ما طالته يداه من قطع غيار لتصنيع هذه الدراجات الرائعة في ورشته.

وأضاف غويرولا سيبيرو: “أعكف الآن على تركيب دراجة طولها عشرة أمتار أتمنى أن أنتهي من تصنيعها قريبا”.

اقرأ ايضاً

رقم قياسي عالمي جديد في موسوعة غينيس “أكبر فندق للحشرات في العالم”

شكرا للتعليق على الموضوع