عماد الدين حسين يكتب : النخبة الجديدة

قبل نحو عامين كنت أتناول طعام إفطار رمضان فى قصر الرئاسة بالاتحادية، وكانت الملاحظة الرئيسة هى وجود قسمين أساسيين فى الخيمة الكبيرة للإفطار.

القسم الأول جلس فيه ما يمكن تسميتهم بالنخبة القديمة وتشمل السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال والشخصيات العامة، أما القسم الثانى فكانت وجوها جديدة لم يسبق أن رأيتها بالمرة. شباب صغير السن، أعمارهم لا تزيد عن الثلاثين فى أفضل الأحوال.

يومها سألت أحد المسئولين: من هؤلاء؟!. فقال هؤلاء جيل الحكم المقبل، ويمكن أن نسميهم بالنخبة الجديدة، هؤلاء يجرى تدريبهم وتأهيلهم على نار هادئة، على يد خبراء فى مختلف المجالات. وقتها لم يكن البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب قد انطلق رسميا بعد، لكنه كان فى طور الإعداد والتجهيز.

وفى الأسبوع قبل الماضى رأيت غالبية هؤلاء فى مؤتمر الشباب الوطنى الدورى فى الإسماعيلية، وقبلها فى المؤتمرات الثلاثة التى انعقدت فى شرم الشيخ والقاهرة وأسوان.

وما بين التاريخين رأيت بعضا منهم فى المؤتمرات والحفلات الكبرى التى يحضرها رئيس الجمهورية، خصوصا فى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة فى مسرح الجلاء والفاعليات الأخرى المختلفة.

تقديرى أن البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الذى درب نحو ١٥٠٠ شخص على ثلاث دورات جاء بعد فشل جميع المحاولات للرهان على ظهير سياسى جديد للرئيس والحكومة، على المدى البعيد.

كثيرون طالبوا الرئيس بتكوين حزب جديد أو الاعتماد على حزب أو مجموعة أحزاب لتكون الظهير السياسى له، لكن من الواضح أن الرئيس لم يكن مقتنعا بغالبية هذه الأفكار، والسبب أن غالبية الأحزاب ــ أو كلها ــ ليس لها قواعد جماهيرية كبيرة، ولأسباب مختلفة تتحمل الحكومة وأجهزتها والأحزاب المسئولية الكبرى عن تجريف الحياة السياسية، حتى وصلنا إلى مرحلة لا يستطيع فيها أكبر حزب الحشد الجماهيرى لمؤتمر أو ندوة أو أى فاعلية بما يزيد عن ألف شخص.

البديل لهذه الحالة كان محاولة الاعتماد على بديل تكنوقراطى، ليس حزبا بالمعنى المعروف وليس اتحادا اشتراكيا أو تنظيما طليعيا بطريقة الستينيات، ولكنه حالة وسط تنفذ أفكار الرئيس عبدالفتاح السيسى وتكون ذراعه السياسية الحقيقية. وقال الرئيس بوضوح ردا على سؤال الإعلامى المتميز محمد على خير فى ختام مؤتمر الشباب بالإسماعيلية: «نحن نعد الوزراء والمحافظين من هؤلاء الشباب».

أظن أنه فى ظرف عامين، فسوف نرى مسئولين فعليين من هؤلاء الشباب فى مواقع المسئولية الأساسية. بحيث يتحول هؤلاء إلى نخبة الحكم الفعلية بديلا للنخبة القديمة.

عندما يصل هؤلاء إلى مواقع المسئولية، وقتها سيتوقف الجميع عن الحديث عن نظام مبارك الذى يراه كثيرون مايزال يحكم عمليا عبر أذرعه الأساسية فى مختلف الوزارات والأجهزة والهيئات.

من الطبيعى أن يكون بعض نظام مبارك مايزال يحكم، لأنه ظل فى الحكم أكثر من ثلاثين عاما، وبالتالى فإن معظم المسئولين ينتمون لهذا النظام، حتى لو كان من الزاوية الزمنية. كما أنه من المستحيل أن يتم إحلال نظام كامل جديد محل نظام قديم، لأن الأمر يشبه استبدال شعب بآخر!!. لكن على الأقل فإن النخبة الجديدة يمكنها أن تبدأ فى ضخ دماء جديدة فى شرايين الحكم التى يرى البعض أنها متيبسة ومتكلسة. لكن الأهم هو ضرورة أن نرى تغييرا فى السياسات والأفكار والرؤى القديمة. تغيير يكون شعاره الالتحاق بروح العصر الحديث، وعدم مخاصمته، وعدم الإصرار على معاندة الواقع.

هذه السياسات الجديدة تحتاج روحا جديدة أساسها الاستماع لكل الأفكار والأصوات المختلفة تحت سقف القانون والدستور.

اونا

اقرأ للكاتب :

اقتراحات للزملاء فى واشنطن

شكرا للتعليق على الموضوع