قطار عوائد البث التلفزيوني يدهس أندية الدوريات الأضعف في أوروبا

لن ينسى مشجعو كورك سيتي أبدًا اليوم الذي استضاف فيه الفريق الايرلندي، نصف المحترف، بايرن ميونيخ في كأس أوروبا لكرة القدم بملعبه الصغير.

وسبقت المباراة حرب كلامية، إذ قال شتيفان إيفنبرج، لاعب وسط بايرن، إن ديف باري، مهاجم كورك “يبدو مثل جدي”، ورد باري بالقول إن اللاعب الألماني “يلعب مثل جدي”.

واستمرت الإثارة في الملعب، فوضع باري نفسه كورك في المقدمة في لقاء الذهاب، قبل أن يمنح إيفنبرج التعادل 1-1 للفريق الألماني، الذي انتصر 2-0 في مباراة الإياب.

وقال نيف ماني، وهو مشجع لكورك، وقائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجموعة “دايركت يوروب” للمشجعين: “هذه الذكريات لا يمكن محوها من ذاكرة الجماهير”.

لكن وفقًا للنظام الأوروبي الحالي، لا يمكن أن يلتقي الفريقان مجددًا أبدًا.

وكان بايرن حينها قد احتل المركز الثاني بدوري الدرجة الأولى الألماني، وهو مركز يؤهله هذه الأيام للعب مباشرةً في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، بينما يؤهل المركز الثاني، الذي احتله كورك في الدوري الايرلندي في الوقت الحالي، إلى الأدوار التمهيدية الأولى من الدوري الأوروبي.

وستصبح كرة القدم الأوروبية أكثر انتقائية، اعتبارًا من موسم 2018 – 2019، عندما سيكون لإسبانيا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا أربعة مقاعد لكل منها، في دور المجموعات بدوري الأبطال، المكون من 32 فريقًا.

وستتقاسم بطولات الدوري الست الكبرى التالية في الترتيب، ثمانية مقاعد إضافية، وستتوزع أربعة مقاعد فقط على بطولات الدوري المتبقية.

وتعكس التغييرات الطريقة التي هيمن بها عدد قليل من الأندية الكبيرة، بفضل عائدات البث التلفزيوني الضخمة في بلادها، على البطولة.

وفي الماضي، تأهلت أندية مثل “دندي يونايتد وفيدجيف وودج وأوستريا فيينا وجوتنبرج وتشسكا صوفيا وأندرلخت” إلى نصف نهائي كأس أوروبا القديمة.

وبلغ مالمو وباناثينايكوس المباراة النهائية، وفاز رد ستار بلجراد وستيوا بوخارست باللقب، ولا يمكن لأي من تلك الفرق أن تحلم بمثل هذا التقدم حاليًا.

وبلغت 9 أندية مختلفة فقط، من خمس دول، هي إسبانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، قبل نهائي دوري الأبطال في المواسم الخمسة الأخيرة.

وحتى أبطال سابقين لأوروبا، مثل أياكس أمستردام وبنفيكا وبورتو، أصبحوا عمليًا أندية تمد بطولات الدوري الأكبر باللاعبين.

ويبدو لدى أياكس نواة فريق رائع، بعد تأهله إلى نهائي الدوري الأوروبي، الشهر الماضي، بتشكيلة يبلغ متوسط أعمارها 22 عامًا فقط، لكن الفريق بدأ يتفكك بالفعل، مع انضمام المدرب بيتر بوش إلى بوروسيا دورتموند.

وقال ماني: “التغييرات الأخيرة على المسابقات الأوروبية، تفيد أندية بطولات الدوري الأكبر، بعد أن كانت المسابقات تمنح الأندية الفرصة للعب في هذا المستوى”.

وأضاف: “إنه شرف عندما ترى ناديك يبلي بلاءً حسنًا في أوروبا، لكن بالطريقة التي تسير بها البطولة الآن فإنها تفقد هذا السحر”.

توازن

وأقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بأن توازن المنافسة مسألة مهمة، لكن رئيسه ألكسندر تشيفرين، الذي اُنتخب عقب الموافقة على تغييرات دوري الأبطال، اعترف بأنها “مهمة صعبة”.

وقال تشيفرين لـ(بي بي سي): “علينا تطوير كرة القدم في كل أرجاء أوروبا.. لكن على الجانب الآخر لدينا خمس دول أوروبية توفر 76% من إيرادات الكرة في القارة”.

وأضاف: “برنامجي قبل الانتخابات كان صناعة التوازن المثالي، والآن أرى أن وجود توازن مثالي أمر ليس سهلًا”.

وتم اقتراح إقامة بطولات دوري عبر الحدود، من أجل زيادة الأسواق التلفزيونية خارج الدول الأساسية، رغم أن ذلك قوبل برد فاتر من ممثلي بطولات الدوري والأندية نفسها.

ويشير آخرون إلى أن هيمنة عدد قليل من الأندية أمر ليس جديدًا بالضرورة، وأن السوق ما زالت مفتوحة.

وقال ستيفان سيمانسكي، أستاذ الإدارة الرياضية في جامعة ميتشيجان: “يمكن أن نرد بالقول إن الهيمنة زادت في آخر 30 عامًا، لكنها هامشية.. ما تغير هو الطريقة التي تسير بها هذه الهيمنة، خاصةً في حال الأندية الموجودة في أسواق تلفزيونية كبيرة”.

وتابع: “من عدة جوانب هناك خطر في التدقيق أكثر من اللازم في الاتجاهات السائدة الأخيرة، وافتراض سير الأمور بالشكل نفسه دائمًا.. ليس من المستحيل أن نشهد نهضة أو ظهور منافسين جدد للأندية الراسخة”.

وأضاف أنه ليس من المستحيل أن يحول مستثمر خليجي أو صيني أياكس إلى ناد عالمي، وأردف: “الأمر نفسه ينطبق على بنفيكا أو بورتو”.

وفي الوقت نفسه، عانت الأندية في شرق أوروبا من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقتها.

وقال سيمانسكي عن ذلك: “واحدة من المشاكل هي أن طفرة عائدات البث التلفزيوني تزامنت مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكك يوغوسلافيا”.

وأضاف أن استقرارًا اقتصاديًا أكبر قد يؤدي إلى “استثمار واسع النطاق”.

وتابع: “حجم المال في كرة القدم بروسيا كبير حقًا.. لا نستبعد أن يتمكن فريق روسي من المنافسة على أعلى مستوى مع الأندية الاوروبية الكبرى (في الغرب)”، وفقًا لما ذكرته وكالة “رويترز” للأنباء.

شكرا للتعليق على الموضوع