أزمة الخليج تحد يبرز وزير الخارجية الأمريكي كـ”مفاوض”

تشكل الأزمة القطرية أول تحد لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون وفرصة للاستفادة من شبكة علاقاته الشخصية الواسعة في المنطقة نظرا لنفوذه الواسع في قطاع النفط.

ولكن رغم أن تجربته السابقة كمدير تنفيذي لمجموعة “آيكسون موبيل”، النفطية تخول تيلرسون القيام بدور جيد في هذا المجال، إلا أن أمامه معوقا واحدا محتملا يتمثل بالمسؤول عنه ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وفيما اعتُبر أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لفرض السعودية وحلفائها “حصارا” جويا وبريا على جارتها الغنية بالغاز، دعا تيلرسون إلى إنهاء الحظر وإعادة العلاقات إلى طبيعتها.

وبإمكان هذا الاختلاف في التوجه تعقيد مهمة وزير الخارجية، في أفضل الحالات. إلا أن أصدقاءه في واشنطن يرون أن خبرته في المنطقة الغنية بالنفط تجعل منه الرجل الأنسب للقيام بالمهمة.

ويصر جيمس جيفري، وهو دبلوماسي رفيع سابق عمل كذلك مستشارا لتيلرسون في “آيكسون موبيل”، على أنه “إن كان بإمكان أي شخص القيام بهذه المهمة، فإنه هو”.

وفي وجه ذلك، يوفر النزاع الدبلوماسي في الخليج الغني بالنفط والغاز جميع الأجواء المواتية لوقوع كارثة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تأتي في أسوأ وقت ممكن.

وفي وقت متأخر من الشهر الماضي، قام ترامب بما بدا حينها زيارة مظفرة إلى الرياض لتوحيد أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة ضد التدخل الإيراني والتطرف.

ولكن بعد أسابيع فقط في الخامس من يونيو، قطعت كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع قطر، متهمة حكومتها بدعم المجموعات الإرهابية.

وتسبب ذلك بخلاف بين الدول التي تستضيف معظم القوات الأمريكية في المنطقة، تركيا وقطر والكويت والعراق، وباقي حلفاء واشنطن الرئيسيين.

– مقاتلات لقطر – ولا يمكن لما يحدث إلا أن يقوي شوكة إيران، التي تواجه المصالح الأمريكية والسعودية عبر عمليات خفية وحروب بالوكالة في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

وفي أول ردود فعل له على الأزمة، أشاد ترامب بموقف السعودية بمحاربة تمويل الإرهاب واتهم قطر بدعم التطرف “على مستوى عال”.

ولكن تيلرسون الذي طلب من البيت الأبيض المساعدة في نزع فتيل الأزمة اتخذ مسارا مغايرا بدا هذا الأسبوع وكأنه يحقق تقدما فيه.

فيوم الثلاثاء، بعدما ألغى وزير الخارجية زيارة إلى المكسيك وقضى يومين على الهاتف، أصدر بيانا قويا استهدف الرياض وأبوظبي وليس قطر، رغم أنه أوضح من خلاله أن على جميع الدول بذل مزيد من الجهود لوقف تمويل الإرهاب.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هيذر ناورت، للصحفيين إن واشنطن “مندهشة” حيال فشل السعودية والدول المتحالفة معها في تقديم تفاصيل بشأن اتهاماتها ضد قطر.

وأضافت: “كلما مر الوقت، ازدادت الشكوك بخصوص الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات”.

وتساءلت: “هل هذه الإجراءات نابعة بالفعل من قلق إزاء دعم مفترض من قطر للإرهاب؟ أم أنها نابعة من خلافات قديمة في أوساط دول مجلس التعاون الخليجي؟”.

وشكلت التصريحات إشارة واضحة إلى أنه، رغم خطاب ترامب، فإن واشنطن الرسمية تتهم السعودية بتصعيد خلاف لا طائل منه.

وليست تلك الإشارة الأولى من نوعها الصادرة عن فريق ترامب للأمن القومي، الذي يحاول عبر تحركاته أن يطغى على مواقف الرئيس.

وقبل أسبوع، وقع وزير الدفاع جيم ماتيس اتفاقا بقيمة 12 مليار دولار لبيع قطر، التي يفترض أنها تمول الإرهاب، مقاتلات أمريكية من طراز “إف-15”.

– قائمة مطالب – وإن لم تكن هذه إشارة كافية، قام بما هو بالنسبة له ظهور نادر أمام الصحفيين لحث السعوديين على “تخفيف” القيود المفروضة على قطر.

ولكن هل ستصغي السعودية والإمارات لوزارتي الخارجية والدفاع وتسعيان إلى التوصل إلى اتفاق لحفظ ماء الوجه وإعادة توحيد الحلفاء؟ أم ستستمعان إلى ترامب الذي أشاد الأربعاء بالملك السعودي “لمحاربته الدول التي تمول الإرهاب”؟

ويقول جيفري، الذي كان مستشارا لدى البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن والذي يعمل حاليا كباحث في معهد سياسات الشرق الادنى في واشنطن، “أعتقد أنه يقوم بعمل جيد ويعرف الجميع. يعرف السعوديين والقطريين بشكل جيد جدا”.

أ ف ب

شكرا للتعليق على الموضوع