بعد اغتيال طالب في عدن .. العلمانيون في اليمن يعيشون في خوف
توقف المسلح برهة بعد أن دخل مقهى الإنترنت في مدينة عدن اليمنية واقترب من أمجد عبد الرحمن ثم ضغط الزناد ثلاث مرات.
سقط طالب الحقوق البالغ من العمر 22 عاما العضو في ناد ثقافي أنشأه علمانيون يحتضر بينما لوح المسلح بالمسدس مهددا قبل أن يتراجع خارجا من المقهى. ثم سار مبتعدا دون أن ينبس بكلمة.
لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن حادث الاغتيال الذي وقع في 14 مايو/أيار في وضح النهار في حي الشيخ عثمان.
كان الهجوم اعتداء سافرا حتى بمعايير مدينة تشهد حالة من الفوضى في حرب أهلية تدور رحاها منذ أكثر من عامين.
ويشتبه الأصدقاء أن عبد الرحمن لقي مصرعه برصاص متطرفين إسلاميين يقولون إنهم يشنون حملة على العلمانيين المتهمين بنشر رسالة معادية للإسلام أو بالإلحاد.
ويخشى بعض اليمنيين أن يكون حادث الاغتيال نقلة جديدة في هذه الحملة بعد مرور ما يقرب من عامين على قيام مقاتلين محليين يدعمهم تحالف بقيادة السعودية بطرد قوات الحوثيين المتحالفة مع إيران من المدينة الجنوبية.
ولم يرد عبد العزيز المفلحي محافظ عدن والمسؤول عن قوات الأمن المحلية والمتحدث باسم الشرطة في المدينة على طلبات من رويترز للتعليق على هذه القضية.
غير أن جنودا من قوة أمنية محلية تضم إسلاميين سلفيين منعوا دفن جثة القتيل في مقابر المدينة.
وقالت صديقة لعبد الرحمن طلبت إخفاء هويتها خشية استهدافها “قالوا إنه ليس مسلما”.
وأضافت “اضطرت أسرته لنقله إلى مقبرة أخرى بعيدا عن المدينة”.
*النادي الثقافي
تمزق اليمن في الحرب الأهلية بين الحوثيين وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي يدعمها التحالف الذي تقوده السعودية.
ورغم أن علمانيين شكوا مما يتعرضون له من مضايقات في مناطق أخرى من البلاد فلم يسبق أن تحدث أحد عن سقوط قتيل بسبب أفكاره العلمانية.
كان عبد الرحمن عضوا في ناد ثقافي أسسه طلبة علمانيون ومثقفون عام 2016 وسرعان ما تعرض لضغوط لخروجه على المحظورات في المناقشات العامة في موضوعات مثل الدين وحقوق المرأة والأدب.
وقبل بضعة أسابيع من مقتل عبد الرحمن في حي الشيخ عثمان السكني الذي تسكنه الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة وتنتشر فيه المباني الخرسانية منخفضة الارتفاع والبيوت على جانبي طرق متربة قام عبد الرحمن بإدارة ندوة استضافها النادي المعروف باسم الناصية عن أوضاع المرأة العدنية.
وانقسمت الآراء فيما دار من مناقشات في عدن التي كانت في وقت من الأوقات عاصمة لنظام الحكم الماركسي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل اندماجها مع اليمن الشمالي عام 1990.
وليست هوية خصوم النادي مستترة غير أن تنظيمي القاعدة وداعش المتشددين المعاديين للغرب استغلا الحرب الأهلية للعمل في تحقيق أهدافهما في جنوب اليمن.
وقد اعتقل عبد الرحمن في قاعدة عسكرية بأمر قائد عسكري واتهم في ديسمبر كانون الأول الماضي بأنه ملحد. وأفرج عنه بعد أيام غير أن أصدقاء قالوا إن الحادث أقنع أسرته بكتم شكاواها.
وقالت صديقة عبد الرحمن “الأسرة لا يمكنها مجرد التفكير في التوجه إلى سلطة ما أو طلب القصاص له”.
قال عضو آخر في النادي اسمه محمد علي إن شخصا ما حاول قتله في 29 ديسمبر كانون الأول من العام الماضي. وهو يعيش الآن في الخارج.
وقال علي “بدأ الأمر عندما تحدث الأئمة في المساجد عنا علانية ووصفونا بالكفار واتهمونا بنشر الإلحاد”.
وحسب بيان أصدره النادي بعد مقتل عبد الرحمن كان السجن مصير آخرين. ويخشى بعض السكان أن يكون متطرفون دينيون تسللوا إلى صفوف قوات الأمن الجنوبية لزعزعة استقرار عدن.
وقال علي إنه تلقى تهديدات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ومكالمات هاتفية بعد أن نشر كتابا عن الإسلام والعلم سعى فيه لإثبات أن بعض ما ورد في القرآن “خطأ من الناحية العلمية”.
وأضاف “في شارع مظلم خرج رجل من سيارة وأطلق النار تجاهي مرتين. ولا أعرف حتى الآن كيف أخطأ إصابتي”، وفقًا لما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء.