يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شاهدت فيلما قد رشحته لى ابنتاى، مؤكدتان لى انه يستحق المشاهدة واننى لن اندم .. فهم يعلمان جيدا انى اكره أن اضيع وقتى ،حتى وان كان وقت فراغى ،هباء فى شئ بلا قيمة !!

كان الفيلم بعنوان “ليسن تو يور هارت” اى “استمع الى قلبك” فحفذنى اسم الفيلم ان اشاهده واستمع اليه بقلبى !! ويا له من استماع.. فقد تدفقت العبارات الرائعة الخلابة تباعاً منذ المشاهد الاولى له، فكنت اتوقف عندها واعيدها مرات ومرات على مسامعى،كمن يتذوق قطعة حلوى شهية للمرة الأولى فيتركها داخل فمه لبعض الوقت !!

افتتح الفيلم بعبارة من البطل”اغنية واحدة قد تغير حياتك” !! وعرفت انى سانتظر لأرى ماهى الاغنية التى ستغير مجرى حياته ؟!!

دارت قصة الفيلم حول شاب يدعى”دانى” يعمل نادلا فى احد المطاعم، و كان يدخر بعض المال من راتبه ليتمكن من شراء اجهزة تسجيل موسيقى حيث انه كان عاشقا للموسيقى

فكان يسخر منه صديقه و يعتبر ذلك إهدارا للمال!!

الا ان “دانى” وافاه باجابة بسيطة ” هذا الجهاز قد يخلد ذكراك بعد أن تكون قد تركت هذا العالم لأعوام طويلة …. فابتسمت لانه راودنى شعور قوى انى مقبلة على فيلم قوى …. فكم منا فى هذه الحياة يمتلك مثل هذا الفكر.. يعيش من أجل ان يخلف وراءه شيئا قيما، يخلد به ذكراه امد الدهر، داخل اذهان الاخرين!!

ثم يلتقى بفتاة تدعى “أريانا” او “سام” (كما كان يدعوها والدها) اتت بصحبة والدتها لتناول الغداء فى المطعم الذى يعمل به فتلفت نظره و يعطيها رقم هاتفه …

يمر اسبوعان ثم تعود لزيارته حينها يعرف انها صماء …

ولكن هذا لا يغير شئ فى نواياه فقد اعجبته وقضى الامر !!

يدور بينهما حوار استوقفنى فيه ثالث عبارة رائعه فى هذا الفيلم حين علمت بحبه للموسيقى فسالته ” هل تريد ان تكون موسيقيا مشهورا!؟” فأجاب على الفور دون تفكير ” لا لا… بل أريد ان تكون موسيقاى مشهوره”

كم هو رائع ان نرغب فى ان تمجد اعمالنا بدلا من نمجد نحن … يمجد الصنيع وليس الصانع

تتوالى الأحداث وتتوطد العلاقة بينهما فتتكرر اللقاءات …

فتأتي العبارة الرابعه الملهمه فى احد المشاهد، حين يسأل الأستاذ طلابه فى احدى المحاضرات سؤالا فلسفيا” اذا سقطت شجرة كبيرة فى الغابة ، ولا يوجد احدا ليسمعها فهل تحدث صوتا!

فتأتى اجابة اريانا العبقرية” تعتمد الاجابة على تعريف الصوت ، فاذا كنا نعنى تعريف الصوت فيزيائيا اى حدوث ذبذبات وموجات صوتية ، فالاجابه نعم يحدث صوت… اما اذا كان تعريف الصوت تعريفا عقليا، اى وجود من يتفاعل و يشعر بالصوت، فلن يحدث صوت”

قمة العبقرية ،،، هل فكرنا هكذا يوما … هل تفتق الى اذهاننا اننا قد نتكلم و نبوح ونملأ الكون صخباولا يشعر بنا احد كاننا لم نحدث اى صوت !!!

وهل تخيلنا العكس ، ان نصمت كليا ولكن قد يكون هناك من يشعر بنا فيسمع حديث صمتنا”

اعتقد لو انها لم تكن صماء لما توصلت الى تلك الفلسفة!!

ثم يجمع بينهما حوار آخر حول مستقبلها، فتذكر انها تنوى العمل بمكتب محاسبة، فيشكك فى ان تكون تلك رغبتها الحقيقية، فتعترف انها كانت تحلم منذ الطفولة بان تعزف الموسيقى فى حفلة موسيقية كبيرة

فيخبرها “وما المانع ،، هل بسبب حالتك..انت تخافين من نفسك ..تفوتين فرصة ما قد يكون الاجمل لانه الاصعب.. تخافين مما تستطيعين إنجازه”

كم منا يفعل نفس الشئ ، يسلك الطريق الاسهل تخوفا من الاصعب!

وتتوالى الأحداث و تفرق الام بينهما بدهاء، الا ان سرعان ما تكتشف سام الحقيقة وتواجه أمها فى مشهد رئيسى ومحورى فى الفيلم …

حيث تنطق لأول مرة و تنفجر فى وجه امها ” لن أكمل دراسة المحاسبة و سأدرس ما احب..الموسيقى …

كان دوما يحلم وانا مثله احلم … ولم لا فالاحلام تتحقق فقط اذا حاربنا من أجلها”  …

صحيح … الاحلام تتحقق اذا حاربنا من اجلها ولكن كم منا يمتلك الشجاعة ليحارب !!!

وكم لدينا من الوقت لنحارب!! سؤال تسلل الى عقلى حين صعقتنى المفاجأة .. اصابة دانى بورم خطير فى المخ تاركا له بضعة أشهر للحياة !!وتذكرت عبارته ” العمر قصير جدا، اقصر من ان نهدره …

وهنا انهالت دموعى واوقفت الفيلم فلم استطع التقاط انفاسى من قسوة مشاهد تقيئه و سقوط شعره و ذبلان وجهه و انخفاض وزنه …

ثم عاودت المشاهدة ، لأجد دانييل يقرر الخروج من المستشفى مع صديقه ، قائلا ان وجب عليه فعل شئ اخير….. اخذ كل ما كان قد ادخر من مال و أعطاه لبائع الجرائد الذى احترم فيه بيع الجرائد بدلا من التسول !!! مثال رائع للعطاء … ان نظل نعطى دون توقف حتى النهاية …

أما صديقه فذهب و اشترى له اجهزة التسجيل التى حلم دوما باقتنائها… مثال رائع للصداقة الحقيقية ثم رحل دانييل ،خالفا وراءه اعظم صنيع …

صديق يحب الحياة ، صاحب مطعم ناجح، بائع جرائد سعيد ، حبيبة اتجهت لدراسة الموسيقى …

كان دانى مثل مقطوعة الموسيقى الجميلة و الاغنية الساحرة التى بدلت حياتهم جميعا … فظل خالدا فى وجدانهم بأعماله الخيرة و عطائه ، تماما كما تمنى فى اول مشهد بالفيلم

كان أغنية فريدة النغمات ، جعلتهم يقدرون قيمة الحياة و يستمعون لنغماتها بقلوبهم بدلا من آذانهم

فسر جمال الحياة يكمن فى ان نسمعها بقلوبنا …

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة : 

ابتسم وودع اللى فات وبص لقدام …

استمتع بمشاهدة الفيلم كاملا كما استمتعت “دينا ابو الوفا”

شكرا للتعليق على الموضوع