رضا عبد السلام يكتب : الصعيدي…جاني أم مجنيا عليه؟!

اتخذ البعض من تصريح اللواء ابوبكر الجندي وزير التنمية المحلية الجديد…وقبل أن بقول بسم الله الرحمن الرحيم..سبوبة للاتجار بآلام وهوم المصرية..

هذه كالعادة هي رسالة اغلب من يعملون في الحقل الاعلامي في مصر ولا اقول الاعلاميين لان الاعلامي الحق والمحترم لايفعل ما يفعله اغلب الارزقية في الفضاء المصري..

ماعلينا…ما اود قوله هو ان اللواء ابو بكر الجندي شخصية شرقاوية راقية للغاية، وفلاح اصيل، جلست معه اكثر من مرة، وادعو الله ان يعينه على هذه المهمة الشاقة في هذا التوقيت الشاق وسط هؤلاء الارزقية الذين يجعلون العمل العام اكثر مشقة…هؤلاء الأرزقية نصبوا من انفسهم جلادين وخبراء عصرهم وأوانهم وأغلبهم يخجل الجهل أن يوصفوا به.

والحقيقة المرة…هي أن الاشقاء من أبناء الصعيد هم اكثر ابناء مصر معاناة…فقد تعرضوا على مدار عقود طويلة لاهمال وتهميش وتجاهل من خطط وبرامج التنمية…

لقد تحول الصعيد في وقت من الاوقات بل على مدار العصور لصندوق نفايات وسلة مهملات مصر…فالمعلم المقصر يتم نفيه الصعيد…والضابط المخطيء يتم نفيه للصعيد…هكذا تعاملت الدولة مع صعيد مصر كسلة نفايات على مدار السنوات الغابرة الماضية (إلا من رحم ربي)….أتمنى ان يخالفني احد بالحجة في هذا الأمر.

طبيعي مع غياب الخدمات والمشروعات وفرص العمل انا يتحول صعيد مصر الى أرض ومكان طارد لابنائه…ولهذا شهدنا خلال العقود الغابرة من العهد غير المبارك هجرة الملايين من ابناء الصعيد سواء لشمال مصر والدلتا او لخارج مصر…

وهنا تحضرني مقولة الليمبي “واحد صاحبة علي علوكة واشرف كخة عايزه يطلع أيه…طيار؟!! هكذا الصعيد…ماذا تنتظر من أهل الصعيد بعد ان ضاقت عليهم الأرض بما رحبت؟!! هل نلومهم أم نلوم من أهملهم؟!!!!

رضا عبد السلام يكتب : في ذكرى 25 يناير…العيد عندي 3 أعياد!!

شبابنا الصعايدة يقضون حياتهم بعيدون عن ذويهم، ملقون في شوارع الدلتا فيما يشبه سوق الرجال، (وكلنا نرى هذا المشهد المحزن في مدننا الكبرى) ينتظرون في لهفة لمن ينظر إليهم، ليطلبهم لكسر جدار او لحفر ارض او لرفع رمال او طوب…الخ…

هؤلاء هم أبناء صعيد مصر، الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعافا، وزوجات وأمهات، في حين ينعم إبن الدلتا والقاهرة متلحفا في كنف أسرته وإطلالة وجوه أطفاله…كل هذا حرم منه الملايين من شباب الصعيد خلال العقود الغابرة..على الأقل لم يسعد أغلبهم بطفولة ابنائهم….وبعد ذلك يلومهم احد او نتألم من مشهد جلوسهم في شوارع مدننا؟!!

كان طبيعيا ان يتجمع هؤلاء المهاجرون في الصعيد بالمناطق الفقيرة وتكوين غحزمة خطيرة في محيط المدن الكبرى كالقاهرة وغيرهت…هل تنتظر منه إن يهاجر طربدا من الصعيد بحثا عن الجنيه ويسكن في التجمع او الزمالك؟! أين العقل؟!…وبالتالي حدث ما حدث وعايشنا ما عايشناه من مشكلات وازمات اجتماعية وجنائية…الخ.

السؤال: هل الصعيدي جاني ام مجني عليه؟!!

انا اتكلم هنا بلغة العلم وليس لغة اصحاب السبوبة في فضائيات الدمار الشامل!!

قطعا الصعيدي مجني عليه ويستحق اعتذار ابدي عن تجاهل الحكومات المصرية المتعاقبة لمشكلات صعيد مصر…بل واهماله في خطط التنمية…واذا اردت دليلا قارن بين المخصصات السنوية لمحافظات الدلتا ومحافظات الصعيد في الموازنة وخطط التنمية؟

لا تقول لي طبيعي ان تكون القاهرة والمحافظات ذات الكثافة السكانية العالية هي صاحبة نصيب الاسد!! هذا خطأ فادح ارتكبته الحكومات المصرية المتعاقبة خلال العقود الغابرة.

ازمة الصعيد ليست ازمة صنعها ابناء الصعيد ولكنها ازمة سوء…بل غياب التخطيط والتنمية غير المتوازنة…

نعم تنمية غير متوازنة…يدرس تحت اشرافي طلاب للدكتوراة في انعكاسات غياب التنمية المتوازنة على على الهجرة الداخلية والخارجية والمشكلات الاجتماعية كالبطالة والجريمة بكافة صورها.

الحمد لله…بدأت الدولة المصرية في الالتفات مؤخرا للصعيد وأهله من خلال مشروعات كبرى وخدمات حقيقية…هذا هو ما سيحفظ كرامة مواطن مصر الصعيدي ويدفعه للاستقرار في بلده وبين أحبائه وأقرانه وبكرامته.

فرب ضارة نافعة…ليت الدولة تولي الصعيد وأهله اهتماما أكبر ، من خلال خطة محكمة وواضحة المعالم والأهداف لتنمية الصعيد…عندها لن يفكر صعيدي للحظة في مغادرة بلده وناسه…فالصعيد كله خيرات ولكن تنقصه الخدمات والاستثمارات والمرافق…

لنشجع القطاع الخاص (الوطني والأجنبي) على الاستثمار في الصعيد، من خلال حوافز اضافية تفوق تلك التي يحصل عليها في الدلتا…اذا ما حدث هذا ستستريح المدن الكبرى من هذه الأحزمة الخطيرة وسيستريح ويعزز ابناء الصعيد بل سيصبح الصعيد نقطة جذب للعمالة من الدلتا وليس العكس.

حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء.

بقلم ا.د : رضا عبد السلام محافظ الشرقيه السابق

اقرأ للكاتب : 

شباب بسمة أم شباب القهاوي؟

شكرا للتعليق على الموضوع