نانسى فتوح تكتب: مشــروع الــزواج

كثيراً ما نسمع قول الله تعالى في الآيه الكريمة ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل بينكم مودة ورحمة “في كروت الزفاف .. ولكن هل وقف أحد منا ليتأمل تلك الآية ليدرك معناها الرائع الرباني الذي أراده المولى عز وجل حقا وفهمها جيدا وطبقها وجعلها منهج الحياة؟

غالباً مانفهم تلك الآية خطأ ونفسرها على أن الزواج هو عادة تربط بين الرجل والمرأة وفقا للعرف والتقاليد فقط، وعلى أساس أن الزواج هو سنة الحياة لا أكثر، ونجعل محور حياتنا بعد الزواج يتمحور حول كيفية مسايرة الأيام ومواكبة الحياة من توفير متطلبات العيش من مأكل وملبس ومأوى إلى جانب محاولة كل من الطرفين التربص والتصيد لأخطاء الأخر والتجهيز للتصدي لأي هجوم منه سواء أكان من طرف الزوج أو الزوجة وكأنها حرب ..!

ولكن ما أن نفهمها جيداً نجد أن تلك الآية تدعو إلى الرحمة والمودة بين الزوجين وتودد كل منهما للآخر، فالله جعل لهذه الزوجة قلباً حنوناً رؤوف يحنو على قلب زوجها، كما جعل الله الألفة بين الزوجين كي يستطيعا التعايش مع بعضهما، فلولا هذه الألفة لما استطاعا العيش سوياً ..

 فكيف يتفقان ويتحمل كل منهما الآخر لولا هذه الألفة .. فأغلب الأزواج يكونوا غرباء عن بعضهم وليس بأقارب فكيف يتقبل كل منهما الآخر ويقبل أفكاره وطباعه، ويتغاضى عن سيئاته وعيوبه، فتلك الألفة التي خلقها الله بينهما هي التي تجعلهما يتغاضيان عن أي شئ يعوق حياتهما ويدفعوا بمركب الحياة الزوجية الى الأمام لترسو الى بر الآمان.

دراسة: الزواج ينجي مرضى القلب!

   وعند الوقوف لقوله تعالى ” وجعل لكم من أنفسكم” هي دلالة قوية على مدى قرب المرأة من قلب الرجل ونفسه، فلقد خلقت من نفسه، فقد خلق الله تعالى حواء من نفس آدم وضلعه وذلك لتظل دائما قريبة من قلبه ويكون حنونا عليها فهي أقرب الخلق إليه، فالزوجة هي مسكن الرجل، وملاذه عند الشدائد والأزمات، فهو يجدها تحنو عليه بعد عناء العمل لتلاطفه وتخفف عنه أعباء الحياة.

ولكن مانجده الآن من حياة مأسوية للأسف أنه لم يعد الطرفان يسعى كل منهما لإرضاء الآخر والبحث عن سعادته، فالزوج بعد انقضاء الشهر الأول من الزواج أو ما يطلق عليه شهر العسل الآن وهو حقيقة قد لا يتعدى بضعة أيام، بعده يبدأ الزوج في التعايش على أن الزوجة أصبحت ملك يديه الآن وبالتالي لا يكترث لمشاعرها ولا أرائها ويبدأ في إهمالها، والزوجة أيضا تبدأ بالانشغال والتفكير في أمور البيت والأولاد والحمل، ولا تكترث له ولا لراحته وبالتالي تصعب المشكلات بينهما وقد تصل في بعد الأحيان إلى الطلاق، ولا يتأذي سوى الأولاد بينهما ويصبحا وكأنهما عدوين لا رحمة بينهما ولا رأفة..!

ولكن يجب أن نفرق بين الحب الدائم والشهوة المؤقتة .. فالشهوة تنبع من عين طينية مادية والحب ينبع من عين نورانية صافية، فالحب الذي ينقلب بسرعة من غرام ملتهب إلى كراهية ملتهبة هو الحب الشهواني الأناني الضيق الأفق ..

الزواج يقلل فرص الإصابة بالخرف

فالحب، والعقل، والتكافؤ الاجتماعي، والتفاهم بين الطرفين، والعطاء الغير متناهي والثقة والصدق بينهما والصراحة والوضوح هم أساس العلاقة الزوجية، وليس كما يحدث الآن أن تعتمد الفتاة على الماديات الشكلية فقط، فكثيرا من الفتيات لا تتبع قول الرسول صلوات الله عليه وعلى آل بيته ” من ترضون دينه وخلقه” ولا لعقل الرجل ولا لقلبه، ولكن تنظر إلى السطحيات المادية التي سرعان ماتنهار بسبب وجود “الفجوة” وهي عدم وجود التوافق الروحي والانسجام بينهما والتكافؤ العقلي والاجتماعي .

ورغم تحفظ المجتمع المصرى على الطلاق بشكل عام، ونظرته القاسية للمرأة بشكل خاص، إلا أن إحدى الدراسات أكدت وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق فى مصر..!

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه : ما هي أسباب هذه النسبة المرتفعة من الطلاق بمصر؟!.

هل السبب الأحلام الوردية التي يتوقعها كل طرف متناسين أعباء الحياة الزوجية ؟

أم أن السبب يرجع إلى أن كل طرف من الزوجين يريد فرض شخصيته على الآخر وتطبيعه بطبعه دون تفهم للفروق الشخصية بينهما !.

قد يكون السبب نسيان المرأة لأنوثتها في زحمة مشاكل الحياة والعمل ومحاولتها أن تكون نداً للرجل . وربما يكون السبب أن الزوج الشرقي يعتقد في بعض الأحيان أن الصوت العالي والإهانة للزوجة يجعل منه رجلا متحكما في زوجته وفي أمور بيته.

فالرجولة تكمن في تحمل المسؤولية واحتواء الزوجة وحمايتها وليس قهرها والتحكم بها، مع أهمية محاولة الزوجين على حل مشاكلهم بعد الزواج بهدوء وبالتوصل إلى حل يرضي الطرفين مع ضرورة إعلاء قيمة التسامح بينهما.

فالحفاظ على الحب ليس أمر سهل ولكن يحتاج لبذل مجهود من الطرفين ليعيشا في حب دائم.

فالزواج ليس نجاحاً لأحد الزوجين على حساب الآخر لأنّ الزواج شركة مشاعة، فإمّا أن يربحا معاً، أو تنهار الشركة على رأسيهما معاً،  فيجب عليهم أن يتحدوا كل الظروف والمصاعب التي يقابلونها خلال رحلة الحياة بكل فصولها الأربعة، فبالصبر والحب والاستعداد النفسي يستطيعوا أن يواجهوا الشتاء القارس بكل عواصفه ورياحه وأمطاره دون خسائر.

وهنا .. تكون الحكمة في إدارة أزمات الحياة التي تمر على كل زوجين لأن الحياة مليئة بالتحديات التي نستطيع تجاوزها بعدم الوقوف في وجه العاصفة بل بمسايرة التيار وحل المشاكل بهدوء من أجل النجاح والنجاة .

اللهم امنح كل زوجين الحكمة ورجاحة العقل في إدارة الاتجاه السليم لزمام الحياة الزوجية، والاستقرار والمحبة الدائمة مدى الحياة.

اقرأ للكاتبة : 

آمال .. وعتبة عام جديد

شكرا للتعليق على الموضوع