في مخابئ الغوطة الشرقية.. سوريون ينتظرون القنبلة التالية في رعب
قالت وكالة أنباء “رويترز″، اليوم الاثنين، في تقريرًا لها، إنه في الوقت الذي يتغلغل فيه الجيش السوري في عمق الغوطة الشرقية تحت القصف المتواصل، تكتظ الأدوار السفلية بالمدنيين من سكان المنطقة الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 400 ألف قابعين في الظلام تحت سيل القنابل المنهمر.
وأضافت الوكالة: “تحت أسقف منبعجة تنتشر فيها الشروخ من شدة الضربات الجوية السابقة يعلق السوريون ملاءات لتقسيم المساحة لأسر بأكملها”.
ونقلت الوكالة عن رجل في مخبأ بمدينة دوما أكبر المراكز العمرانية في الغوطة، قوله: ”إحنا في الغوطة الشرقية ومضطهدين، والقصف علينا من فوق ومن جميع أنواع الأسلحة، وصرنا هاي سادس عشر بيت ننتقل منه من بلد لبلد، من كل الغوطة فتلناها (جبناها)، كل ما نروح ع مطرح بينقصف علينا”.
وأضافت الوكالة نقلًا عن الرجل: ”امبارح ست قذائف وغارتين على ظهر البناية اللي قاعدين فيها تحت القبو ومطبش ومبين الصورة كلها مطبشة. يعني ما بينقعد نهائيا، يعني ما خرج الواحد يحط جاج فيه (لا يصلح ليضع فيه أحد دجاجا)“.
وقال آخر: ”300 واحد بدون حمام“. ولم يشأ مثل الآخرين أن يذكر اسمه خوفًا من الانتقام منه مع محاولة الجيش استعادة الجيب من المعارضة.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا أقوى حلفائه، إن الهجوم على الغوطة ضروري للقضاء على حكم مقاتلين إسلاميين للمدنيين في الجيب ولمنع إطلاق قذائف المورتر على دمشق القريبة.
غير أن شدة الهجوم، الذي يقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه تسبب في مقتل 1160 شخصا في ثلاثة أسابيع، قوبلت بالتنديد من دول غربية وأطلقت نداءات من وكالات تابعة للأمم المتحدة تطالب بهدنة إنسانية.
بدأ الهجوم بعملية قصف من أعنف ما شهدته الحرب الأهلية باستخدام الطائرات وطائرات الهليكوبتر والمدفعية تلقي بسيل شبه متواصل من الصواريخ والقنابل والقذائف.
واستهدف الهجوم منطقة محاصرة منذ عام 2013 تسبب نقص شديد في الغذاء والدواء فيها في انتشار سوء التغذية الحاد والأمراض.
وبعد أن بدأ تساقط القنابل قبل ثلاثة أسابيع خاف الناس من مغادرة المخابئ ولو للبحث عن شيء من إمدادات الطعام القليلة الباقية.
*الأطفال
كان المخبأ يقع في دورين سفليين تحت الأرض وقد امتلأ عن آخره بالناس. انتشر فيه الأطفال الصغار يثرثرون ويلعبون في ممرات أشبه بالمتاهة بين الملاءات المعلقة.
أما داخل غرف الملاءات فكانت مراتب وبطاطين تنتشر على الأرض. كان البعض يحاول أن ينام. وفي أحد الأركان جلس رجل في انتظار وصول أحد رجال الإسعاف لعلاج الجروح التي أصيب بها في هجوم سابق.
كانت جروح طولية ظاهرة على كتفه وفوق رأسه وقام رجل الإسعاف بتطهيرها.
وساعد الأطفال الصغار في غسل الصحون بشطف الأطباق المصنوعة من صلب لا يصدأ بمياه غير نظيفة من وعاء صغير.
ففي مثل هذه الظروف تتزايد صعوبة الحفاظ على النظافة العامة.
ومن ركن آخر في المخبأ جاء صوت رجل ينادي على أم صبي لوث نفسه وهو أمر قال الناس في المخبأ إنه ازداد شيوعا مع انتشار الخوف.
كثيرون من القابعين في مخابئ دوما فروا من مناطق أخرى في الغوطة وبعضهم تكرر فراره هربا من الخطوط الأمامية المتغيرة.
وفي الأيام الأخيرة وصل عشرات الآلاف إلى المدينة فرارا من التقدم السريع الذي أحرزه الجيش السوري.
وقالت امرأة في المخبأ: ”نحنا كتير كتير تعبنا هون، كتير كتير بمأساة كبيرة، راحت أراضينا وبيوتنا وأولادنا، ابني استشهد وجوزي (زوجي) مصاب صار له أربع سنين…وراح كل شيء لنا بس بدنا الله يفرجها علينا، بدنا الفرج إحنا العاجل، نطلب من رب العالمين الله يفرجها علينا،وادعوا لنا“.
وفوق الرؤوس ظهرت في السقف أسياخ الصلب في الشروخ الكبيرة والتواءات السقف الخرساني الذي بدأ عليه أنه يوشك على السقوط فوق رؤوس سكان المخبأ المرعوبين عند أي انفجار جديد في الجوار.
وقالت المرأة: ”أي حدا بيسمع هيك الأطفال السوريين، أطفال الغوطة اللي تخلت عننا العالم كلياتها، الدول العربية، بدنا بس الفرج من رب العالمين، تعبنا كتير نحنا، كتير تعبنا هون، ادعوا لنا، ادعوا لنا بالفرج“.