حكايات فى الفن : مسرحية المكان في عروض فرقة مسرح الثعبان
فرقة الووستر كروب تعتمد على جماليات مغايرة متخذتا من التشفير الصوري والتفكيك ارتكازا رئيسا لعروضها ، معتمدتا على رهانات التأويل والتفسير لدى المتلقي ، اذ تحولت الصورة في عروض هذه الفرقة الى تشضيات متعددة على مستوى النص والعرض في ان واحد .
لذا تميزت أعمال فرقة ( الووستر كروب ) بتعدد الطروحات الفكرية والجمالية في العرض المسرحي مما جعلها أكثر استيعاباً للمعلومات المقدمة، فكانت عروضها اكثر قابلية على التأويل اذ حرصت “الفرقة” على طرح أعمالها في إطار يجعلنا نتشكك في استقلالها عن بعضها ..
إن إعادة استخدام مادة فنية سابقة ، تم تناولها من قبل ، من شأنه أن يكثف الصراع بين النصوص المختلفة ويجعل من عملية التأطير عملية تكتنفها المخاطر لا يمكن التنبؤ بنتيجتها أو ما ينجم عنها من مفارقات ، ومن ثم استخدام فرقة ( الووستر كروب ) لهذا الأسلوب يجعل عروضها تولد قراءات عديدة متصادمة ، ومع تكاثر القراءات وتنوعها تدخل هذه العروض في صراع مع بعضها البعض ،إذ لم تعتمد الفرقة على نص محدد ، مستخدمة كولاج تجميعي من حياة سبالدينج جراي .
إذ قام بتأليف العروض” جراي نفسه والمخرجة اليزابيث لوكومبت ، على شكل ثلاثية تحت عنوان ( ثلاثة أماكن رود ايلاند) والتي تتكون من صور سيريالية مستمدة من ارتجالات الفرقة وتتضمن مادة أكثر حرفية مثل تسجيلات وشرائح مصورة لأقارب جراي ..
يقول جراي : إن جميع أعماله صنعت لكي تشبع احتياجاته الشخصية فمسرحية (نقطة ساكونيت ) جاءت من حاجته إلى التفكير في طفولته ، و(طريق رامستيك ) من انتحار أمه ، وحاجته لأن يكون لديه أولاد في مسرحية ( مدرسة نايات) .
تميزت أعمال فرقة (الووستر كروب) ولاسيما المخرجة (اليزابيث لوكونت ) باعتمادها على الحركة والسينوغرافيا في عروضها المسرحية فضلاً عن تميزها ” بقصدية جمع المتناقضات وتنوع مصادر ومرجعيات النصوص المقدمة في عروضها والعمل على اختصار هذه النصوص والتأكيد على بعض مقاطعها مع إيجاد تداخل بين النصوص وبشكل متناقض مع بعضها البعض فضلاً عن توظيف تقنيات سينمائية وشرائط فيديو ولقاءات تلفزيونية ومقاطع سردية لنصوص عالمية والقاء حواراتها بطريقة سريعة وكل ذلك يتم في كولاج مسرحي يتجاوز أفق توقعات المتلقي .
إذ لا تتقيد عروض فرقة (الووستر كروب) بحدود النص المسرحي ولا الأداء أيضاً ، فهي غالبا ما تعمل مزاوجة بين هذا وذاك ، فالمبدأ الجوهري في العرض المسرحي للفرقة هو التقارب بين عدة نصوص وانسجامها مع الأداء التمثيلي والسينوغرافيا ، ” مما يفسر اعتماد جماعة (ووستر) على النص المسرحي هو قيامهم باستخدام العديد من أنواع القراءة في (Lsd ) ففي الجزء الأول قرأ الممثلون فصولاً عشوائية من بعض كتابات ، وفي الجزء الثاني قاموا بقراءة بعض مشاهد ( البوتقة ) بينما هم جلوس على نفس المنضدة المستخدمة كما لو كانوا يقرؤون لأنفسهم ثم قاموا باستحضار بعض أدوات التمثيل وذلك خلال بعض الايماءات والانعكاسات الصوتية .
هذه العملية التجميعية للنص المسرحي أعطت جمالية للعرض المسرحي في كونه لا يتقيد بالحدود الكلاسيكية للنص ، وكذلك جعل الأحداث مترابطة وكأنها تنسلخ من حالة معيشة للجمهور، يتنقل معها من مكان الى اخر فكريا وجسديا ، وهذا ما اعطى العرض صفة الترابط الصوري وجذب الجمهور نحو العرض بالارتكاز على شهوة المعرفة الانسانية والفضول نحو معرفة ما يلي الصور المعروضة وما هو الترابط ما بين ما قبلها وبعدها .
– فرقة ( الووستر كروب ) : فرقة مسرحية امريكية تاسست عام 1980 على يد سبالدينج جراي واليزابيث لوكومبت وجيم كلايبرج وويليم دافو واخرون ، كانت كل مسرحياتهم مأخوذة من حياة سبالدينج جراي .
اقرأ للكاتب :
حكايات فى الفن : مسرحية المكان في عروض فرقة مسرح الثعبان
