صدمة إيجابية ووعود في قمة الكوريتين وترامب «فخور» بجهوده
أثار تعهد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن السعي الى معاهدة سلام دائمة ونزع السلاح النووي في شبه الجزيرة، بعد قمة تاريخية جمعتهما امس، صدمة إيجابية ترددت أصداؤها في العالم، وتفاؤلاً بإمكان تحقيق تقدّم ينهي نزاعاً دام عقوداً. لكن مشككين يلفتون الى أن البيان المشترك الذي أصدره الطرفان لم يحدد تفاصيل لكيفية تطبيق ما تضمّنه من أهداف طموحة، مذكّرين بأن بيونغيانغ عرضت وعوداً مشابهة خلال قمتين سابقتين مع سيول .
وسارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى ربط الفضل في عقد القمة الكورية بجهوده، قائلاً: «عندما بدأتُ كانت الناس تقول هذا مستحيل، وإن هناك خيارين: ندع معهم ما هو معهم، أو نذهب الى حرب. والآن لدينا بديل آخر أفضل كثيراً من الذي اعتقد أي شخص بأنه ممكن». واعرب عن أمله بأن تتمكّن الكوريتان «يوماً ما من العيش في وئام وسلام ورفاهية»، معتبراً أن الأمر «يبدو ممكناً». ورأى ان المحادثات حول شبه الجزيرة الكورية «لم تذهب ابداً الى هذا الحدّ»، مشدداً على أن أحداً «لن يتلاعب» بالولايات المتحدة في محادثات السلام مع الدولة الستالينية. وكان ترامب كتب على موقع «تويتر» خلال قمة كيم – مون: «الحرب الكورية تضع أوزارها!».
واعتبر ترامب أن الولايات المتحدة يجب أن «تشعر بفخر كبير لما يحصل في كوريا»، علماً انه سيعقد قمة مع كيم في ايار (مايو) أو حزيران (يونيو) المقبلين.
لكن مايك بنس، نائب ترامب، لفت الى أن «أي محادثات وتعهدات وتأكيدات من كوريا الشمالية ستُقابَل بتحفظ ويقظة وتحقق»، وزاد: «نواصل الإعداد لقمة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، ولكن ستستمر حملة الضغط بلا هوادة» على بيونغيانغ، علماً ان نتائج القمة الكورية أثارت ترحيباً دولياً واسعاً.
وكانت القمة حفلت بخطوات رمزية، اذ تعانق كيم ومون بعد توقيعهما «إعلان بانمونجوم»، في اشارة الى البلدة الحدودية التي التقيا فيها، ووُقِع فيها اتفاق الهدنة بعد الحرب الكورية (1950-1953)، في ختام يوم بدأ بمصافحة مؤثرة على خط الحدود، وتبادلا خلاله ابتسامات ومزاحاً، علماً أن كيم بات أول زعيم كوري شمالي تطأ قدماه الجنوب منذ نهاية الحرب. كما أدخل كيم الرئيس مون الى الشطر الشمالي، وغرسا شجرة صنوبر، اعتبرت سيول أنها «ستمثل السلام والازدهار على الخط العسكري الفاصل الذي يرمز إلى المواجهة والانقسام منذ 65 سنة».
وكان لافتاً إعلان سيول أن أجهزة الأمن الكورية الشمالية عقّمت الكرسي الذي جلس عليه كيم لتوقيع السجّل الذهبي في «بيت السلام» الذي عُقدت فيه القمة، قبل بدء المحادثات، اذ كتب: «تاريخ جديد يبدأ الآن. عهد من السلام».
وشارك الرجلان في مأدبة عشاء مع زوجتيهما، وأصدرا بياناً مشتركاً، وَرَدَ فيه: «يعلن الزعيمان أمام شعبنا الذي يُعدّ 80 مليوناً، وأمام العالم بأسره، أنه لن تكون هناك حرب أخرى في شبه الجزيرة الكورية وأن عصراً جديداً من السلام بدأ. تؤكد كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية هدفهما المشترك وهو أن تكون شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، من خلال نزع تام لها». وتعهد البيان السعي هذا العام إلى إبرام معاهدة سلام تنهي الحرب الكورية رسمياً، علماً انها انتهت بهدنة، لا بمعاهدة سلام.
كما تحدث البيان عن وقف «الأعمال العدائية» وتحويل الحدود المحصنة بين البلدين إلى «منطقة سلام» والسعي إلى محادثات متعددة الطرف مع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة. وأشار البيان إلى أن مون سيزور بيونغيانغ الخريف المقبل، مضيفاً أن الزعيمين أكدا التزامهما عقد «اجتماعات منتظمة وإجراء محادثات هاتفية مباشرة». كما وافقا على فتح مكتب اتصال ووقف بث الدعاية وإلقاء المنشورات على الحدود، والسماح بلقاءات لمّ شمل لعائلات كورية قسّمتها الحرب.
وقال كيم إن بانمونجوم «رمز لتقسيم يفطر القلب»، واستدرك أن البلدة إذا باتت «رمزاً للسلام، فإن الدم الواحد واللغة الواحدة والتاريخ المشترك والثقافة الواحدة في الشمال والجنوب ستعود مجدداً واحدة». واضاف: «جئت مصمماً على توجيه إشارة انطلاق حيث يُسطَّر تاريخ جديد من السلام والرخاء والعلاقات بين الكوريتين». وتابع بعد توقيع الاتفاق: «سنبذل جهوداً لتحقيق نتائج طيبة، عبر التواصل عن كثب من أجل ضمان ألا ينتهي المطاف بالاتفاقات التي وقعناها اليوم أمام العالم بأسره، بأن تكون مجرد بداية مثل الاتفاقات السابقة». اما مون فأعرب عن أمل بـ»التوصل إلى اتفاق جريء لكي نُقدّم للشعب الكوري برمته وللناس الذين يريدون السلام، هدية كبرى».
لكن بيان القمة أثار شكوكاً، اذ لم يتضمّن آلية لتنفيذ النقاط التي تضمّنها. وقال دانيال راسل الذي كان أبرز ديبلوماسي أميركي معنيّ بشؤون آسيا، ان الاعلان «لا يشكّل التزامات صريحة لنزع السلاح النووي»، وزاد: «شهدنا سابقاً وعوداً من كوريا الشمالية مرات».