حكايات فى الفن: وقفة أمام ظاهرة مسرحية عراقية
التلغراف – العراق – بشار الاعرجي :من الصعب ان تكون مسرحيا فعالا على صعيد العراق والوطن العربي وانت تنطلق من ركام نفسي واجتماعي عانى ويلات الحروب فملئته طاقة سلبية وكذلك غياب الدعم المادي والمعنوي من الدولة و المسؤولين على الجانب الثقافي بمختلف مراكزهم وسلطاتهم فهذا هو الانجاز الحقيقي صعب التحقيق ..
اذ فاز مساء امس العرض التونسي لهيب الروح اخراج غسان الجديدي في المهرجان الدولي الجامعي للموندراما بسيدي بو زيد في تونس ( دورة القدس ) وهو عرض مسرحي لنص (اطفائي ثيوس) للمؤلف المسرحي العراقي علي عبد النبي الزيدي ، الذي حاور الالهة وعاتبها وحاور الشياطين من اجل الوصول الى حل لمأساة البشرية التي طمست انسانيته تحت انقاض حروبها وهلاكاتها .
وقد حمل النص فكرة محاولة اطفاء نار جهنم من قبل اطفائي لذا يتهمه المجتمع بالزندقة والعلمانية والفلسفة وحاربوه اذ حتى زوجته طلقوها منه اجبارا من قبل رجل الدين بحجة انه كافر وبذات الوقت يتلقى الدعم المعنوي من طبقات مضطهدة في المجتمع كالعاهرة التي اجبرت على هذه المهنة لتعيل اطفالها بعد ان استشهد زوجها في احد المعارك دفاعا عن الوطن والشرف.
وكذلك السكير الذي يهزأ به وبذات الوقت محاولا دعمه للخلاص من الوضع المزري الذي يعيشه ، وقد طرح النص كذلك فكرة الصراع الابدي بين مدعي الدين والمتزمتين به وبين المدنيين الذين يحاولون تحقيق وجودهم في ظل نفاق مجتمعي وسلطة دائرية تبعث منها رائحة الفساد والمجون لكن دون ان يجرأ على تصديها احد …
فعمل الزيدي على ايجاد متلازمات انسانية شيئت المستقبل وتنبأت به وهذا احد اسباب تفوق الزيدي وجعلت من نصوصه ذات طابع انساني وظاهرة مسرحية يتسابق المخرجون على عرضها لإمكانية اسقاط احداثها لكل وقت واي مكان فهي ذات ديمومة زمكانية تصهر الواقع لتصب وجعه وآلامه على المتلقي ليكون بحالة استفزازية وترقب دائم لكل ما يدور حوله . ففوز نصوصه بالجوائز الاولى كما في مسابقة الفجيرة للموندراما في الامارات وكذلك الجائزة الكبرى في مهرجان دار الفن الدولي للمسرح في المغرب وغيرها او في عروض نصوصه المسرحية اخذت حيزا مهما يجعل العراق متصدرا ويعيد امجاده الثقافية التي تعكس صورة المجتمع ككل ..ولكن السؤال الاهم الى متى تبقى الدوائر الثقافية مهمشة للفنان العراقي ؟ وكم زيديا في المجتمع لم يسعفه الحظ للظهور وطرح نتاجه المسرحي والثقافي و الذين تطحنهم الدنيا كل يوم بسبب عوز مادي او معنوي يعطي للفنان جرعه بانه مكرم في مجتمعه ومنتميا اليه بكل جوارحه ؟

موضوعات ذات صله :
حكايات فى الفن : بورسيبا صرح اثاري ايل للسقوط

