مهرجان كان 2018 …هل يمنح سعفة ذهبية للعرب؟

التلغراف – كان – اسامة بيومى : اختار مهرجان كان في نسخته الـ 71 أفلاما لمخرجين من مختلف القارات لا سيما آسيا وأوروبا وأمريكا.

 ويبدو وكأن نفسا جديدا يهب على المسابقة الرسمية مع العديد من المخرجين المغمورين ومن غير رواد المهرجان.

وتسجل في حدث استثنائي مشاركة فيلمين عربيين معا في المسابقة الرسمية. فتشارك اللبنانية نادين لبكي بفيلم “كفر ناحوم” في حين سيأتي المصري أبو بكر شوقي إلى الكروازيت بشريطه الطويل الأول “يوم الدين”.

وأكدت لبكي أنها “سعيدة وفخورة” باختيار فيلمها الأخير ليعرض ضمن فعاليات كان 2018 الذي يقام بجنوب فرنسا من 8 إلى 19 مايو/أيار الجاري. وصرح المندوب العام للمهرجان تيري فريمو أن هذا الفيلم “يقول أشياء لا توجد سوى السينما لتعبر عنها بهذه الطريقة: الحياة اليومية في بيروت، أطفال الشوارع، المهاجرون… فظاهرة تنقل اللاجئين لا تخص أوروبا فقط”.

و”كفر ناحوم” هو أول عمل لبناني منذ 27 عاما ينافس على السعفة الذهبية، بعد مشاركة المخرج الراحل مارون بغدادي عام 1991 بفيلم “خارج الحياة” الذي أحرز آنذاك جائزة لجنة التحكيم (بالتساوي مع الدانماركي لارس فون ترير عن فيلمه “أوروبا”). كان العديد من صناع السينما العربية يعتبرون بغدادي بمثابة رائد الموجة الجديدة اللبنانية، و “خارج الحياة” المثير للجدل كان مذكرات الصحافي الفرنسي روجيه أوك الذي اختطف واحتجز لقرابة سنة (1982-1983) في بيروت.

وأعربت لبكي عن فرحتها باختيارها في هذا المهرجان العريق إلى جانب “كل المخرجين الكبار وبأن يكون لبنان منافسا على الجائزة”. وتقاسمت المخرجة على صفحتها في فيس بوك فيديو عن اللحظة التي زف فيها إليها هذا الخبر، والتي اختلطت فيها الدموع بالبهجة والصيحات. وأوضحت لبكي، وهي أيضا ممثلة، أن الفيلم يروي قصة “طفل لبناني يرفع دعوى لأنه يطالب بأن يعيش حياة كريمة”. وعن عنوان الفيلم كشفت المخرجة لفرانس24 أن “كفر ناحوم يعني الخراب والجحيم. وهو مصطلح يستخدم بالأدب العربي والفرنسي ليعبر عن الفوضى”.

وروت أنها وحتى قبل كتابة الفيلم “دونت مع زوجي خالد على لوح كل المواضيع التي هاجت، فظهر اسم كفر ناحوم. كل شيء كنت أود تناوله كان يشبه الجحيم والخراب في الفترة الزمنية الصعبة التي نعيشها”.

وقالت المسؤولة الإعلامية للفيلم زينة صفير إن “كفر ناحوم” هو “إنتاج مستقل لبناني مئة في المئة” ومنتج الفيلم هو خالد مزنر زوج نادين لبكي. والفيلم من كتابة لبكي وجهاد حجيلي وميشال كسرواني، بمشاركة جورج خباز وتعاون خالد مزنر. أما الموسيقى فلمزنر أيضا.

وصرحت لبكي أن الفيلم من إنتاج “عائلي… صنعناه بالبيت” وأن كل مرحلة طورت بطريقة “حرفية”. وأشارت إلى أن “فترة التصوير كانت طويلة استغرقت نحو ستة أشهر”، بالإضافة إلى”وجود ممولين خارجيين لكن الإنتاج الأساسي لبناني”.

وبعد أن خاض هذا العام فيلم لبناني للمرة الأولى الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار، وهو “قضية رقم 23” لمواطنها زياد دويري، قالت لبكي إنه “أمر يدعو إلى الفخر، ويكبر به القلب”. وتحدثت لبكي عن النقلة النوعية التي تشهدها السينما العربية والتي كان لا بد أن تحصل حسب رأيها “لأنه أصبح لدينا قدرات أكثر”. وتتابع أن “السينما العربية كانت خطواتها خجولة بالسنوات التي سبقت لكن حان الوقت الآن لأن تكون هذه النظرة موجودة على ساحة السينما العالمية وهي نظرة ووجة نظر مهمة وجديدة والسينما العالمية بدورها بدأت تسلط عليها الضوء”.

وسبق لنادين لبكي أن شاركت في لجنة تحكيم فئة “نظرة ما” في مهرجان كان العام 2015. ولاقى فيلمها الروائي الطويل الأول “سكر بنات” (المعروف أيضا بكرميل، كان 2007، (“أسبوعا المخرجين”) نجاحا كبيرا كما شارك فيلمها الثاني “هلأ لوين؟” في قسم نظرة ما بكان 2011. أما الثالث “كفر ناحوم” فتؤكد لبكي أنه “يعكس ليس فقط واقع لبنان بل واقع كل منطقة في العالم تعيش هذا الموضوع بالذات، موضوع الأطفال المتروكين، المعنفين، المهملين.. مسألة الطفولة المهمشة بالمطلق”.

مصر السينما

لن ينسى محبو السينما بصفة عامة وخصوصا العرب منهم فيلم “المصير” للمخرج المصري الشهير يوسف شاهين وجائزة خمسينية مهرجان كان التي نالها عام 1997، تكريما لأثره ومسيرته المهنية. “قلبي يخفق. الفراشات تملأ معدتي.

سبعة وأربعون سنة وأنا أنتظر هذه اللحظة” جملة قالها شاهين بعد أن أعلنت الممثلة إيزابيل أدجاني عن الجائزة أمام قاعة وقفت تصفق طويلا لأسطورة السينما العربية.

باستثناء تلك اللحظة التاريخية، بالكاد لم يفرح العرب في هذا العرس السينمائي سوى في بعض المناسبات القليلة.

 إذ وجب العودة إلى عام 1975، أي إلى فترة “غابرة” لم يعرفها الجيل الجديد، حتى نكتشف أول سعفة ذهبية أسندت للسينما العربية لتكافئ “وقائع سنوات الجمر”، رائعة الجزائري الأخضر حامينة. إضافة إلى جائزة لجنة التحكيم التي أحرزها مارون بغدادي المذكور أعلاه، أو فيلم “يد إلهية” للفلسطيني إيليا سليمان عام 2002 بنفس الجائزة.

ويمكننا ربما أن نختم هذه القائمة بالسعفة الذهبية التي هزت كان عام 2013 والتي كانت من نصيب الفرنسي التونسي عبد اللطيف كشيش تكريما لفيلمه “حياة أديل” وأهداها المخرج “للشباب الفرنسي” و”أيضا للشباب التونسي من أجل طموحه إلى العيش بحرية والتعبير بحرية والحب بحرية”.

على هذا يقتصر رصيد جوائز الأفلام العربية الروائية الطويلة في المسابقة الرسمية في تاريخ كان.

فهل تتغير الأحوال في 2018 الذي يشهد، إلى جانب مشاركة فيلم لبكي، عودة السينما المصرية للقسم الأرفع في المهرجان؟

فاختير فيلم “يوم الدين” للمخرج أبو بكر شوقي للمشاركة في مسابقة النسخة الـ 71، لتكون المشاركة المصرية الأولى منذ شارك الكبير يسري نصر الله عام 2012 بفيلم “بعد الموقعة”، بينما افتتح محمد دياب بفيلمه “اشتباك” عام 2016 فئة “نظرة ما”، ثاني أقسام المهرجان أهمية.

اختيار “يوم الدين” كان مفاجأة للعديد، فميزانيته ضئيلة ولا نجوم في الكاستينغ، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول لصاحبه. تعرف شوقي على بطل فيلمه راضي جمال بمستعمرة الجذام في أبي زعبل.

“يوم الدين” من صفة فيلم الطريق فيجمع بين الدراما والمغامرة والكوميديا، ويروي حكاية بشاي وهو رجل في منتصف عمره، ترعرع داخل مستعمرة الجذام. يغادر بشاي هذا المكان لأول مرة في حياته وينطلق برفقة صديقه وحمار خلال رحلة عبر أنحاء مصر بحثا عن عائلته التي تخلت عنه صغيرا.

وقال تيري فريمو عن “يوم الدين” إنه “من أفلام الرحلة. الشخصية الرئيسية رجل مصاب بالجذام، ومن تقمص ممثل غير محترف… حتى لا نستعمل كلمة هاو. يأخذنا الفيلم إلى إحدى مجتمعات العالم، في بلاد يمكن أن تحكي بدورها عن بلدان أخرى. فمرة أخرى تقدم لنا السينما أخبارا عن العالم، عن نساء ورجال العالم، وبطريقة قوية وفريدة. إنه فيلم “صغير” يدوم ساعة ونصف ولدينا الجرأة لبرمجته ضمن المسابقة. تلاحظون أن اختيارات هذا العام تشمل العديد من الوجوه الجديدة. فنحن نريد إعطاء الفرصة للسينمائيين الشبان”. فهل تتحول هذه الفرصة إلى حلم عربي أم تبقى محاولة تجديد لوجوه المهرجان ولفت الأنظار نحو منطقة منتقصة التمثيل في الساحة العالمية؟

الفيلم من إنتاج المصرية الأمريكية دينا إمام بمشاركة المخرج، أحرز عددا من المنح منها منحة جامعة نيويورك ومنحة معهد ترايبكا، ثم جمع مبلغا من الأصدقاء وأفراد العائلة والمهتمين عبر موقع للتمويل الجماعي، قبل أن ينهي رحلة تمويله بالحصول على منحة العمل قيد الإنجاز من مهرجان الجونة السينمائي 2017 في دورته الأولى، لينضم المنتج محمد حفظي (فيلم كلينك) لقائمة المنتجين ويمول مراحل ما بعد الإنتاج، ثم أعلن بعد اختياره في مسابقة كان على حصول شركة وايلد بانش الفرنسية، إحدى أكبر شركات التوزيع في العالم على حقوق المبيعات الدولية للفيلم في حين حصلت شركة لوباكت على حقوق التوزيع في فرنسا. وأعربت دينا إمام، وهي زوجة شوقي، لوسائل إعلام محلية عن فخرها بهذا النجاح.

ومن الأفلام العربية الأخرى التي أعلن عنها ضمن الاختيارات الرسمية، فيلم “صوفيا” للمغربية مريم بن مبارك في قسم “نظرة ما”، وفي نفس القسم تقدم السورية غايا جيجي فيلمها “قماشتي المفضلة”. وهما أول فيلمين طويلين لكلتا المخرجتين.

ويشار إلى مشاركة الفيلم التونسي “ولدي” للمخرج التونسي محمد بن عطية في قسم “أسبوعا المخرجين” الموازي للمهرجان. وكان الفيلم الأول لبن عطية “نحبك هادي” قد لاقى نجاحا واسعا ففاز بجائزة أفضل أول فيلم في مهرجان برلين السينمائي عام 2016 وكوفئ بطله الممثل مجد مستورة بالدب الفضي.

شكرا للتعليق على الموضوع