لؤي ديب يكتب : كلام في الممنوع “صفقة القرن – الجزء الثالث”

بعد ان تطرقت في الجزء الأول الي السياق التاريخي وكشفت بعض طرق عمل فريق الصفقة وجزء من تركيبته ، وقفزت في الجزء الثاني الي ما يحدث في غزه من مفاوضات وقنوات خلفيه وبينا ان ابعاد الصفقة ليست امريكيه فقط وانما بريطانيه ايضا ، وربما يتسائل كثيرون ما مصلحة قطر وما دورها في الصفقة الذي تنفيه دوما وتقول أنها تعمل فقط علي الملف الانساني ، سأكون ايضاً مضطر في هذا الجزء للقفز الي ما يحدث حاليا في الملف الاقتصادي وبعض ما يُرتب في الإقليم لنعود الي تفاصيل أكثر دقه في أجزاء لاحقه .

اولا : ليكن معلوماً أن قطر تلعب دوراً مهما في الصفقة لسببين هما :

–  تعهدت قطر وبتوقيع اميرها والذي أصر الرئيس الأمريكي ان يكون مكتوباً وخطياً في مساعدة الولايات المتحده بتنفيذ “صفقة القرن” والمساعده فيها مالياً وسياسياً وكان تتويج التوقيع الخطي في الحادي عشر من ابريل من هذا العام ، وهذا أمر ليس صادم او جديد علي السياسه القطريه ، ولكن ربما تكون المفاجأة التي لا يعرفها الشارع العربي وربما اشتمت بعض روائحها حكومات عربيه هو الثمن الذي ستجنيه قطر في المقابل سياسياً واقتصادياً ، اقتصادياً سيتمكن القاريء لهذا الجزء والأجزاء القادمه من التعرف علي المكاسب الاقتصاديه بوضوح ، ولكن المكسب السياسي سيكون بالعمل علي اختفاء دوله عربيه وجعلها جزء من قطر ، والمقصود هنا ( البحرين) والتي تُنفذ الان خطة دقيقة جدا لإحداث انهيارات في اسواقها الماليه وربما يعتقد من يقرأ أن هذا خيال ولكن للاسف نحن نواجه حقيقيه اخري ان “صفقة القرن” لن تُحدث تغيراً جغرافياً في حدود اسرائيل وحسب ، بل تصل الي الخليج العربي وحلفاء مميزين وسوف تتحدث الأجزاء القادمه بشكل أكثر تفصيلاً كيف تخدع الادارة الامريكيه حلفائها العرب؟

السبب الثاني هو السبب الاقتصادي وهو سبب قديم حديث بدأ مع بدايه الكشف عن حقول الغاز في غزه ومصر وسوريا ولبنان ومخاوف قطر ورعبها بخروج ورقه غازها المسال من اوروبا وعدم قدرتها علي منافسة الكبار في السوف الاوروبي متمثله في السيل الشمالي لروسيا 1،2 والذي يواجه حرباً امريكيه وايضا في رغبه امريكا بدخول السوق الاوربيه بغازها المسال عالي التكاليف ، ومن وقت مبكر سبق وجود ترامب قررت قطر الاحتماء بشريك اقتصادي اسرائيلي يبعدها عن ضربات من هم اكبر منها ، ومن هنا يكتشف القاريء مقدمات لدعم قطر للانقلاب في غزه وتعزيز وجود حكومه غير شرعيه لا يسمح لها احد باستخراج الغاز ومحاولتها اللاحقه في مصر لوضع حكومه اخوانية تابعه لها تقسم حقول الغاز المصريه بينها وبين شركاء اقليميين مثمثلين في تركيا واسرائيل واستثمار امريكي جيوسياسي يعطي لامريكا موطيء قدم في المنطقه ، والدور القطري للتخريب اللاحق في ليبيا وتخريب الانتاج للضغط علي السوق الاوربيه للتحول الي الاعتماد علي الغاز بدل الديزل لعدم استقرار امداداته من ليبيا ودول اخري طالها التخريب كالعراق وسوريا ونيجيريا ، وهنا نتعلم ان هناك مفاصل للصفقة تفشل بفضل اراده الشعوب.

ثانيا: عطفاً علي ما ورد أعلاه فليعلم الجميع أن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس يتواجد منذ أكثر من أسبوع في العاصمه الامريكيه واشنطن وانه يحري مباحثات مع مسؤلين امريكين بخصوص حقول الطاقه الفلسطينيه والاسرائيلية واللبنانية والمصرية ، وانه التقي 4 مرات مع صهر الرئيس الأمريكي، كبير مستشاريه، جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، والسفيرة الأمريكية في لبنان، اليزابيث ريتشارد، والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، رون ديرمر وانهم عرضوا نتائج ما توصلوا اليه علي مستشار الرئيس للامن القومي في اجتماع استمر ست ساعات وان هذه المحادثات تبنت بالكامل الدور المنوط برجال الاعمال الامريكين والقطرين والذي تم صياغه خطته في الثالث من ابريل من هذا العام بفندق الفور سيزون بمدينة ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية، علي هامش أعمال المنتدى الاقتصادي القطري- الأمريكي والذي شاركت فيه اسرائيل بقوه وقد كان ذلك تتويجا لما اتفق الجانب القطري والاسرائيلي والامريكي عليه في مؤتمر كمبريدج لأبحاث الطاقة (سيراويك) الذي عقد في مدينة هيوستن خلال الفترة من 5 إلى 8 مارس من العام الجاري حيث مثل قطر في التفاهم محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة، وان خطة الغاز التي يقودها الفريق المدني هنا ، وهناك فريق اخر عسكري يعمل عليها مثمثل ب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزينكوت ، ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد واللذان اجتمعا الاسبوع الماضي بشكل مطول من اجل :

–  تمكين اسرائيل من الاستيلاء علي 865 كيلو متر مربع من المنطقه اللبنانيه الاقتصاديه والتي تحتوي علي حقوق غاز لبنانيه .

–  خطه لاحداث تصادم بين مصر وتركيا علي حقل ظهر للغاز .

–  خطة لعدم تمكين مصر من تشغيل حقل نور.

–  افشال التحالف المصري – اليوناني – القبرصي ووقف التعاون العسكري.

–  توتير العلاقات المصريه الايطاليه.

–  تطوير حقل غاز (مارين غزة) قبالة سواحل غزة ، من خلال شركه “اسرائيليه – تركيه – قطريه” وحصول حماس بعد اجراء تعديل في برنامجها السياسي علي 5‎%‎ من العائدات .

–  ايجاد حل لمشكله الكهرباء من الجانب الاسرائيلي واخراج مصر من ملف طاقه غزه نهائياً .

وليتأكد من يريد أن يتأكد بفحوي المكالمه الهاتفيه بين الحريري وكوشنر وليحلل المحللين ما شاؤوا ما علاقه عراب الملف الفلسطيني بمشاكل اسرائيل ولبنان ، وهنا ننتقل لحقيقه اخري ان هناك دوله عربيه مستهدفه وان حماس وخطوطها الخلفيه لا تتوقف عند الميناء ، وان هناك طرف فلسطيني يبيع المقدرات الوطنيه بكابونات مساعدات .

ثالثا : طبعاً لم تتناول تلك الاجتماعات فقط غزه والضفه ولعلي امر هنا علي مقتطفات من مطالب الوزير الاسرائيلي وما اتفق عليه لتدرك الحكومات العربيه والشعوب ان هناك استثمار اسرائيلي خطير لهذا الفريق المُسمي بفريق صفقة القرن حيث :

–  تم وضع خطه لتعطيل جهود مصر في تشغيل مفاعلها النووي .

–  تم الاتفاق علي فرض اجراءات عقابيه امريكيه علي شركة ASE الروسيه والتي تتولي بناء محطه الضبعه النوويه.

–  تم الاتفاق علي فرض اجراءات عقابيه علي شركة Gidropres الروسيه التي تصمم المفاعلات وتشغيلها لمصر .

–  تم الاتفاق علي تعطيل المشروع السعودي لاقامه مفاعل نووي ومنع تصدير التكنولوجيا النوويه اليه من امريكا.

–  تم الاتفاق علي فرض شروط امريكيه تحظر علي الاردن بيع من لديه في باطن الارض من ( الكعكه الصفراء) اي اليورانيوم حيث اكتشفت مؤخراً كميات تجاريه قريبه من سطح الأرض وان اسرائيل سوف تحصل علي كل المُستخرج وبالسعر الذي تفرضه امريكا علي الاردن وستكشف مقبل الايام عن ذلك .

وهناك نقاشات اخري طالت المفاعل النووي الاماراتي ، لنكتشف حقيقه اخري ان اسرائيل لا تريد صفقة عادله بل صفقة تسيطر فيها هي علي سوق الطاقه وان هناك عرض امريكي قُدم فعلا لايران لتشارك هذا السوق الكبير مع اسرائيل من خلال ما تنتجه مفاعلات تكون تحت الرقابه وخصوصا ان الخليج اليوم يستهلك اكثر من 50‎%‎ مما ينتجه من بترول لتوليد الكهرباء وتحليه المياه ، اذا فالصفقة اكبر من فلسطين وفيها خداع لحلفاء استراتيجيين ورغم ان دول مهمه مثل مصر تدرك المخاطر الا ان العمل الفردي يبقي ضعيفاً فالصفقة تحتاج الي مواجهة جماعية.

رابعا :علي السلطة ان تستعد لسلسه من العقوبات الماليه قادمه اليها في الطريق بعد امريكا من استراليا – كندا- الدنمارك- النرويج – النمسا …. الخ تباعاً ، وان هذا سيكون لي ذراع وليس خنق نهائي ويتعلق بموضوع مخصصات الشهداء وهو يدخل ضمن دائره الحرب النفسيه علي المجتمع الفلسطيني ، وعلي صانع القرار ان يدرك ان تغير الاشخاص لن يحل المعضله الماليه وانها تحتاج الي عمل سياسي يوقف صعوبات قادمه.

خامسا : جيد ان تفاوض حماس عبر قطر والمانيا علي الأسري وليس جيد ان تستثني وتخدع مصر في هذا التفاوض ، ولكن ما هو مفاجيء حقا ان يكون المطلب الاول والاسم الاول الذي يسبق الاسري الفلسطنين والعرب ممن امضوا حياتهم في السجون هو اسم الاسيره التركية إبرو أوزكان والتي تعتقلها اسرائيل مقدمة مصالحها الاقليميه عن مصالح من ضحوا باعمارهم.

يتبع … الجزء الرابع

اقرأ للكاتب : 

لؤي ديب يكتب : كلام في الممنوع “صفقة القرن – الجزء الثاني”

شكرا للتعليق على الموضوع