ناصر اللحام يكتب : الجميع يهدد بالقفز ولا أحد يقفز سوى المواطن
الغموض يلف الوضع الراهن، سياسيا وإقتصاديا وسوسيولوجيا وسايكولوجيا. الشعارات القديمة لم تعد تكفي وبكائيات الحسرة والندامة لا تنطلي على الجمهور، بيانات القوى تكرر ذاتها بطريقة جوفاء والجميع يشعر أنه مستهدف بمؤامرة كبيرة، والجميع يهدّد بالقفز إلى حيث ألقت، ولا أحد يحرك ساكنا، ولا أحد يقفز سوى المواطن. يقفز من الأسعار ومن الهم والغم والقهر والقتل والجوع ومن البطالة ومن إنفصام السلطات.
ترامب ظهر على شكل فيروس، نشأ وإنتشر كالعدوى في كل أصقاع الارض. فصار الجميع يتحدث عن الصفقات والدولارات، ولا يوجد صفقة ولا دولارات.
ترامب قال إنه سيقفز بالمنطقة الى مساحات لم يصلها أحد من قبله. ولم يقفز ولم يطرح صفقة ولم يفعل سوى العبث بأموال العرب وتحت إبطهم ولعب بعواصمهم وشرفهم الوطني الذي إنحط الى الدرك الأسفل.
نتانياهو توعّد بالقفز على غزة وتحطيمها. توعّد بالقفز على لبنان ومسحها. وكيري يريح الجميع ويقول في كتابه الجديد أنه لم ير في حياته جبانا مثل نتانياهو.
السلطة تهدد بالقفز على الأمم المتحدة وإجتراح مشاريع دولية للرد على أمريكا وعلى الاحتلال. وفي كل عام نفس القرارات ونفس الأصدقاء ونفس الاعداء. مع فارق واحد أن كل عام يمضي يشطب من حياتنا البائسة.
حماس تهدد بالقفز الى المستحيل، وان تزلزل الارض وما عليها. ولم يقفز سوى أهل غزة الذين يموتون قهرا وحسرة وينفطر فؤادهم من جديد في كل مرة يلتقي فيها عزام الاحمد وموسى ابو مرزوق.
مصر تعلن انها ستقفز بالمصالحة الى الحيّز الذي يريده الجميع. ولم يقفز سوى بروتوكول المطار وضباط معبر رفح يختمون جوازات سفر المسؤولين ولا يختمون جوازات سفر الذين لوّعتهم السنين ولفحت وجوهم شمس الانتظار.
الاردن تهدد بالقفز الى الملفات الاربعة التي تشارك فيها. ولا يقفز سوى أعضاء الكنيست اليهود الذين يشربون الخمر في باحات المسجد الاقصى ويعربدون على الهواء مباشرة.
في مرحلة مشابهة بعد هزيمة حزيران. كتب الحيفاوي الاديب الراحل ايميل حبيبي: انا لست متفائلا ولا متشائما. بل انا “متشائل” وهناك كتاب صدر له بعنوان المتشائل. مثلنا الان بالضبط… متشائلون نحن.
أيها المواطن الغفور.. لن يقفز أي مسؤول من أية دولة ومن أي تنظيم سوى على منصب جديد.. ولن يقفز الا أنت.
وهذا الإنتظار مريب ومخيف.
د. ناصر اللحام
اقرأ للكاتب
ناصر اللحام يكتب : ترامب شيلوك العصر