محمد رزق يكتب : رسالةٌ إليَّ بَعد عشرين 20 عامًا

لو أنّك الآن تَجلسُ وَحيدًا، تَستضيف فنجانَ قَهوة وسيجارة تبغ على طاولة في أقصى المقهى وتقرأ هَذه الرسالة فهذا شيءٌ جيّد، أنتَ لم تمتْ، لم ينعقد الموت على جسمك ولم تمر سكّين على شرايينك كعابر عجول.

 تَهديداتك بلقاءِ الموت كانها لا تهمك ألغاها جُبنك، عَجزك أو خيطُ أملٍ رَفيع استطاعَ أن يُقنعكَ بأن جَرح الحياة بالإمكان مَعالجته، يتملكّني الفضول لرؤية مَلامحك، نَقصٌ أو زيادة في الأسودِ تَحت عَينيك، فَمكَ ينفرجُ كجرحٍ أم لا؟.

 ظَهرك هل انحنى من ثقلِ ما حملته من الخَيبات التي تُشبه طفلًا يُدلّي ساقيه، وماذا عن طَريقِ العودة للبيت؟، أمازال ظلّكَ يسبقكَ بخطوة؟، كم سيّارة دَعسته وأنت تمضي؟.

 هل مازالت الجدران تتمتم حين تمر؟ وهل الأضواء إلى هذا الوقت تَعتبرك عدّواً؟، اعذرني على كل هذه الأسئلة فمازال الفضول يَقتلني وهَنا علّي أن أعترف بأن الفضول لَعنة، أمازالت إلى الآنَ تُصيبك؟.

بينما أنتَ تَشهقُ آخر نَفس في السيجارة، كاسرًا عنقها في المِطفأة، تجلسُ الآن من كَسرتْ عنقك حينَ ألقتْ صَخرةَ الثقة الثقيلة على رأسك.

تَكوي خَيبات زوجها وترتّب الأسرّة للأطفال اعذرني فكلمة اطفال قاسية جدا .. مجرد التفكير في ذلك يجعلك متحجر الفكر و الجسد .. كميت حنطه الزمن ، أصدقائك منهمكون في أعمالهم، منهم من يزفرُ الساعاتِ المتأخرة في وجه الزحام ومِنهم من يَحملُ قائمةً بأسماء الحاجاتِ اللازمة لبيته.

والبقية اصبحوا غرباء، يمرّون عنكَ بِلا تحيّة كأنّك زجاج محل شفاف، من الجيّدِ أنك تعلمتَ الدرس، الأصدقاء، الحُب، العلاقات، مجرد كذبات يعجبك أن تصدّقها.

لَقد أطلتُ عَليك فاذهب كالعادةِ لتدفعَ الفاتورة وارحل إلى الغرفةِ التي لا يطرقُ الزمن بابها ولا يستسيغها الحاضر، ارجع إلى ماضيك حيثُ ستجدني على السرير.

اقرأ للكاتب

محمد رزق يكتب : الحياة

شكرا للتعليق على الموضوع