ناصر اللحام يكتب : حل الدولتين.. وأبغض الحلال
لا مفر أمام منظمة التحرير الفلسطينية سوى حل الدولتين، لأن مؤسسات المنظمة وأجنحتها السياسية والعسكرية والمالية أعادت انتاج نفسها على هذا الأساس عام 1995، وأن أي تغيير في الاتجاه القائم يتطلب، أولا: اعادة تشكيل المنظمة من جديدة بطريقة مختلفة، تماما مثل أنظمة الدفاع والملاحة التي جرى تغذيتها بقاعدة بيانات وطريقة عمل معينة فصارت تتبع تصنيف معروف سلفا للطائرات الصديقة والطائرات المعادية. وفي حال أي تغيير يجب تعديل قاعدة البيانات أولا ومن ثم تعريف وتصنيف المدخلات. لأنه ومن دون مدخولات جديدة لا يمكن الحصول على مخرجات مختلفة.
حل الدولتين، جرى رفضه من قواعد الثورة منذ 1947 وحتى عام 1988، ولولا شخصية الزعيم ياسر عرفات النادرة والفذة وقدرته العجيبة على الاقناع، لما قبلت فتح بحل الدولتين خلال المجلس الوطني في الجزائر.
وقد تطلب الأمر كثيرا، وجهودا شاقة لاقناع الفدائيين الذين يحملون البنادق بمبدأ الارض مقابل السلام، وبعسر شديد وصعوبة بالغة ابتلعت منظمة التحرير والجماهير الفلسطينية والعربية هذا الحل الظالم، وقبل أشرف الثوار وأطهر الرجال بأسوأ المواقع والظنون.. واستخدمت منظمة التحرير ماكناتها الإعلامية الضخمة في تفسير وتبرير الخطوة، واضطرت جماهير الأرض المحتلة أن تشرب كأس السم من أجل عودة الفدائيين إلى غزة وأريحا.
وغدرت اسرائيل. وخانت كل العهود وخرقت كل الاتفاقات وتهربت من المواعيد وماطلت حتى فقد القادة أعصابهم واستخدمت التسويف والحجج والذرائع في اعادة الحكم العسكري الى كل مدينة. غدرت إسرائيل واغتالت الأمناء العامين وزجت بآلاف الضباط في السجون والقبور..
حاول الزعيم عرفات انقاذ السفينة من الغرق، واعادة انتاج منظمة تحرير أقوى وأشد وأكثر صلابة، فقامت اسرائيل باغتياله بسم نووي عجز أطباء العالم عن ايجاد ترياق له.
ومنذ العام 2008 وحتى اليوم في 2019. دخل الفلسطينيون مرحلة الانتظار السلبي العدمي الباهت، وصارت حياتهم مجرد ردة فعل على ما تفعله اسرائيل وما لا تفعله العواصم العربية.. مدوا أعناقهم لمقصلة الظلم وملأوا الدنيا بكاء وصراخا وبيانات شجب واستنكار.
حل الدولتين هو الوجه الآخر للمثل الشعبي (رضينا بالبين والبين ما رضي فينا).
العودة إلى الوراء مستحيلة، والتقدم الى الأمام يرتطم بالجدار.. والوقوف في مكاننا يعني الموافقة على أن نموت بصمت.
مع نتنياهو الخامس، اعادة طرح فكرة حل الدولتين عرض هزلي.. لأن نتنياهو وحكومات اليمين لا يريدون حل الدولتين ولا حل الدولة الواحدة، كما لا يريدون ان يتركوا الفلسطينيين في حالهم/ ويعلنون بالتزامن مع “صفقة العصر” انهم بصدد إنشاء نظام ابارتهايد ضد العرب.
والحل المتبقي، هو نفس الحل مع جميع الأنظمة العنصرية: مقاطعة كاملة جارفة، وضرب رأس الأفعى من خلال العودة الى أنظمة الملاحة الأولى (دولة واحدة ديموقراطية تتساوى فيها الحقوق)..
د. ناصر اللحام
اقرأ للكاتب
ناصر اللحام يكتب : فوز نتانياهو يدفع ابو مازن للزاوية ويستدعي استراتيجية جديدة