طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يؤسسون حديقة مستدامة على سطح مبنى في منطقة الحطابة
القاهرة- التلغراف : قام طلاب معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بتحويل سطح منزل إلى حديقة لخدمة المجتمع وذلك بمنطقة الحطابة وهي من مناطق الإسكان غير المخطط في حي الخليفة بالقرب من القلعة بمدينة القاهرة. جاء هذا المشروع كمكون أساسي من البرنامج الدراسي “القضايا المعاصرة في البيئة والتنمية المستدامة والصحة” الذي تقوم بتدريسه تينا جاسكولسكي، مدرس في كلية العلوم والهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. يهدف البرنامج الى تعليم الطلاب كيفية استخدام مهارات التفكير في تصميم وتنفيذ حديقة مستدامة على سطح مبنى ما في مجتمع بحي من أحياء الإسكان غير المخطط بالقرب من القلعة.
تقول جاسكولسكي: “هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها طلابي من الاشتراك في تصميم وتنفيذ وتقييم مشروع بأكمله داخل مجتمع ما في فصل دراسي واحد فقط. إن التعامل مع أفراد مختلفة في إطار مشروع واحد قد يعطى مجال أكثر للفوضى ومن هنا يتعلم الطلاب كيفية إدارة المشروع بنوع من المرونة وكيف يجب في كل خطوة من الطريق التأكد من أن التركيز على هدف المشروع وهو تلبية احتياجات أفراد المجتمع.”
يعد هذا البرنامج الدراسي أحد أنشطة الشراكة مع دائرة الغابات في الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة نظم زراعية مستدامة على أسطح المباني بأسعار بسيطة لسكان أحياء الإسكان غير المخطط في مصر.
يقول عمر عبد القادر، خريج الجامعة في عام 2016 وأحد الطلاب المشاركين بالبرنامج: “كان المشروع تثقيفي وتعليمي، وكانت حقاً تجربة مدهشة.”
وتقول ميليسا سميث، طالبة مشاركة بالبرنامج: “لقد كانت تجربة تعليمية حقيقية، حيث أُتيحت لي الفرصة لتطبيق الدراسات الخاص بالاستدامة والتواصل مع مشاركين مختلفين مثل هيئات المجتمع ومنظمة غير حكومية محلية وجهة مانحة دولية، وقمت بممارسة العمل اليدوي في الزراعة. بفضل هذا البرنامج، أصبحت أؤمن بإمكانية إحداث تغيير في مجال الزراعة على أسطح المباني، وآمل أن يساهم هذا المشروع في أن يكون نموذجا يحتذى به في المجتمع المصري.”
عند بدء التخطيط للمشروع، قام الطلاب بزيارة مشروعات مماثلة أقامها مركز البحوث التطبيقية للبيئة والاستدامة، وذلك لتقييم إيجابياتها وسلبياتها. ثم قام الطلاب باختيار موقع الحديقة بعد عقد الشراكة الذي عُقد مع منظمة مجاورةMegawra ، وهي منظمة غير حكومية للحفاظ على التراث.
توضح كارا هوفينج، مشارك – برنامج رئيس الجامعة بمركز البحوث التطبيقية للبيئة والاستدامة: “لقد أراد مالك المبنى تحويل سطح مبناه إلى مساحة خضراء يمكن للمجتمع أن يستفيد منها، وأراد أن يطبق ذلك على أسطح جميع المباني في الحي الذي يعيش فيه، وذلك لتجميل المنطقة والحفاظ عليها.”
استخدم الطلاب تقنيات مبتكرة. وتم بناء الحديقة من مواد معاد تدويرها مثل الإطارات والبراميل والأبواب القديمة. تتضمن النباتات التي تم زراعتها بالحديقة مزيجاً من الزهور والأعشاب، مثل النعناع والريحان والجرجير والطماطم. وتم تزيين المكان أيضاً بإطارات تستخدم كمقاعد، وعريشة، وحمّام، وتحولت الأبواب القديمة إلى طاولة، وخصصت مساحة لتكون بيت للطيور.
كما قام الطلاب أيضاً بتدريب مالك المبنى وأسرته حتى يتمكنوا من الاعتناء بالحديقة بشكل صحيح. والآن، يعمل الطلاب على صياغة دليل تدريبي مصور برسوم كاريكاتورية ليتمكن السكان من تطبيق هذا النموذج بسهولة ويسر.
يمثل هذا المشروع قصة نجاح للتعلم التجريبي بالجامعة حيث تمكن الطلاب من التدريب العملي في شتى مراحل المشروع.
تقول سلمى خليل، طالبة بالبرنامج: “كان من المذهل مشاهدة كيف تسعى المجتمعات ذات الدخل المحدود لتحقيق حياة أفضل. كان الأطفال متحمسين للغاية للتعرف على العملية بأكملها. فقد بذلوا الكثير من الجهد في مرحلة التنفيذ، وعملوا بكد لجعل هذه الحديقة ما هي عليه الآن. وقام ملاك الأسطح بتقديم ما يمكن من موارد متاحة لديهم وأظهروا شغفاً وحماساً شديدين أثناء مرحلتي التنفيذ والتدريب”.
وأطلق العديد من أعضاء المشروع على خليفة مالك المبنى لقب “بطل السطح”، إشارة إلى استعداده التام للعمل مع الطلاب و دعم المشروع.
إن شعور المجتمع بملكيته للمشروع هو أمر مهم للغاية حتى يتمكن أعضاء المجتمع من رعايته وتكراره، حيث تقول خليل: “لقد تعلمنا أن الاستدامة عملية مستمرة وليس لها صيغة واحدة تناسب الجميع. حيث يجب ايفاء احتياجات جميع الأطراف وتنفيذ المشروع في بيئة آمنة بمواد ذات جودة جيدة، حتى يُضمن له البقاء والاستمرار.”
إن هذا البرنامج هو مجرد مثال يعكس تأثير المشروعات التنموية على المجتمع وأهمية مشاركة أفراد المجتمع من أجل إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهها مدينة القاهرة، بما في ذلك قضايا مثل الأمن الغذائي والتنمية الحضرية.
يقول عبد القادر “إن النسيج الحضري للعاصمة يزداد كثافة في مقابل انحسار المساحات الخضراء. كما أن الإسكان غير المخطط ينمو بشكل سريع مع مرور الوقت. ومن ثم، قد تكون الحدائق المزروعة على الأسطح حلاً فعالاً من أجل زيادة العنصر الأخضر في مدينتنا.”