رشا كاظم تكتب: حكايات من دفتر الوجع!

1

يلقبونها بالمرأة الفولاذيه .. مظهرها ، سلوكها ، ايماءاتها، نبرة صوتها ، كلها توحى بذلك . يظنون أن بإكتسابها لصفاته ، استغنت عنه ! و لا يدركون أنها تبلل وسادتها ليلا بملح عينيها شوقا اليه . و لا تكف عن ارسال موجاتها الانثويه التى تدرك جيدا أنه لن يلتقطها الا جهاز استقباله هو ، بينما يستقبل الاخرون تشويش موجاتها التي تلتبس عليهم دائما … فيخطئون فك شفرتها !!

2

لم يكن وسيما بالمعنى المألوف ، و لكن شيء ما في وجهه كان يثير شغفهن دائما ، لعله ذلك الانف الاشم ، المعتد أو الحاجبان الكثيفان اللذان يلقيا بظلال غامضه على عينيه.

و …  كانت المفاجأة المثيرة للجميع إقترانه بتلك الضئيله دقيقه الحجم ، الخجوله التي تشبه المراهقات . هامت به حبا ، و كان يري أنها الشريك المثالى لحياته بحساباته المنطقيه . بينما كانت تتابع تطريز فستان زفافها ، و شراء حذائها ، كان هو على الشاطيء مع اصدقائه مودعا للعزوبيه … حين ظهرت تلك الفاتنه المتفجره الانوثه ، التى تدرك تماما مواطن فتنتها . و كانت رسالته للفتاة الضئيلة : “علينا ان نعيد حساباتنا ، فنحن لا نصلح معا.. أنت انسانه رائعه تستحقين من هو أفضل منى” … و كانت تلك هى اللحظه التى لم يعد بعدها اى شيء كما كان لشبيهه المراهقات !!

3

عذبة هى .. رقيقة كبتلات الزهور .. أمضت سنوات مراهقتها و بدايات شبابها عضوة فعالة فى الجمعيات الخيرية و قارئة لكل ما تقع عينها عليه من روايات عربية و أجنبية …تخبيء جمالها كسلحفاة و تفتقد الثقة بنفسها على الرغم من شدة جاذبيتها … كانت صفقه رابحة بالنسبة له بكل المقاييس … تحولت إلى انسان آلى منذ الأيام الأولى للزواج فاقدة كل مشاعرها أثر الصفعة الأولى التى تلقتها منه … و تحولت إلى حطام بعد حادثة كسره لذراعها … بعد عشر سنوات كانت إمرأة قاسية بلا مشاعر تبث سم حقدها على من حولها من زوجات سعيدات !!

4

ملامحة عادية لكن فى وجهه مسحة وسامة لعلها نابعه من عسلية عينيه … شديد الطيبة … سليم الطويه ينتسب إلى عائلة عريقه واسعة الثراء تتميز بمثقفيها … هى تتميز بجمال شرقى يحتضن عينان نادرتان بلون البنفسج .. متواضعة النشأة متوسطة الثقافه لكنها تمتلك ذكاء فطرى و روح شديدة العذوبة و احساس فائق .. عادا من رحلة شهر العسل و هو يشعر انه قد امتلك حورية من الجنه على الأرض حتى أنه كان يخشى أن تلوثها لمساته.. ماتت فجأة وهى تضع طفلهما الأول .. ومات هو فى الرابعة و الستين محتضنا صورتها !!!

5

فتح دولابه الخاص ليجد عددا مهولا من ربطات العنق …و أطقم متعدده من ازرار القمصان ، و جاكيتات ممهوره بإمضاء اشهر المصممين العالميين و زجاجات عطور ثمينة لا حصر لها و…و…و..

أغلق الخزانة و صرف نظره عن السهرة التى كان مدعوا إليها ..تجول فى أنحاء حجرته الفاخره وشعر بقشعريرة فالسكون مطبق و الأشياء صماء من حوله ، لا يسمع الا صوت انفاسه .. تذكر يوم أن كانت هذه الحجرة تنبض بجذل وجودها و تأتنس لنبرات صوتها ثم لبكاء صغيرتهما .. لحظتها كره خزانته .. كره وحدته ..تمنى لو كان قد تخلى عن لقب “رجل الأرقام ” منذ زمن قبل أن يفقدها !!

شكرا للتعليق على الموضوع