سامي فودة يكتب:عاش الأول من أيار يوم العمال العالمي
اعتادت الشعوب المتحضرة في أرجاء العالم أن تحتفل بذكرى عيد العمال العالمي وفئاتها المضطهدة والمغلوبة على أمرها عيداً عالمياً في الأول من آيار من كل عام وذلك بفضل نضالاتها وجهودها الدؤوبة المتواصلة والتي أصبحت بفعل تضحياتها المعمدة بالدماء بما تم تحقيقه من انجازات ومكاسب أمراً واقعياً ومرسوماً وطنياً ودولياً في المحافل الدولية وإصراراً منها هذه الطبقة العاملة على المضي والتصميم في كفاحها نحو تحقيق المزيد من مطالبها واحتياجاتها وحفظ حقوقها المدنية واحترام آدميتها وكرامتها الإنسانية.
تأتي ذكرى عيد العمال العالمي هذا العام تتويجاً لهم اسوتاً بالأعوام السابقة، بينما الطبقة العاملة الكادحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأخص بالذكر هنا عمالنا البواسل الشرفاء في قطاع غزة الحبيب والتي تحتضر في غرفة العناية المركزة وهي في حالة موت سريري منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما بعد أن نخرت حمى البطالة والفقر المدقع الجسد الفلسطيني بفعل تآمر دول الكفر والشر بالمنطقة بفرض الحصار الشامل والظالم على أبناء شعبنا من كل الاتجاهات دون أن يلتفت لها أحد من عبدة الشيطان والمال والمناصب والكراسي سوى تعبئة كروشهم ومص دماء الغلابة وسرقة قوت أطفالهم. ورغم النداءات والمناشدات لهم من أجل إنقاذ هذه الشريحة الشريفة من أبناء شعبنا ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي مع هؤلاء الأصنام الذين فقدوا إحساسهم ومسؤوليتهم تجاه هذه الطبقة المناضلة المكافحة الصابرة الرائدة في العمل الوطني والاجتماعي..
فإن الشيء المفجع والمفارقة الغريبة والمؤلمة بالمشهد الفلسطيني المخزي نجد أن عمال العالم يمنح لهم المكافآت والعلاوات والإجازات السنوية لتتسنى لهم الفرصة من التقاط أنفاسهم والاحتفال بعيدهم من كل عام،بينما الطامة الكبرى والمصيبة نجد عمالنا الأوفياء الفئة المظلومة والمهشمة والمذبوحة والتي تمثل العمود الفقري لإقتصاد مجتمعنا الفلسطيني تعيش تحت ظروف قاسية وحياة معيشية صعبة مذلة في ظل الحصار والانقسام الواقع بين أبناء الوطن الواحد،
تحتفل هذه الطبقة العاملة على طريقتها فكل أيام السنة البسيطة والكبيسة من حياتها هو احتفالاً أسود ويوماً سيء بعيدهم لأنهم عاطلون عن العمل مستنكفين قصرياً في بيوتهم منذ سنوات بسبب عجز الآخرين من تقديم يد المساعدة لهم لإنقاذ أسرهم من الفقر والضياع والظلم الواقع عليهم في ظل ارتفاع غلاء المعيشة الفاحش وجشع وطمع وتعاظم المستغلين من سماسرة التجار الفاسدين الذين لا يكلوا ولا يملوا من التلاعب بأسعار السلع الأساسية ومضاعفة ثمن السلعة أضعاف أضعافها دون وجود رقيب أو حسيب يوقف هؤلاء الأقزام الخارجين عن القانون عند حدهم ومحاسبتهم، فإن عمالنا البواسل في قطاع غزة الحبيب تعرضوا لكارثة حقيقية ومأساة جعلتهم يفقدوا مقومات الحياة الأساسية…
مما زاد من تفاقم معاناتهم فأصبح العامل على مدار الساعة يعاني من ويلات القهر والذل والتسول والحرمان والجوع ومن انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19 ) المستجدّ حيث لا أبالغ إن قلت وحسب مصادر الغرفة التجارية والصناعية بمدينة غزة أن نسبة البطالة في فلسطين بلغت25% بعدد العاطلين عن العمل يبلغ 344 الفاً، وحسب إحصائيات الجهاز المركزي لإحصاء الفلسطيني أن معدل البطالة بين المشاركين في القوي العاملة (15سنة فأكثر) في عام 2019 بلغ 25% حين بلغ إجمالي نقص الاستخدام للعمالة 33%،حين بلغ عدد العاطلين215.1 الف شخص في الضفة الغربية بينما ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة ويبلغ المعدل 45% في قطاع غزة بالمقارنة بـ15% في الضفة الغربية ،
أما على مستوي الجنس فقد بلغ معدل البطالة للإناث14% مقابل 21%للذكور في فلسطين وبلغ إجمالي الاستخدام الناقص للعمالة 487.4 الف شخص حيث يتضمن هذا العدد73.1 الف من الباحثين عن عمل المحبطين و20.5 الف من العمالة الناقصة المتصلة بالوقت، وارتفع عدد العاملين في السوق المحلية من 827 الف عامل في 2018م إلى 877 الف عامل في 2019م اذا ارتفع العدد في الضفة الغربية بنسبة 8% كما ارتفع العدد في قطاع غزة بنسبة 3% لنفس الفترة وعمالنا البواسل هم في أمس الحاجة للعمل لسد احتياجات أبنائهم في ظل تدني مستوى الدخل وارتفاع نسبة الفقر إلي 80% وانهيار 97%من المصانع المتوقفة نهائياً عن العمل نتيجة الإجراءات التعسفية التي تمارسها دويلة الكيان المسخ في منع دخول المواد الخام وقطع الغيار وغيرها الكثير…
فإن الحياة المعدومة في قطاع غزة تمنع قاطنيها من التقاط أنفاسها ودب الحياة فيها من جديد وعلماً إن الكثير من أبناء شعبنا يعرف ولا يخفى عليه شيئاً بكل صغيرة وكبيرة وكل واردة وصادرة وأن أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة يعتمدون على معونات الإغاثة التي توفرها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين .فهم يعيشون تحت رحمة هذه المساعدات فتخيل أخي المواطن لو توقفت هذه المساعدات بسبب شح السيولة وعدم التزام الدول المانحة اتجاه الأونروا والذي يعتمد فيها غالبية أبناء شعبنا على هذه المساعدات بالتأكيد سيؤدي إلى تعميق ظاهرة الفقر والمستشرية أصلاً في صفوف الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة وتزداد الطينة بله في ظل الوضع الكارثي الذي شل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية’ تخرج علينا عناوين ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان يتم من خلالها استحلاب المواطن حتى تجفيفه وتعليبه وتجهيزه للتصدير تحت شعار أغيثوا أبناء غزة من الجوع والهلاك..
فليس من واجب وأخلاق الأمم المتحدة (الأونروا) ومنظمة العمال الدولية وكافة الاتحادات والمنظمات العمالية العالمية والمحلية والمؤسسات الأهلية والخاصة وحقوق الإنسان والسلطة الوطنية الفلسطينية من تحمل مسؤولياتها تجاه طبقة العمال المقهورة والوقوف إلى جانبها باعتبار أن الأراضي الفلسطينية منطقة متضررة ومنكوبة ومازالت محتلة فلابد من إجبار الكيان المسخ لوقف سياسة العقوبات الجماعية والتظهير العرقي والتهويد لمقدساتنا الإسلامية والمسيحية وابتلاع الأراضي وطمس المعالم الدينية والتاريخ والاغتيالات والاعتقالات وهدم البيوت وتدمير البنية التحتية لإقتصاد المجتمع وحرق الأخضر واليابس ورفع الحصار الظالم المفروض على أبناء شعبنا والذي تضررت منه كل الطبقات الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني..
عاش الأول من أيار وكل عام وعمالنا بألف خير
عاشت الطبقة العاملة طليعة النضال الوطني والاجتماعي
عشتم عمال فلسطين الأماجد