ريهام مجدي تكتب: الشهيد

أري بريقًا يشع من قلمي وهو يرسم تِلك الكلمات لرفقاء الأنبياء في الجنة، يفخر وهو يخط لكم قصص أبطال ضحوا بأنفسهم من أجل وطنهم الذي يمثل لهم ولنا الحياة والعرض والشرف، ضحوا بأنفسهم لأنهم أرادوا أن يحافظوا عليه لأخر قطرة دم في جسدهم وأخر نفس يخرج منهم، سأحكي لكم عن شهداء الوطن الذين جعلوا شعارهم النصر علي كل من يتصدى للوطن وأبنائه وعلي كل من يجرأ أن يؤذيه ولو بكلمة، سلامًا لمن جعلوا دمائهم شرفًا لأهلهم وإهداء روحهم إلي وطنهم الحبيب، سلامًا لكل جندي حامل سلاحًا تاركًا خلفه أباء وأمهات زوجات وأبناء، سلامًا لسلاح الوطن ذو الحدين، سلامًا لجيش مصر الحبيبة، سلامًا لكل من خاض المعركة وهو يسعي إلي النصر مهما كان الثمن غاليًا.

الجيش سلاح الوطن ومشهدهم أرض المعركة التي لا يعلم نهايتها أحد، ويحددها القدر، وتظل قلوب الأهل والأقارب والوطن بأكمله في لهفة الإنتظار، والدعوات من جميع الأركان، وصوت الأذان مع الدموع التي تذرف من كل عين، مع كل دمعة أُمنية ترجي من الله أن يعود إلينا كل محارب سليم.

أكتب ولكن بداخلي يشعر بكل أم في إنتظار ابنها الذي إستودعته في أمان الله، وتنتظر اللقاء به ليعود إلي حضنها بعد فراق دام أيام وشهور عديدة، إلتقاء عيناها به ولمس وجهه، إنتظار مؤلم وحيرة ودعوات بكل رجاء وأمل في الاستجابة، الخوف يمسك جسدها وتتمني أن لا يصيب ابنها مكروه، أشعر بكل زوجة في إنتظار زوجها البطل الذي تروي بطولاته لمن حولها عن شجاعته وأن يري نظرة الفخر التي تحملها له، إلي دموع كل طفل أبيه يحمل السلاح علي كتفيه ولا يفكر في شيء سوي إنتصار وطنه ولكن قلبه يحمل جزء لأهله، فهل جزء الحب هذا سيمنعه من التضحية بنفسه؟

حب الوطن يجري في دمائنا أكثر من حبنا لأنفسنا، حب الوطن عامود فقري نستند عليه، وشريان أورطي لضخ الدم في الأوردة، وعودة الحياة مرة أخري، الوطن لكل فرد من أبنائه أمان وطمأنينة وراحة، فكيف لأولادها أن يتخلوا عنها، أري الجندي كالأسد في أرض المعركة يريد أن يلتهم كل فرد فيها لحماية وطنه وعرضه ودينه وشرفه، والسلاح كالعقرب يضخ السم لقتلهم السريع، ويعود ليري أهله وفي يده النصرة ويأخذ درع القوة.

الفزع والخوف يملأ الأرجاء أسمع صوت الرصاص ينهمر منه دم الشرفاء الأقوياء، وتتفجر الأماكن من حولنا، وتسقط الأرواح علي الأرض، وقلبي ينفز حزنًا يكاد أن يتوقف، كل جندي يريد أن يحمي صديقه قبل نفسه، فحب الوطن وشرفهم ودينهم يجمعهم وصدق القلوب وطهارتها، كم من جندي أستشهد، كم من قائد رحل، كم من نبيل فارق، الأهالي تناشد باسم أولادها، هل الروح علي قيد الحيا أم تُرفرف لأعلي؟

تنتهي المعركة ويأتي وقت الوداع لأرواح الشهداء في عرس ملكي مثواه الأخير، وورود في كل المكان ،ورائحة عطر، ومشهد لا تنساه العين، ويحفظ تفاصيله العقل، والمشاعر لم تحسه من قبل، ورؤية وجه اليتيم ودموعه الذي يودع بها جسد أباه الملطخ بالدماء، ووجوه البشر تختلط عليها دموع الحزن بزغاريد الفرحة، عندها لا يبقى لدينا شيئًا لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته لفوز هذه المعركة ورفع رأس وطننا.

قال تعالي (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”)

اقرأ ايضاً

بالصور… ماراثون الشهيد البطل ” أحمد منسي ” ترسم ملحمة حب وعرفان تخليدا لأبطال الكتيبة 103 صاعقة

شكرا للتعليق على الموضوع