مصطفى التوني يكتب: الفلوس دي حلال يا ولد عمي؟!

كلمات خرجت بكل صدق من قلب وليس فم الحاج “عبد العظيم” ضيف برنامج مذيع الشارع  ،كلمات صوبت كالسهام إلى قلوب الملايين ممن يتحرون الحلال رغم فقرهم وحاجتهم أن اثبتو وثقوا بما عند الله وأيضاً صوبت إلى قلوب كل من يأكلون الحرام رغم غناهم المادي ،لكن هل ستخترق قلوبهم كما اخترقت قلوب الحريصين على تحري الحلال في أرزاقهم.

سبحان الله وكأن هذا اللقاء رسالة من الله لكل من سولت له نفسه أكل الحرام ،ففي الوقت الذي تكشف فيه الرقابة الإدارية عن المرتشين في كل مكان رغم مكانتهم العلمية والعملية ،يأتي هذا الرجل البسيط الأمي الذي لا يملك إلا خمسة جنيهات ،ليعلم الناس جميعاً كيف يتحرون الحلال في أرزاقهم وكأن الكون كله يأبي أن يُعلِّم الناس الحلال واليقين إلا رجل أمي ،له في رسول الله القدوة الحسنة، فالنبي الأمي- صلى الله عليه وسلم – هو من علم البشرية كل شيء  .

أي يقين هذا الذي وقر في قلب هذا الرجل على أن الأمر كله بيد الله ،انظروا إلى تعابير وجهه وهو ذاهب ليأتي بالخبز والطعمية ولا يملك غير الخمسة جنيهات وقد علت وجهه الابتسامة والطمأنينة ،لأنه يعلم أن الخمسة جنيهات التي يملكها بالحلال خير من آلاف مشبوهة أو مشكوك في مصدرها. وهاهي تعابير وجهه تتغير وتسيل دموعه خوفاً أن يكون في الجائزة التي فاز بها شبهة حرام . والله لقد تفوق هذا الرجل بكلماته هذه على كل خطباء الجمعة الذين يصعدون المنابر ،وعلى كل العلماء الذين يملأون الشاشات بفتاويهم ودروسهم .تفوق بيقينه الكامل أن الله هو الرزاق ،هذا اليقين الذي لا يملكه إلا من كان بينه وبين الله حال.

لقد تفوق “أحمد رفعت ” مقدم الفقرة على كل مذيعي التوك الشو الذين يدفعون الملايين لمقابلة التافهين والسفهاء ليتحصر العلماء والناجحون وأصحاب الفكر والإبداع على أنفسهم ،فكيف لسوستة وبيكا وشاكوش أن ينالوا كل هذه التكريمات وتسعى كبار البرامج لاستضافتهم في الوقت الذي أفنى فيه عالم أو شاب طموح عمره ليقدم لهذه البلد علمه وخدماته!

أتمنى أن يكون كلام الحاج عبد العظيم رسالة لنا جميعاً تجعلنا نعيد حساباتنا مع ما نكتسبه من مال سواء من وظيفة أو صنعة أو أي مصدر دخل أن نتحرى الحلال فالموظف الذي لا يؤدي وظيفته بما يرضي الله ،هذه رسالة لك ،والمسئول الذي يرتشي هذه أيضاً رسالة لك ، فلنعُدْ جميعاً إلى تحري الحلال ولنتذكرْ قول النبي -صلى الله عليه وسلم – “أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة” وقوله أيضًا “كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به”.

إن كلام هذا الرجل يثبت حسن ظنه بالله وحسن توكله عليه .يا ترى أنت ظنك إيه بربنا  ( فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العالمين ) أحسنوا الظن بالله يعطيكم فوق ما تتمنون. أسأل الله أن يرزقنا حسن الظن به إنه ولي ذلك والقادر عليه.

استقيموا يرحمكم الله.

اقرأ للكاتب

مصطفى التوني يكتب: قراءة في أخر الأحداث

شكرا للتعليق على الموضوع