مصطفى التوني يكتب: التحول الرقمي ومحاربة الفساد
تسعى الدول والحكومات إلى تطبيق نظام التحول الرقمي للخدمات المقدمة للتيسير على المواطنين والمستثمرين في سرعة إنهاء إجراءات الخدمات التي تقدمها الدوائر الحكومية، كتوصيل المرافق وغيرها من الخدمات، لأن المستثمر قبل أن يضع أمواله في أي بلد ينظر إلى مدى تطبيق الدولة للخدمات الإلكترونية.
وقد أعلنت الدولة المصرية أنها ستتبنى سياسات إعلاء قيم النزاهة والشفافية، بالتوازي مع المضي قدمًا في رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، حيث إن تدفق الاستثمارات ونجاح منظومة الإصلاح الاقتصادي يجب أن تحميه استراتيجية فعالة لمكافحة الفساد ، قد دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تبني استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في “اليوم العالمي لمكافحة الفساد” 9 ديسمبر عام 2014 من مقر هيئة الرقابة الإدارية، وتم تشكيل لجنة لمكافحة الفساد يترأسها رئيس مجلس الوزراء، وتضم في عضويتها وزير التنمية المحلية والإدارية، ووزير العدل، ورئيس هيئة النيابة الإدارية، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وممثلين عن كل من وزارات الداخلية والخارجية والمخابرات العامة والجهاز المركزي للمحاسبات، ووحدة مكافحة غسل الأموال، والنيابة العامة.ثم عاد الرئيس فأطلق المرحلة الثانية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2019 /2022 وذلك في ختام فعاليات منتدى إفريقيا 2018 بشرم الشيخ، وتضمنت 9 أهداف رئيسية تمثلت في إنشاء هيئة إدارية فعالة، وتوفير خدمات عامة عالية الجودة، وتفعيل آليات الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية، وتطوير الهيكل التشريعي لدعم مكافحة الفساد، وتحديث الإجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية، تقديم الدعم لوكالات إنفاذ القانون لمنع الفساد ومحاربته، وزيادة وعي المجتمعات المحلية بأهمية منع الفساد ومكافحته، وتنشيط التعاون الدولي والاقليمي في مجال منع الفساد ومكافحته، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد.
منظمة الشفافية والفساد تقول إن ميكنة الخدمات الحكومية تقضي على 80 % من فرص الفساد في أي دولة.
إذا منذ 2014 حتي الآن من المفترض أن تكون مصر وصلت إلى هذه النسبة في مجال القضاء على الفساد على أساس أنها دولة من الدول التي سعت لذلك .لكن هذا للأسف لم يحدث ومازال الفساد مستمراً خلف التطبيقات الرقمية وبعض التحول الرقمي الذي شمل بعض الوزارات والخدمات ، ولدينا مثال واضح ، منصة خدمات الكهرباء التي أطلقتها الوزارة للتقديم على الخدمات المتعلقة بالكهرباء من خلالها ، هذه المنصة يتم استغلالها من خلال الموظفين أسوأ استغلال ويتقاضى بعضهم الرشوة من أجل تفعيل الخدمات للمتقدم على المنصة، فمثلاً إذا تقدمت بطلب لتحويل الممارسة إلى عداد كودي يعطيك التطبيق رقم الطلب وعليك متابعة التحديث بالنسبة للطلب حتي يتم تركيب العداد، لكن ما يحدث غير ذلك ، فمنذ 2020 قدم البعض طلبات ولن يلتفت إليها ، لماذا؟! لأن خلف التطبيق موظفًا مرتشيًا لابد أن تدفع له كي يحرك الطلب على المنصة، وينهي إجراءات تركيب العداد لك، وقس على ذلك كثيراً من المصالح الحكومية التي طبقت الرقمنة في تقديم خدماتها .
فلو كانت منظمة الشفافية التي قالت إن التحول الرقمي يقضي على 80% من الفساد في الدول التي تعمل بهذا النظام، كان عليها أن تستثني مصر من هذه الدول، لأن لدينا موظفين اعتادوا على أكل السحت والتربح من وظائفهم، وقد قدمت لهم الدولة طريقة أفضل للحصول على الرشوة بدل فتح الأدراج، فهو قادر أن يعطل طلباتك على المنصات الرقمية حتى إذا ما دفعت له ما يريد حرك الطلب.
إذا متى نقضي على الفساد؟!
ومتى تتحرك المؤسسات المعنية بسرعة أكثر لملاحقة الفاسدين؟؟
وإذا لم تتمكن النظم الحديثة كالتحول الرقمي في الحد من الفساد، فالرقابة الصارمة هي الحل الأول، لابد من التطهير قبل التطبيق، لابد من التخلية قبل التحلية حتى تأتي الأنظمة الحديثة بثمارها، فليس من المعقول ونحن لدينا أهم مصادر قوة استراتيجية المكافحة وهو “وجود إرادة سياسية عازمة على القضاء على الفساد.” ألا يرى الشعب نتاج هذه الإرادة وتلك الدعوات التي يطلقها الرئيس دائماً بالحث على مكافحة الفساد والمفسدين فمجرد القبض على وزير أو محافظ بشبهة فساد لا يعني بالضرورة أن هناك حربا جديدة على الفساد.
“استقيموا يرحمكم الله”
اقرأ للكاتب
مصطفى التوني يكتب: المقاطعة ليست الحل الأفضل يا صديقي!