سعاد ياسين تكتب: التسامح ودوره في بناء المجتمعات

يلعب التسامح دورًا حاسمًا في بناء المجتمعات المعاصرة. ويشير التسامح إلى الرغبة في قبول واحترام الاختلافات في المعتقدات والممارسات الثقافية والاجتماعية والدينية للآخرين مع اعترافنا بوجود المعتقدات الفردية.

يسمح التسامح بالاحتفال والاعتراف بوجود التنوع، وهو أمر ضروري لبناء مجتمعات شاملة. فعندما يجتمع أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة، فإنهم يجلبون معهم وجهات نظر وخبرات مختلفة، والتي تؤدي بالنهاية الى اثراء المجتمع ككل. ويشجع التسامح الناس على الانخراط في حوار حضاري مع بعضهم البعض، حتى لو اختلفوا في قضايا معينة، وهذا يساعد على بناء جسور التفاهم بين المجموعات المختلفة ويؤدي بالنتيجة إلى مزيد من التفاهم والاحترام المتبادل.

كما ان التسامح يساعد في الحد من الصراع بشتى اشكاله من خلال تعزيز التعايش السلمي والتفاهم بين المجموعات المختلفة. فوجود افراد متسامحين مع بعضهم البعض يجعلهم اقل عرضة للانخراط في سلوك عنيف أو عدواني تجاه أولئك الذين يختلفون عنهم في شتى مجالات الحياة، كما ان التسامح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ويساعد في بناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكًا من خلال تعزيز التماسك الاجتماعي والشعور بالانتماء، فعندما يشعر الأفراد بالقبول والتقدير لما هم عليه، فمن المرجح أن يساهموا بشكل إيجابي في مجتمعاتهم.

كما ان التسامح يعزز الإبداع والابتكار داخل المجتمعات، فالانفتاح على الأفكار ووجهات النظر الجديدة يجعل الأفراد قادرين على اكتشاف طرق جديدة للتفكير وحل المشاكل، مما قد يؤدي إلى ابتكارات وتطورات جديدة، كما انه  مهم أيضًا للتعليم، فعندما يتم تنشأة الطلاب وتعليمهم عن الثقافات والأديان والمعتقدات المختلفة ، فان من شأن دلك ان يولد لديهم  إحساسًا بالتعاطف والتفاهم تجاه الآخرين، مما يؤدي بالنتيجة الى الحد من التحيز والتمييز وترك آثار إيجابية على الصحة العقلية، ويخلق اشخاصا أقل عرضة لتجربة مشاعر العزلة والوحدة يساعد ذلك في تقليل التوتر وتحسين الصحة العقلية والرفاهية بشكل عام.

كما يتوجب علينا جميعا ان ننشر ثقافة التطوع بالوقت والموارد للمنظمات التي تعزز التسامح واحترام التنوع، وهذا يشمل المنظمات التي تعمل مع اللاجئين والمجتمعات المهمشة والمجموعات الأخرى التي قد تواجه التمييز مما يجعل من مجتمعنا مجتمع متميز عن باقي المجتمعات المختلفة.

كما يتوجب علينا تعزيز التعاطف بشكل كبير من خلال فهم تجارب الآخرين ووجهات نظرهم بما يشمله ذلك الاستماع إلى قصصهم والتعرف على خلفياتهم وبناء علاقات هادفة سوية داخل المجتمع، ويمكننا ممارسة الشمولية من خلال ضمان أن يشعر الجميع في المجتمع بالتقدير والاندماج من خلال التأكد من أن كل شخص لديه إمكانية الوصول إلى الموارد والفرص بغض النظر عن الخلفية والمعتقد.

فالتسامح ضروري لخلق المجتمعات الديمقراطية، فعندما يتسامح الناس مع وجهات النظر والآراء المختلفة، فهم ينخرطون في حوار سياسي بنّاء ونقاش سليم، يمكن أن يؤدي هذا في اخر المسار إلى اتخاذ قرارات أكثر استنارة وديمقراطية وأكثرقوة ومرونة، ولا يُمكن إنكار دوره في معالجة القضايا الاجتماعية مثل الفقر وعدم المساواة والتمييز.

فلا من ان نعترف جميعا ان تعزيز التسامح في مجتمعاتنا يتطلب جهودًا فردية وجماعية، حيث يتوجب تثقيف الأفراد حول الثقافات والأديان والمعتقدات المختلفة من خلال حثهم على مطالعة الكتب وحضور البرامج الثقافية والمشاركة في حوار محترم مع أشخاص من خلفيات مختلفة.

اقرأ للكاتبة
سعاد ياسين تكتب: كيف نحمي أنفسنا من خطر الابتزاز الإلكتروني

شكرا للتعليق على الموضوع