فاطمة الفار تكتب: التصعيد في غزة إلى أين يقف؟
مع بدء المرحلة الثانية من الحرب في غزة، فإن مستقبل هذه المنطقة المحاصرة معلق بين الأمل واليأس. وترتجف المنطقة المدمرة بالفعل تحت وابل متكرر من القنابل، حيث يضطر شعبها إلى تحمل ظروف معيشية بغيضة. في هذا العصر الدرامي، يحوم عدم اليقين مثل زوبعة عاصفة، تحطم الأحلام وتطفئ حتى أضعف شرارات التفاؤل.
إن هذا التدمير الضخم لا يؤدي إلى تآكل البنية التحتية فحسب، بل يقوض أيضًا الركائز الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي ازدهرت عليها المجتمعات النابضة بالحياة ذات يوم. إن المدارس التي كانت ذات يوم ملاذاً للمعرفة أصبحت الآن في حالة خراب، مما يترك جيلاً كاملاً محروماً من الفرص والتطلعات التعليمية. الاقتصاد في حالة يرثى لها، والبطالة تلوح في الأفق على كل أسرة مثل سحابة سوداء تخنق أي بصيص من الرخاء. إن العالم يراقب هذه المأساة المتكشفة بفارغ الصبر؛ فهل سينطوي مستقبل غزة على هاوية لا يمكن الخروج منها أبداً؟ أم أنه ستظهر أصوات شجاعة مصممة على إعادة بناء الحياة المحطمة واستعادة مستقبل مليء بالوعود؟ الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت المرونة ستنتصر على الدمار أم أن الظلام سيسود إلى أجل غير مسمى في هذه القصة المأساوية.
وعند انقضاء الهدنة التي استمرت أسبوعًا في أول ديسمبر، سيشهد الوضع الإنساني تفاقمًا جديدًا بسبب موجة جديدة من النزوح. كان الفلسطينيون الذين نصبوا خيامهم على أرض مستشفى ناصر في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، حيث بدأت إسرائيل هجومها المنتظر منذ وقت، يقومون الآن بفك خيامهم وتكديس الحصائر والبطانيات في السيارات أو عربات يجرها الحمير، وذلك كوسيلة للابتعاد عن آثار الهجمات الجوية.
وفي هذا الصدد ومن أجل التخفيف من حدة الآثار الخاصة بالنكبة، أفاد المكتب الصحفي لوزارة الطوارئ الروسية،عن إرسال دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، حيث بلغ وزن الشحنة الإجمالي 27.5 طن. وأوضحت الوزارة في بيانها أن طائرة (إيل-76) التابعة لها قد أقلعت باتجاه مطار العريش، محملة بشحنة متنوعة تشمل أسرّة وبطانيات ومستلزمات النظافة الشخصية، إضافة إلى مواد غذائية وأطعمة خاصة بالأطفال.
وباعتبارها لاعبًا رئيسيًا وقوة مؤثرة في المنطقة، أخذت مصر على عاتقها مسؤولية الدفاع عن حقوق ونضالات جيرانها الفلسطينيين بحماس وتصميم. وفي مواجهة الصراع المستمر والمعاناة الإنسانية، تقف مصر شامخة كداعم ثابت، وتعمل بلا كلل لتخفيف الألم الذي يتعرض له المدنيون الأبرياء. إن التزامها بالتوسط في محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل يُظهر تفاني البلاد الثابت في إيجاد حل دائم لهذه الأزمة التي تبدو لا نهاية لها. فضلاً عن ذلك فإن الجهود التي تبذلها مصر لتخفيف القيود المفروضة على التجارة والتنقل بالنسبة لسكان غزة تعكس اهتمامها الحقيقي بهذه القضية. ومن استضافة العديد من اجتماعات المصالحة إلى تقديم المساعدات الإنسانية الحاسمة، تبرز مصر كقوة لا تقهر تناضل من أجل العدالة وسط الفوضى. والحقيقة أن موقف مصر المؤيد لغزة يسلط الضوء على رغبتها الفطرية في دعم مبادئ الحرية والكرامة والتضامن مع كافة السكان المضطهدين الذين في متناولها.
اقرأ للكاتبة
فاطمة الفار تكتب: مصر على وتيرة التدفقات السريعة