سارة إبراهيم تكتب: البلدان الغنية وشركات الأدوية الكبرى تُعيق حق الإنسان في العلم
كاتبة عربية تعيش في سويسرا تكتب في مجالات التكنولوجيا والمجتمع والذكاء الاصطناعي والرقمنة والأخلاقيات وحماية البيانات، والحوكمة، والهوية والأقليات.
تهتم بالقضايا المتعلقة بتأثير التقنيات الجديدة على المجتمع.
هل نحن على وعي بالثورة الجارية وبنتائجها؟
الهواية المفضلة: التفكير الحر، أما العادة المتكررة فهي: أسئلة كثيرة جدًا.
هل كنتم تعلمون أن لجميعنا الحق في الحصول العادل على العلم؟ هذا ما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الذي يُحي العالم هذه السنة ذكراه الخامسة والسبعين. إلا أن البلدان الغنية مثل سويسرا وشركات تصنيع الأدوية تحُول دون الحصول المنصف على اللقاحات ووسائل العلاج الأخرى.
أظهرت جائحة كوفيد – 19 عجز البلدان الغنية وشركات الأدوية الكبرى عن توفير اللقاحات ووسائل العلاج الأخرى لمكافحة فيروس كورونا بشكل منصف في جميع أنحاء العالم.
والآن بعد أن خفتت الأضواء التي كانت مسلطة على الجائحة الكونية، سعى التحالف العالمي للقاحات والتحصين (اختصارا Gavi) الذي يتخذ من جنيف مقرا له للتوصل إلى مخرج من الإتفاق المبرم بينه وبين مختلف شركات صنع الأدوية، مثل شركتي “موديرنا” و”جونسون آند جونسون”، لكن دون جدوى. وكان التحالف العالمي للقاحات والتحصين قد أنفق 1.4 مليار دولار كمدفوعات مسبقة لقاء جرعات اللقاح التي لم تعد مهمة نظرا إلى انخفاض الطلب عليها.
فما إن تمت الموافقة على ترويج اللقاحات تجاريا حتى منح هؤلاء المنتجون الأفضلية للبلدان الغنية القادرة على دفع المزيد، واستبعدوا بذلك التحالف العالمي للقاحات والتحصين من السوق. والآن، ترفض هذه الشركات إعادة الأموال التي دفعتها المنظمة مُسبقًا، حسبما ورد في تقرير نشرته نيويورك تايمز حديثًا. وندّد الخبيرون والخبيرات في الصحة العامة بهذا الرفض، وشددوا على أن الشركات المنتجة للقاحات كوفيد – 19 تحرم منظمة غير حكومية من موارد مالية من الممكن استخدامها “في تحقيق منافع كثيرة”.
السياسة الحمائية السويسرية
كان بالإمكان تجنب كل هذا لو رُفعت القيود عن براءات اختراع اللقاح في نفس الوقت الذي وصلت فيه هذه اللقاحات إلى السوق. إلا أن هذا الأمر لم يحدث جراء معارضة البلدان الغنية له بالخصوص. وبالفعل، تعللت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا بحجة “حماية الابتكار” من أجل تبرير اتخاذها لمثل هذه المواقف الممانعة.
وكانت سويسرا بالتحديد، من بين البلدان الأكثر اعتراضًا على فكرة إزالة عقبة براءة الاختراع من أجل السماح للبلدان ذات الدخل المنخفض بالحصول على اللقاحات والوسائل الأخرى الكفيلة بالتصدي لجائحة كوفيد – 19. في الوقت نفسه، سوف تتخلى سويسرا عن 14 مليون جرعة غير مُستخدمة ومُنتهة الصلاحية بحلول نهاية فبراير الجاري.
حق غير مُعترف به
حتى يوم الناس هذا، لا يُعتبر العلم حقا عالميا، وهو أمر تتحمّل الشركات الكبرى والبلدان الغنية جزءًا من المسؤولية عنه. ففي خلالل اجتماع القمة الذي عقدته مؤسّسة جنيف الرائدة للعلوم والدبلوماسية في شهر أكتوبر 2022، شدّد طوماس زيلتنر، رئيس اللجنة السويسرية لليونسكو، على أن الحكومة السويسرية قد تكون غافلة حتى عن وجود مثل هذا الحق. وتنص (المادة 27 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في العلم، محددة إياه بوصفه حق الإسهام في التقدُّم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه.
كيف يتم انتهاك أو احترام الحق في العلم من خلال ما مررتم به من تجارب؟
اقرأ ايضاً
نانسى فتوح تكتب : من يدفع الثمن ..!