نانسى فتوح تكتب : من يدفع الثمن ..!

هل أصبح مجتمعنا يقسو على بعضه بقدر قسوة زماننا علينا ..؟

هل أصبحنا ضحايا زمن يهيمن عليه الفساد بكل صوره .. فساد إداري، فساد مالي، وأخلاقي ..؟

هل الوضع الاقتصادي المتردي والأعباء المعيشية أدى إلى تغيير أخلاق المجتمع حتى أصبح التعامل مع بعضنا مليء بالغل والكره والضغينة ..؟

هل وصل الفساد الأخلاقي إلى هذا المستوى من نهب وسرقات وتصفية روح بمنتهى اللامبالاة واللاإنسانية وكأننا نعيش في غابة لا يحكمها قانون ولا أخلاق ولا ضمير..؟

هل الإهمال والطمع وربح المال هو أسمى هدف يهيمن على حياتنا لدرجة أن يكون سبباً رئيسياً في سرقة الأموال وزهق أرواح مشرفة على الحياة بالأمل ..؟

هل وصلنا إلى درجة من البلطجة بين بعضنا البعض على أقل الأشياء وأتفه الأسباب ..؟

هل أصبحنا في حالة من ضياع الإنسانية حتى أصبحت المصالح الشخصية فوق مصلحة الجميع وأن أرخص مافي الحياة هو روح البشر التي ليس لها أي قيمة …؟

لقد أصبح الفساد متفشي في حياتنا حتى النخاع، حتى أصبحنا  نشعر أننا في اللا دولة .. فكل يوم نسمع عن قضية فساد جديدة ..

فمن اكتشاف رشوة “مغارة علي بابا” في منزل مدير مشتريات بمجلس الدولة، إلى اكتشاف فساد بالملايين في الشركة القابضة للأدوية، إلى سرقة المعاشات، إلى مقتل الشاب الطبيب الذي قتل بإحدى الكافيهات بدم بارد ، لمجرد مشاهدته للمباراة بعد خسارة المنتخب المصري في نهائي كأس الأمم الأفريقية .. ليثبت أثناء التحقيق أن الكافيه غير مرخص ، وفتحه رغم القانون، فالوسائل كثيرة في بلد يُباح فيها الرشوة وغياب القانون التي تهدد حياة المصريين جميعاً .

فضلا عما نشاهده من مئات الفيديوهات على الإنترنت ترصد بالصوت والصورة جرائم البلطجة، بكل أنواعها من قتل وسحل وخطف، والاتجار في المخدرات والأسلحة وبيعها علناً في الشوارع، وسرقة الأعضاء وبيعها علناً أيضاً على الإنترنت وسط غياب تام من الأجهزة الرقابية، وأن هذه الفيديوهات عبارة عن نقطة في محيط.!

ويليها حادث انهيار سقف مستشفى “الصحة النفسية” بطنطا على المرضى بعد شهر من ترميمه…!!

فجرائم البلطجة والفساد لن تكون الأولى والأخيرة، ومع ذلك جعل المعنيون بالأمر ودنًا من طين والأخرى من عجين.

وقد تتطور جماعات البلطجة في المستقبل من كونها جماعة من المجرمين إلى عصابات جريمة منظمة لديها من القدرات والإمكانيات التسليحية ما قد يؤهلها لمواجهة الدولة.

كل ذلك يحدث في ظل نظام أمني يكون شغله الشاغل “الأمن السياسي” فحسب تحت مسمى “القضاء على الإرهاب”، متناسين أن الاهتمام بالأمن السياسي يفتح الطريق أمام البلطجية في مصر لمزيد من العمليات الإجرامية وهو ما يعتبر تخريباً في جسم الدولة المصرية، قد يؤدي إلى تفككها تدريجياً، إذا لم تبادر الحكومة بمعالجة هذا الخلل.

الداخلية بإهمالها ملف البلطجية، الأخطر من ملف الجماعات المتطرفة، إنما تدفع البلاد إلى منزلق خطير، بشائره، أخطر من يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، وهو اليوم الأسود الذى عاشت فيه مصر حالة من الرعب والخوف لم تشهده عبر تاريخها الطويل ، فدولة البلطجة أخطر من دولة الإرهاب.

فتذكروا دائماً أن أمن المواطن هو ترسيخ لأمن الوطن.

فنحن نحارب الفساد منذ 60 عاماً، وقامت ثورة 25 يناير لتطهير الفساد المتوغل والمستشرق في جميع مؤسسات الدولة .

إنه الخلل في السلوك الجماعي يحتاج إلى مراجعة جدية لملفات الفساد والبلطجة والعنف والإهمال واللا مبالاه التي يدفع ثمنها دائماً الأبرياء من أبناء وبنات الوطن، على أن يتزامن ذلك بترسيخ القانون وتكثيف التواجد الامني، وتطبيق عقوبات صارمة على المخالفين، ومحاسبة كل مسؤول على تهاونه في أداء عمله حتى يخاف الصغير قبل الكبير ونشعر أننا في وطن يحمينا حقاً.

نحن نريد القليل ولكن للأسف ربما يكون الأمان طلب صعب الحصول عليه في بلد وصفها الله بـ (ادخلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين).

ولكن مازلنا نتساءل ..أين هو الأمن والأمان؟؟

نتمنى أن نشعر في وطننا أننا بشر، نريد العدل والحرية .. نريد أن نشعر أننا مواطنون لهم حق العيش في بلاد تنعم بالأمن والأمان.

اقرأ للكاتبة :

لماذا يلام ترامب ..؟

شكرا للتعليق على الموضوع