الأخلاق الحربية بين سمو المسلمين وهمجية اليهود
حسن الخلق ولين الجانب، والرحمة بالضعيف والتسامح مع الآخرين هو سلوك نبيل تسلكه الأمم المتحضرة في أوقات السلم، أما حسن المعاملة في الحرب مع الإعداء والرحمة بالنساء والشيوخ والرفق بالأطفال والتسامح مع المغلوبين فلا تستطيع كل أمة أن تفعله ولا يستطيع كل قائد عسكري أن يتصف به.
من الطبيعي أن رؤية الدم في المعارك تثير الدم وتؤجج العداء ، ومفهوم أن نشوة النصر تنتشي بها النفوس الرجال النبيلة ، أما النفس الخبيثة فهناك من يعتمر قلبه بأقذر أنواع التشفي ويتبع أبشع أساليب الانتقام ولكن التاريخ يخلد قادة وفاتحين عسكريين وفاتحين مدنيين بأنهم انفردوا عن نظرائهم بالأخلاق الإنسانية خلال أوقات كانت تحمل أكثر على الثأر وسفك الدماء ،وتميزوا بالرحمة العادلة في خضم أشد المعارك احتداما ، وقد كان قبلهم أقوام يسلكون سنن الغاب ،يقتلون الضعفاء العزل ويستعبدون الرجال ، حين كانت الحرب شرعة معترف بها بين جميع الشرائع والشعوب من غير قيد ولا حدود، وبدون التفريق بين حرب جائزة ، وحرب جائرة.
لقد أثرت الحضارة الإسلامية التاريخ الإنساني بالكثير من الدروس والعبر والبطولات في الشدائد والحروب التي شهدت للفاتحين المسلمين بالشجاعة والسمو ، وبأنهم لم تأخذهم نشوة النصر والغرور بقدر ما هي فرحة إعلاء كلمة الله .في وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في يوم بدر بعدم التعرض للشيوخ والنساء والأطفال ولا لرجل يتعهد زرعه ولا لشجرة أو نخلة، هو مثال يعبر بصدق عن كل الخصال الحميدة للقائد المحارب ، ويطبق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المبادئ الإنسانية لما دخل مكة فاتحا مظفرا واستسلمت له قريش عند قدميه على باب الكعبة تنتظر حكمه فيها بعد أن حاربته إحدى وعشرين سنة، إذ قال لهم : “…لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين ، اذهبوا فأنتم الطلقاء.” ولكن إذا قامت الحرب قاتل المسلمون من اعتدى عليهم، دون أن ينسوا مبادئهم وأن الحرب الخالصة لله يجب أن تظل إنسانية في وسائلها وعند اشتداد وطيسها.
لقد عرف التاريخ الإنساني إجرام طغاة غلبوا أمم على أرضها وأكرهوا أهلها على ترك عقيدتها، وسفكوا الدماء بغير حق، واستباحوا دماء رجالها وأعراض نسائها، وتحولوا إلى أداة تصنع الباطل والبغي والشر، ثم عاثوا في الأرض فسادا، وهذا شأن بني اسرائيل، لا يراعون حرمة مقدس ولا حق أسير ولا كرامة امرأة ولا يرحمون الشيخ والطفل والرضيع ، الكل في شريعتهم مضطهد و… فشتان بين أخلاق المسلمين الحربية، وأخلاق السفاحين اليهود، شتان بين من مروا بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع يتعبدون ودعوهم وما فرغوا له، وبين من قصفوا المساجد وقت إقامة الصلاة فوق رؤوس المصلين، واقتحموا باحات الأقصى يطاردون المصلين ضربا واعتقالا وتقتيلا.. إنها الهمجية الإسرائيلية العمياء بروح الانتقام من المؤمنين وليس من النازيين!
أخلاق المسلمين في الحروب دروس خلدها التاريخ، أما سلوك اليهود في الحروب إجرام في مزبلة التاريخ، لذلك لن يدوم امرهم طويلا، فنظرة إلى حين ميسرة، إن بعد العسر يسرا.
اقرأ ايضاً
فلسـطيـن: من الأرض المحتلة إلى الأرض المختلة