أيمن عقيل يكتب: أليس في الإدارة الأمريكية رجلاً رشيداً!
في كل مرة يتصاعد فيها الحديث عن وقف إطلاق نار محتمل في قطاع غزة، يخرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي” ليعلن أن الولايات المتحدة تعارض ذلك. كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن لعرقلة مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وقال آخرون إن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو ضد أي مشروع قرار آخر، إذا كان الغرض وقف العمليات العسكرية في غزة.
وهذا يدعونا إلى التساؤل ؟ ما الذي يحاول الرئيس بايدن إثباته في قطاع غزة ؟
بحسب التقديرات فأمريكا لا تريد للحرب أن تتسع لدخول أطراف أخرى، لأن تحريك كرة الثلج يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية وربما عالمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها. لكن الواقع إن الشيك على بياض الذي منحه البيت الأبيض لإسرائيل لا يضمن أبدا لهذه الحرب أن تقف عند حدود قطاع غزة، فمتى يقتنع بايدن وإدارته أن استمرار هذه الحرب وقعها سيكون كارثيا. ومن المعروف إن الرئيس بايدن كان مؤيدا طيلة حياته السياسية لإسرائيل وظهر مرتين في عام 1986 و2023 ليقول “إن لم تكن إسرائيل موجودة لأقمناها”.
لكن دائما ما قرأت أن أمريكا دولة مؤسسات وليست بدولة الفرد الواحد، فأليس في الإدارة الأمريكية رجلاً رشيداً يُدرك أن إسرائيل تجاوزت ما تزعم إنه حقا في الدفاع عن نفسها، وإن توقف عمليا تقديم الأسلحة إلى القوة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية. وإلي متى ستظل أمريكا تخلق أعداء لها في الشرق الأوسط لتبرير وجودها كالادعاء الذي مر عليه زمن طويل بأن مشكلة الشرق الأوسط تتمثل في الخطر الشيوعي أو مزاعم التواجد لمكافحة الإرهاب أو القضاء على الأسلحة النووية في العراق، الأكثر من ذلك إن نظرية عبء الرجل الأبيض التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير وجودها في أفغانستان ودول أخرى قد عفا عليها الزمن.
فلم تعد الشعوب العربية أو حتى الشرق أوسطية يخيل عليها هذه التبريرات. فاعتقد انه لا أحد ينسى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “كولن باول” أثناء غزو العراق الذي ألقى خطاب مدته 76 دقيقة في مجلس الأمن لتبرير الحرب على العراق، ليخرج بعد سنوات معتذر ليقول إنها “النقطة السوداء في حياته” الحرب التي قالت عنها “كونداليزا رايس” في خطاب ألقته في القاهرة في يونيو 2005: “إن أمريكا سعت لتحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في العراق وفي الشرق الأوسط ولم تحقق لا الاستقرار ولا الديمقراطية”
باختصار إن لم تفكر الإدارة الأمريكية في استخدام جميع أدواتها لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتسعى بجدية إلى ذلك من الآن فإنها ستخلق أجيالا من الكارهين لأمريكا وحكامها، ولتعلم أن حماية مصالحها في الشرق الأوسط لن يكون فقط بالدفاع الأبدي عن إسرائيل، ولكن ببناء الثقة مع الشعوب العربية والشرق أوسطية. ويجب أن تدرك الإدارة الأمريكية أن الاستراتيجية التي راهنت عليها بأن يقف الرأي العام العربي وربما العالمي ضد هجمات السابع من أكتوبر قد فشلت بسبب الهمجية غير المبررة لإسرائيل في قطاع غزة وتنحية مبادئ القانون الدولي الإنساني جانبًا.
اقرأ ايضاً
ناصر اللحام يكتب: عودة الحرب لعدة أيام لتحسين شروط صفقة التبادل الشاملة