لؤي ديب يكتب: ينعطف الطريق في كل مرة نقول انه انتهي !
طبيعي أن يكون لكل من ايران واسرائيل روايتها الخاصة التى يدعي كل طرف فيه النصر ، فبرغم ان كلاً منهم أوجع الآخر واسرائيل نالت ضربات موجعة في مؤسسات عسكرية وخسرت الكثير لكنها تتكتم وايران خسرت علنا بدون تكتم ، ولكن حرب كهذه كان كل طرف فيها حريص على الالتزام بقواعد الاشتباك، وفرزت التحالفات المستندة الي مصالح استراتيجية ، حرب كهذه لا يُقاس فيها المنتصر والمهزوم كلياً بتوقفها وانما بنتائجها ، علماً ان الحرب مع ايران لم تنتهي بعد وسنرى ان وقعت او استكملت؟
الاسابيع القادمة هي فعلاً اسابيع حاسمة لكل المنطقة وفلسطين وغزة، وزيارة نتنياهو لواشنطن هي لحسم القضايا العالقة في جلسة واحدة، فمثلا وليس للحصر :
استطاع الحاخام الأمريكي أبراهام كوبر فتح قناة اتصال خلفية بفريق ترامب مع الرئيس السوري الشرع من اجل الدخول في اتفاقية سلام شاملة مع اسرائيل ، لكن الشرع بدهائه والدول التي تقف من خلفه تريد الاحتفاظ ببعض الاوراق في يديها وهو متمسك ب (اتفاقية خاصة) غالبها علاقة وتنسيق امني متين وتعاون اقتصادي، لكنه سيرفض ( اتفاقية سلام شامل ) طالما الجولان محتل ، ولكن ! النتيجة اتفاق سلام دون أن يُسمي اتفاق سلام.
هذا الاتفاق سيتلوه تطبيع اسرائيلي – تركي سيتوج باتفاق انهاء الحرب في غزة بعد ذلك وستقود المفاوضات النهائية فيه تركيا ، فورا بعد وقف إطلاق المؤقت القادم في الطريق ، تركيا ستحصل في المقابل على رفع العقوبات الاقتصادية من ترامب وستحصل على مقاتلات (اف 35 ) وانظمة دفاع جوي امريكي متقدمة جدا ، واتفاقية تجارية خاصة، ولكن ! النتيجة الاهم التى لا يُنظر اليها عربياً بعمق أن ترامب يُقسم النفوذ في الشرق الأوسط بين اسرائيل وتركيا .
منذ سنوات طويلة كان واضحاً اينما تتواجد تركيا تتواجد اسرائيل وفي افريقيا والمنطقة العربية وكل منهم بوجه حليف له، صراع بارد اُستخدم فيه العرب والايرانيين وتتقاسم فيه اسرائيل النفوذ الاقليمي مع اسرائيل ، فحصول تركيا على مقاتلات اف 35 يعني فقدان اسرائيل لاهم ميزة حافظت عليها امريكا منذ نشأتها وهي (التفوق الجوي) وعدم السماح لاي دولة في المنطقة بالتفوق عليها.
يجهز ترامب لطرح خطته الكاملة للسلام واجبار الفلسطينيين والإسرائيليين على قبولها ، تتضمن خطة ترامب فيما تتضمن جزء من الدولة الفلسطينية في الضفة ، والخلاف الاكبر الذي سيحسمه مع نتنياهو هو ان نتنياهو لا يريد لا دولة ولا حكم ذاتي في الضفة ولا وجود رسمي فلسطيني ، فخطته تتضمن دولة فلسطينية في غزة الملعونة توراتياً وتوسيع مساحتها من اراضي تقدمها اسرائيل ومصر ، على ان يُخير سكان الضفة الغربية بقبول صفة المقيم في الضفة الغربية بوضعية قانونية تشبه وضعية المقدسيين ، او الانتقال للدولة الفلسطينية في غزة او اي مكان يختارون .
لا اعرف منّ منهم سيقنع الاخر ولكن كلاً منهم اي ترامب ونتنياهو يمتلك اوراق ضغط قوية على الآخر ولكن ان استطاع نتنياهو تمرير خطته فيما يتعلق بالاتفاق النهائي مع فلسطين فهذا يعني اننا خسرنا خسارة ابدية ومدوية في المشروع الوطني وخصوصا ان ترامب سوف يستخدم فيما سيطرحه الاسلوب مع ايران حسب ما يناسب الحالة الفلسطينية في حالة الرفض ، ولكن هذا يعني ايضا الي حين تنفيذه الانتقال لفترة بحالة السلام البارد مع مصر الي درجة الحرب الباردة ، في وقت تجهز كل عوامل الخنق حول مصر في النزاعات على حدودها ومحاولة مشاطئة البحر الاحمر من دول غير مطلة مما يهدد امنها القومي اضافة للازمات الاقتصادية وحلفاء جدد في الصين وروسيا لكنهم بخلاء ولن يعطوها ميزة التفوق الجوي التى تجعلها تتقاسم النفوذ مع تركيا واسرائيل ، وبالتالي اجبارها على التنازل بتقديم جزء من اراضيها تحت مسمى التأجير لمدة 99 عام بعقد يُجدد مقابل حزم كثيرة اهمها تسديد الديون ولكن ! دون السماح لها بمقاربة التفوق الاسرائيلي عسكريا واقتصاديا وسياسياً.
وقف الحرب في غزة لا يعني انه سيمر بهدوء، فهناك ضوء اخضر امريكي برفع درجة الضغط الاسرائيلي في جرائمه لحد معين ، وسيواصل هذا الضغط الارتفاع تدريجيا اي ان الوصول لذك سيصاحبه الم كثير .
سينجو نتنياهو من الملاحقة القضائية وخطة ترامب الذي يحمل نفس العقدة النفسية في الملاحقة متصاعدة وستصل حد فرض عقوبات على القضاة والمدعين وقيوداً على الدولة مقابل صفقة مع نتنياهو تجنبه المحاكمة واتباعه ولا تخرجه من الحياة السياسية ، ومنّ بحالنا الحالي لا اعرف اين سيذهب سينتهي به المطاف في مكان آخر خصوصا ان كان الثعلب الذي يدعو الي السلام يجهز حفرة في الليل.
للأسف ينعطف الطريق في كل مرة نقول انه انتهي !
د.لؤي ديب – النرويج
اقرأ للكاتب
لؤي ديب يكتب: ما يحدث في المنطقة ليس حرب بل حسم


