مصطفى جودة يكتب: إيمان المحلاوى “أم مثالية من مصر”

أ.د: مصطفي جودة

رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا

كرمت الدولة الدكتورة إيمان المحلاوى الأستاذة المتفرغة بقسم الفلزات بكلية الهندسة جامعة القاهرة فى عيد الأم فى 21 مارس الماضى بمنحها لقب الأم المثالية. عندما رأيت صورة إيمان مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وحاولت قراءة تلك الصورة والمعنى من ورائها وجدتنى ألمح نظرة إعجاب شديد من سيادته لشخص إيمان وحضورها وبناء على سيرتها الذاتية وحيثيات ترشحها لأن تكون أما مثالية.

ولما كانت الصورة هى المستند الحقيقى الذى يسجل إحداثيات اللحظة والحالة النفسية للموجودين بها أكثر من أى وصف لها، فإن تلك الصورة تعكس شخصية الدكتورة إيمان وقيمتها الإنسانية الرفيعة والتى مكنتها من حصولها على ذلك اللقب الرفيع والذى يفوق كل الألقاب العلمية العديدة السابقة والتى حصلت عليها عبر رحلة عمرها الحافلة بالإنجازات.نظرت الى الصورة وحاولت قراءتها مراراوتكرارا وكأنى أحاول قراءة ما كان يدور من حوار بينها وبين السيد الرئيس وكأنه يردد فى سره: «هذه سيدة من مصر تمثل المرأة المصرية الفريدة وتمثل مصر بكل عظمتها».

كانت نظرة الرئيس ملئها التقدير والسعادة لأنه حتما قرأ السيرة الذاتية للدكتورة إيمان فوجد أنها عالمة مصرية عظيمة لا تقل عن أعظم علماء العالم، لسان حاله كان يقول إن بمصر كثيرين مثل إيمان يكفونها الكلام عند التحدى.

كانت الصورة تعكس سعادة إيمان الطاغية بتكريم مصر والسيد الرئيس لها وحالة الرضا بما أنجزته لولديها المهندسين عبدالله البدرى وسيف البدرى واللذين نجحت فى تربيتهما السليمة كما يعرف عنها الجميع ولم تلهها أبحاثها ووظيفتها أو أسفارها عن تأدية تلك المهمة على أكمل وجه ليكونا نموذجا للصحة النفسية والرقى المشهود لهما من الجميع. سألتها مرة هل تساعدك خادمة فى أعمال المنزل نتيجة مشاغلك العلمية التى تتطلب كل جهدك وحضورك فأجابت أنها تقوم بكل ذلك وأنها هى التى تعد الطعام للأسرة وتقوم بكل شئون المنزل كلية. كانت تصحب ولديها لتريهما جامعتها فى ليدز ولندن، وكان ذلك يكلفها الجلد والسقط ولكنها كانت تقول لمن يسألها: أريدهما أن يريا ما رأيت من الدنيا. لقد نالت إيمان كثيرا من الألقاب عبر مسيرة حياتها ولكن هذا اللقب بالذات يعد الأهم لها ولجميع الأمهات المصريات.

إن فى إيمان لعبرة وقدوة وإنهالأسطورة مصرية مشرفة لوطنها ولحضارتها. سيرتها الذاتية لا تضاهى فهى حاصلة على بكالوريوس هندسة الفلزات بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 1981، ثم كانت أحد اثنين من العالم كله حصلا علا منحة كاملة لدراسة الدكتوراة بجامعة ليدز البريطانية المرموقة والتى حصلت على الدكتوراة منها عام 1987، ثم تدرجت فى العمل الأكاديمى فى هندسة القاهرة حتى حصلت على الأستاذية بها، وتولت رئاسة قسم هندسة المناجم والبترول والفلزات فى الفترة من 2015- 2018، وحيث تعمل حاليا أستاذا متفرغا. شغلت إيمان رئاسة اللجنة العلمية لترقيات أعضاء هيئة التدريس فى تخصصها كما شغلت العديد من لجان تطوير التعليم والمقررات العلمية وعضوية لجان الجودة والمواصفات بالهيئة العامة للتوحيد القياسى والمواصفات وعضو لجنة اعتماد المسابك بالهيئة العامة للمياه والصرف الصحى. تتركز أبحاث الدكتورة إيمان فى مجالات الصلب المتقدم والسباكة والمواد المتقدمة وتصنيع المواد المستخدمة فى مجال الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة وهو الأمر الذى مكنها من نشر أكثر من 100 بحث علمى فى تلك المجالات إلى جانب إشرافها العلمى على العشرات من رسائل الدكتوراه والماجستير واختيارها لتكون ممتحنا خارجيا للعديد من رسائل الدكتوراه. كما مكنتها أبحاثها تلك للحصول على جوائز جامعة القاهرة للنشر وجائزة الابتكار فى التعليم من وحدة المشروعات وتطوير المناهج بوزارة التعليم وجائزة التفوق العلمى من جامعة القاهرة عام 2014، وجائزة جامعة القاهرة التقديرية عام 2018. على المستوى العالمى حصلت الدكتورة إيمان على عضوية جمعية الصلب فى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجمعية اللحام الإفريقية، كما أنها حاصلة على العديد من الألقاب من جمعية المواد البريطانية، كما أنها حاصلة على العديد من الدعوات للتدريس وإلقاء المحاضرات بالعديد من الجامعات الأوروبية, كما تم تكريمها فى مؤتمر إفريقيا للتعليم العالى والذى يضم 129 جامعة إفريقية، لتكون ضمن 17 شخصية تم اختيارهم فى العام الأكاديمى 2020 – 2021، لإسهامهم فى تطوير إفريقيا. هناك أمور لا تذكرها السيرة الذاتية وتستشفها المعرفة عن قرب للإنسان. على سبيل المثال لا يوجد شخص قابل الدكتورة إيمان أو عمل معها أو أشرفت عليه علميا إلا وتركت بداخله انطباعا بالمودة والإعجاب الشديدين. كل هؤلاء يكنون لها كل الحب والمودة ويتذكرون ما قدمته لهم من مد يد العون والتحفيز والمساعدة الحقيقية التى تتطلبها رسائل الدكتوراه والماجستير ومشروعات التخرج لطلاب البكالوريوس. إيمان لا تعرف غير الجودة وشعارها فى الحياة إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.

 من أجل ذلك الإتقان فهى تعمل أكثر من 15 ساعة يوميا لتنجزه. سافرت معها فى مهمتين علميتين لبريطانيا والولايات المتحدة حيث كنا الوحيدين من مصر والعالم العربى لحضور مؤتمرين عن الطرق الحديثة فى تدريس هندسة المواد وكانوا يطلقون علينا المجموعة المصرية وكانت إيمان فى كليهما الشرف الرفيع للأستاذة المصرية المتمكنة الراسخة فى العلم. إيمان سليلة علم فوالدها كان عميدا لهندسة شبرا وكل إخوتها وأخواتها أساتذة جامعيون وأطباء ومهندسون وخالها المرحوم الدكتور يوسف إسماعيل مؤسس مصانع الألومنيوم بنجع حمادى. هناك كثير من الأشياء الصغيرة التى تنفرد بها الدكتورة إيمان عمن سواها. إنها تعامل طلابها مثلما تعامل ولديها ومن هنا يأتى حبهم جميعا لها.

gate.ahram

اقرأ للكاتب

مصطفى جودة يكتب: أسباب انتصارات رمضان «2ــ2»

شكرا للتعليق على الموضوع