مصطفى جودة يكتب: كتابيه «3»”عمرو موسى ونزع الأسلحة النووية”
أ.د: مصطفي جودة
رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا
هذه المراجعة عن السياسة المصرية الخاصة بالتسلح النووى فى الشرق الأوسط والذى وضع استراتيجيته عمرو موسى وتبناها الرئيس مبارك لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وعرفت بالمبادرة المصرية ونالت رضا العديد من الدول، ثم نتبع ذلك بالجهود المصرية لملاحقة البرنامج النووى الإسرائيلي. كان عمرو موسى مدركا خطورة البرنامج النووى لإسرائيل وتفردها فى ملكية أسلحة الدمار، ومدركا خطورة الأمر على المنطقة بأسرها، وكان يولى البرنامج النووى الإسرائيلى اهتماما كبيرا طوال مسيرته المهنية.
كما أنه كان منطقيا فى محاولاته أمام القوى الكبرى والتى تتذرع بأن إسرائيل محقة فى مسعاها النووى لأنه الضمان الرادع لأعدائها الذين يخططون لزوالها. يقول عن ذلك: « فى المجمل أستطيع أن أقول إن موقفى فى هذه القضية يتمثل فى حتمية منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وينطلق هذا الموقف من وجود برنامج نووى غامض وخارج إطار الرقابة الدولية على حدودنا الشرقية لدى إسرائيل، وأنه من غير المنطقى أن يبقى هذا البرنامج استثناء وحيدا دون مبرر، بينما نطالب نحن العرب بالالتزام بعدم حيازة السلاح النووى لجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل».
كان عمرو سابقا الجميع فى خطورة تملك إسرائيل لها دون بقية دول المنطقة. يسرد لنا القصة كاملة فى الفصل الرابع عشر من القسم الأول لكتابه، قبيل الدخول فى موضوع المبادرة المصرية لإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، وسنتتبع سرد قصة مشروع نزع الأسلحة النووية من منطقة الشرق الأوسط، والتى صاغها وقدم بشأنها مقترحات عملية قابلة للتطبيق والتى أطلق عليها المبادرة المصرية لإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، والتى قدمها كمقترح إلى وزير الخارجية المصرية عام 1990، وطلبه أن تتبناه الدولة المصرية، يقول: « أود أن أشير هنا الى أن موضوع إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ولاسيما ما يخص البرنامج النووى الإسرائيلى من أهم الموضوعات التى أوليتها اهتماما كبيرا طوال مسيرتى المهنية، سواء عندما رأست وفد بلادى فى الأمم المتحدة، أو فى الفترة التى شغلت فيها منصب وزير الخارجية ( 1991-2001)، ثم بعد ذلك فى الفترة التى قضيتها أمينا عاما للجامعة العربية (2001-2011)».
يشرح لنا عمرو موسى بداية الأمور، ويقول: «الحقيقة أن أول مبادرة جدية لإثارة مسألة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، كانت بناء على طلب من إيران، فى 15 يوليو 1974، لإدراجها على جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وإثر مشاورات ثنائية بين القاهرة وطهران وجه الطرفان، فى أغسطس 1974، رسالة مشتركة الى الأمين العام بعد أن اتفق الطرفان على أن المبادرة ضد أخطار الأسلحة النووية، دون أن تعوق استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وركزت مصر على ضرورة انضمام جميع دول المنطقة الى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. تلا ذلك الأمر تقديم مصر فى الفترة من 1988-1990، مشروع قرار اتخذته الجمعية العمومية لإجراء دراسة عن التدابير الفعالة التى يمكن التحقق منها، لتيسير إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى منطقة الشرق الأوسط، وانتهت الدراسة عام 1990، وصدر بها القرار فى الدورة 45، أرسل بعده عمرو موسى برقية الى وزير الخارجية المصري، مشروع اقتراح يتعين على مصر تقديمه مفاده أن تقوم دول المنطقة بتقديم تعهدات الى مجلس الأمن بأنها لن تحصل أو تنتج أو تبقى فى حوزتها أجهزة تفجير نووية، وأن يصدر مجلس الأمن قرارا بأخذ علم بهذه التعهدات عند اكتمالها. كما تقترح مصر أن تتعهد جميع دول المنطقة باتخاذ الخطوات اللازمة لإخضاع مرافقها النووية لنظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة النووية، وأن تقوم جميع الدول التى صدرت مواد أو أجهزة نووية حساسة الى الشرق الأوسط بإبلاغ سكرتير عام الأمم المتحدة بذلك، وأن تبلغ دول المنطقة السكرتير العام للأمم المتحدة بما لديها من مرافق نووية وعما إذا كانت خاضعة أو غير خاضعة لنظام الضمانات الدولية.
وعليه تقترح مصر البدء فى إجراءات إعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تشمل الى جانب الأسلحة النووية الأسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية. لتحقيق ذلك ترى مصر ضرورة الاتفاق على آليات للتحقق من التزام جميع الدول بما تتعهد به، وتدعو مصر دول المنطقة للإعلان عن استعدادها للدخول فى مفاوضات فى إطار الأمم المتحدة وتحت إشراف الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن من أجل إنشاء هذه المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وباقى أسلحة الدمار الشامل. يقول عمرو موسى إن هذه المبادرة حظيت برضا كل من وزارة الخارجية المصرية والرئيس حسنى مبارك، الذى تبناها رسميا، ونتيجة ذلك أطلق عليها مبادرة الرئيس مبارك لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
يقول عمرو موسي: «فى يوليو 1991، بعد أن أصبحت وزيرا للخارجية قدمت مقترحات إضافية للإسراع بإنشاء المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، والتى تضمنت دعوة الدول الرئيسية المصدرة للسلاح، وخصوصا الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن وإسرائيل والدول العربية إلى تأييد واضح وغير مشروط لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، والتعهد بعدم اتخاذ خطوات تعرقل هذا الهدف.
gate.ahram
اقرأ للكاتب
مصطفى جودة يكتب: كتابيه «2»”عمرو موسى ونيتانياهو”

