الاتحاد الاوروبي والقضية الفلسطينية

عانت الديبلوماسية الإسرائيلية كثيرا طوال سنوات حكم ائتلاف اليمين على الصعيد الاوربي وتحت ضغط الحملات الحقوقية وازدياد جرائم الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين وحروب اسرائيل المتتابعة على غزة وتواصل الاستيطان في القدس والضفة والجرائم المتكررة بايدي المستوطنين والجنود الاسرائيليين بحق الفلسطينيين ولازالت تعاني اسرائيل من عزلة سياسية أوروبية مؤخرا بعد التصعيد الذي قام به نتانياهو وحكومته ضد الاتحاد الاوربي ومؤسساته والتهديد بالمقاطعة بل وقطع العلاقات مع الاتحاد الاوربي من قبل اسرائيل جراء قرار الاتحاد الاوربي بوصم منتجات المستوطنات بإشارات تشير الى مصدرها.

واعتبرنا حينها أن هذه المواقف هي عنوان قطيعة بين الاتحاد الاوربي واسرائيل وذهب بعض المحللين الى ابعد من ذلك معتبرين ان هذا إنجاز للدبلوماسية الفلسطينية التي استطاعت تعرية السياسة الإسرائيلية وحصارها سياسيا وديبلوماسيا وانتظرنا فصلا جديدا في العلاقات وتبادل الأدوار بين الدبلوماسية الفلسطينية والإسرائيلية ولكن التقارب والتصريحات الاخيرة بين مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي ونتانياهو أعادت الى الاذهان الاحتضان الاوربي الكامل للحليف الاسرائيلي بل القفز عن جرائمه وتبعاتها وتجاهل كامل للمواقف الفلسطينية الرسمية والحملات الحقوقية والشعبية الأوربية ضد السياسات الإسرائيلية والجرائم التي لم تتوقف بحق الشعب الفلسطيني الى ساعة كتابتنا هذه .

تقول موجريني :

نعبر عن تضامن الاتحاد الاوربي مع شعب اسرائيل الذي يعاني خطر الاٍرهاب .

ندين التحريض الذي يدفع للقيام بعمليات ارهابية (من المقصود بالإدانة وما هو تعريف الاٍرهاب بالمنظور الاوربي عندما يتعلق الامر بإسرائيل)

تقول ايضا ان قضية وضع إشارات على منتجات المستوطنات لا يمس السياسة الأوربية تجاه تسويات الوضع النهائي لعملية السلام و ان قضية الحدود قضية تخص الطرفين (الفلسطيني والاسرائيلي)

كل هذه التغيرات في المواقف الأوربية تفسر لصالح الديبلوماسية الإسرائيلية وعلى حساب المكتسبات الفلسطينية السياسية والديبلوماسية في الساحة الأوربية ولم يأتي هذا التقدم الاسرائيلي صدفة او فجأة بل أتى نتاج عمل كبير قام به مستشارو نتانياهو بالضغط على موجريني ودفعها للاتصال بنتانياهو فإرضاء رؤيته على الاتحاد الاوربي باستخدام ادوات الضغط واللوبي اللازم اهذا الغرض و نجاح تام في زمن قياسي بل اقل من ثلاث أسابيع من العمل تم قلب المواقف الأوربية الى صالح اسرائيل في كثير من الملفات وأكرر على حساب القضية الفلسطينية ومكتسباتها .

لماذا في هذا الوقت بالذات :

في الوقت التي تعمل فرنسا على مشروع قرار في مجلس الامن يحدد جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية ورسم حدود حزيران 1967 كحدود فاصلة لحل الدولتين وهذا ما لا يروق لإسرائيل بالطبع وان القفز عن هذا المأزق في غياب اي تأثير فلسطيني داعم لهذا التوجه قرر ساسة اسرائيل تفعيل العلاقة مع الاتحاد الاوربي بل و تفعيل دور الرباعية من خلال التفاعل الإيجابي مع موجريني مما يقوض التوجه الفرنسي بحكم ان فرنسا هي احدى دول الاتحاد الاوربي الذي هو احد أضلاع الرباعية و لليقين لدى الاسرائيلي انه من الاستحالة على الرباعية ان تقوم بدورها الفاعل في الوقت الحالي لكثرة الملفات الخلافية بين اهم أعضاء الرباعية( الولايات المتحدة الامريكية و روسيا )  في أوكرانيا وسوريا و دول شرق أوربا وهنا تكمن العبقرية في ابقاء الوضع السياسي كما هو عليه و هو ما يَصْب في صالح الاستيطان و انتظار الأسوأ القادم على المنطقة و الذي تستثمره اسرائيل دوما بشكل جيد لصالحها و في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني و تشعب ملفات الاهتمامات العربية في بقع جغرافية اخرى وحروب منتظرة تكون اولوية للمجتمع الدولي وتطغى على الملف الفلسطيني .

و لا ننسى دعوة الرئيس عباس لمؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية  والذي لن يكون له اذان صاغية عند احد اذا ما فعلت اسرائيل و الاتحاد الاوربي دور الرباعية ( المخصية ) و هذا بيت القصيد .( ولا ننسى نفوذ اسرائيل في ألمانيا و بريطانيا أعمدة السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي عضو الرباعية ).

كارثة اكبر حدثت اليوم في اروقة البرلمان الاوربي الذي استضاف أربعة أعضاء كنيست إسرائيلي من ضمنهم مسؤول ملف الدفاع بالكنيست بحيث تم القفز عن جرائم الاحتلال والاستيطان و ظهر البرلمانيين الاسرائيليين بخطاب الشراكة مع الأوربيين بمحاربة الاٍرهاب والتطرّف والحديث عن المصير المشترك والمصالح المشتركة وعن دور اسرائيل في تقديم المساعدات للاجئين السوريين و علاج الآلاف منهم في مستشفيات ميدانية أقامتها على الحدود مع سوريا و الحديث عن خطر داعش و حزب الله بعد انتهائه من الحرب في سوريا و اللوم على الفلسطينيين ودعوتهم للرئيس عباس للعودة الى طاولة المفاوضات و لكن بشرط قاطع بعدم الحديث عن حق العودة معللين ان هذا البند قد افشل مراحل عديدة من المفاوضات سابقا نظرا لما يشكله من خطر وجودي على دولة اسرائيل و ايضا تحدث عن انسحاب اسرائيل من غزة كبادرة حسن نية و خطوة في طريق حل الدولتين و لكن حماس الإرهابية على حسب وصفه استولت على غزة بقوة السلاح و قتلت و شردت فلسطينيين استقبلتهم و عالجتهم اسرائيل و إعادتهم الى الضفة الغربية حفاظا على حياتهم من بطش حماس التي تشكل تهديدا ارهابيا على المدنيين الاسرائيليين دائما على لسان الوفد الإسرائيلي.

الغريب و الملاحظ بقوة من هذا الخطاب هو تقبل الأوربيين و تجاوبهم مع الخطاب بهذا الشكل على عكس السنوات الفارطة و حتى الأسئلة المعتادة بخصوص الاستيطان و الأسرى و الحواجز و حصار غزة تم القفز عنها بسلاسة غير معتادة في محفل برلماني بحجم البرلمان الاوربي .

 الاغرب و هذا خارج نص الحوار ( لأول مرة وفد إسرائيلي بهذا الحجم في هذا المحفل لم يتطرق للتهديد الإيراني و لم يذكر ايران باي سوء رغم تعريجه على معظم دول المنطقة و رؤية اسرائيل لقضايا المنطقة ) و هذا لافت جدا من قبلنا و مؤشر على تفاهمات غربية إسرائيلية إيرانية تغازل التقارب الإيراني الغربي بعد التوقيع على الاتفاق النووي و رفع العقوبات .( يبدو ان ايران لا تعتبر عدو لإسرائيل في الوقت الحالي ).

و السؤال الذي انتظر اجابة له :

أين الدبلوماسية الفلسطينية من تحركات و اكاذيب الروايات الإسرائيلية في المحافل المختلفة ؟ و متى سوف يكون لنا تقييم حقيقي و واقعي للمواقف الأوربية و استثمار الإيجابي منها و مواجهة الخنوع الاوربي للرواية الإسرائيلية ؟. أين أصدقاء فلسطين في البرلمان الاوربي ……..

بقلم : رمضان ابو جزر

بروكسل – بلجيكا

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *