مينا يسري: لدي رغبة في أن أموت The sea inside
“الحياة حق، ولكنها ليست إلزاماً.. أنا بكامل قواي العقلية ولدي رغبة في أن أموت “
الفيلم بالفعل كبحر، ولا يكف المخرج خلال التسلسل الزمني للأحداث عن أن يجعلنا نتعمق أكثر في حالة ذلك الرجل، رامون .. ذلك الرجل الذي بالفعل يريد أن يموت، بجانب تلك الرغبة الجامحة في الموت هناك سيمفونية تعزف من الأرض الاسبانية، من تلك الأرض ذات الجبال والغابات والشواطيء التي طار فوقها رامون محلقاً حين قفز ليكون بجانب من أحبها، وبالطبع تباينت الأراء حول فكرة الفيلم ولكن لا أختلاف على عبقرية الأداء والتصوير والأخراج وجمال الموسيقى وقوة السيناريو .
ولم يكف أيضاً عن أقحام فلسفته في الأمر، فالقصة فلسفية بأمتياز، فلسفة الرغبة في الموت، فالحياة التي تعذب صاحبها حياة لا تستحق ان تعاش .
طوال الفيلم هناك تلك المرأة، التي وجدت فيه ملجئاً من نوع خاص، تلك المرأة التي بالرغم من شعوره بالضياع وانعدام الحيلة والرغبة الشديدة في الموت إلا أنه كان بالنسبة لها سبباً لسعادتها، وقيمة حياتيه مضافة لها، ومصدراً لطرد حالة الأحباط التي لديها .
في الحقيقة أنه كان يرى أن حياته ملكه وحده وجسده هو ملكه، وهي اتت لتثبت أن حياته ليس ملكه، هناك من يحتاجك، يحتاج إليك لتعلمه السباحة، لأن مهارته القليلة ستجعله يغرق في ذلك البحر، ولكن برغم ذلك كان الرجل على حق .
الجيتار الأسباني يُعزف، صوت البحر، بل تلك الرائحة التي جعلنا نتخيلها العظيم خافير براديم من خلال أدائه وتقمصه، وتلك الصعوبة البالغة التي واجهها في تجسيد دور شخص فاقد الأحساس بكامل جسده ماعدا رأسه، ليس لديه ان يقنعك إلا من خلال صوته وحديثه وتعبيرات وجهه .
“كيف يمكن لك أن تحاول زراعة حب الحياة بداخلي، واظهار قيمة الحياة في نظري، بالرغم من انك تمثل مؤسسة تعاقب بالقتل، ماذا ان اختلفت معك في وجهة نظر الدين؟ ماذا ان أن قلت لك اني غير مؤمن؟ ستحرقني حياً اليس كذلك؟ او ستحرمني من حريتي أو تحرض على قتلي، في الحقيقة أيها الكاهن، أنكم تكسبون قوت يومكم على خوف الناس من الحياة ما بعد الموت، فكيف لك ان تقنعني بقيمة الحياة قبل الموت؟”
الفيلم تحفة بكل المقاييس واستحق الأوسكار عن جدارة، أنت هنا لا تحارب من اجل حقك في الحياة، بل تحارب من أجل حقك في الموت!