مصطفى جودة يكتب : مفهوم الضياع

ذهبت لزيارة شارع المعز مع زوجتى , ذلك الشارع  الأهم فى العالم كله لأنه متحف مفتوح وبه تاريخ ليس كمثله تاريخ.

أدركت بعد الزيارة أن آثار مصر فى خطر محدق وانها قد تختفى خلال خمسين سنة على الأكثر وأننا بلغنا من الإهمال  ما لم تبلغه أمة قبلنا أو ستبلغه بعدنا وأنه قد حان الوقت لتتدخل الأمم المتحدة لحماية آثار مصر من المصرين.

نعم هناك وجود أمنى مكثف فى الشارع الأهم ، وشكرا لوزارة الداخلية على ذلك وإن كان يتعين عليها إلغاء دخول الموتسيكلات التى يبلغ عددها الآلاف تثير الرعب لدى المشاه حيث ينظر كل ماش يمنة ويسرة فى كل لحظة خشية أن يصيبه احدهم.

شارع المعز
شارع المعز

ولكن بمجرد دخولك لأي أثر هناك ستحس بالفجيعة والمأساه الكبرى.

ستدرك أن هناك خللا رهيبا من وزارة الآثار والتى فيما يبدو لى غير موجودة بتاتا وأنها وزارة تستحق الحرق وأن وزارة السياحة ايضا لا تعمل وكذلك المحافظة.

دخلنا من باب الفتوح وبمجرد أن تطأ قدمك شارع المعز تنظر يمنة ويسره  خوفا من أن يخبطك موتوسيكل من الأمام ومن الخلف .

 دخلنا مسجد المعز و ورأينا على مدخله إثنين من الخفر يتناولان غذاءهما على باب المسجد ، يفرشان جريدة قديمة وبطريقة فجة لم أشاهدها على باب مسجد أوزاوية فى قرية ، لا أمن بتاتا بداخل المسجد أو حراس ، الموجودون مجموعة من الواضح أنها مجموعات طلاب من كليات الفنون يرسمون المسجد.

مسجد المعز
مسجد المعز

المسجد به عدد كبير من الاسر التى تتشمس فى باحته وتترك الأطفال يلعبون في داخله وخارجه  ويفتحان باب المنبر بعنف ويصعدان الى أعلاه وكأنه “” حوش فى مدرسة ريفية”.

زعقت لهم فحضر لى ولى أمربعضهم  الذى لم يكن يهمه سوى لعبهم وإستمتاعهم بالوقت الطيب وبالتخريب والتدمير فقلت له هذا لا يجب أن يحدث وظللت أبحث عن أى مسئول غير الخفرين اللذان كانا ما يزالان يتناولان غذاءهما ، واللذان أخبرانى انهما المسئولان الوحيدان عن المسجد التاريخى الهام وانهما لا يستطيعان التدخل خشية بطش الآباء  والأمهات الذين يظنون انه حق لأطفالهم اللعب والتكسير.

خرجت أضرب كفا بكف وكنت أود العودة لمنزلى خشية أن أصاب بضغط دم وشلل رباعى.

واصلنا سيرنا لنكتشف أن الحكاية تتكرر فى كل أثر هناك.

دخلنا بيت السحيمى وهو الوحيد الذى تدفع فيه تذكرة بمبلغ ثلاث جنيهات ووجدنا رحلة مدرسية وإكتشفتا أن كل الموظفين متراكمون على الباب ولا علاقة لهم بما يحدث بالداخل.

بيت السحيمى
بيت السحيمى

بالداخل كانت المأساه الكبرى.

الطلاب يجلسون على الكراسى والكنب الأثرى رغم وجود يافطة تقول :”ممنوع الجلوس “ويأخذون صورا تذكارية ويعبثون بالكنب والكراسى بمنتهى العنف. لم أتحمل المناظر وخرجت الى المدخل حيث التجمع للعاملين به وقال لى أحدهم أنه لا يستطيع فعل اى شىء!!!!

السؤال الآن: :ماهى مهمة وزارة الآثار؟”.

لماذا لا يوجد حراس لتلك المواقع بالداخل يمنعون التدمير والتحطيم لتلك الآثار؟”

ولماذا لا يهنم محافظ القاهرة بهذا الأمر؟!

لماذا لا تهتم وزارة السياحة؟”

منتجات اثرية
منتجات اثرية

فى  نظرى لو استمر الأمر على مانرى ونشاهد هذه الأيام بداية من الترميمات البشعة لتوت عنخ آمون وهرم سقارة ومسجد المقطم وماخفى كان أعظم فإن السياحة ستنقرض فى مصر وستختفى الآثار وستضيع مصر.

أدركت اليوم ما كنت أعرف :” أنه لولا إهتمامات الأجانب وإهتمامات أسرة محمد على لضاعت كل آثار مصر”

لا بد من محاسبة وزارتى الآثار والسياحة على جرائم ضد الإنسانية.

فرصة أخيرة قبل فوات الأوان رحمة بمصر ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة ومن أجل الإنسانية المتعطشة للآثارنا ومن أجل التاريخ:

” لابد من عقاب الوزارتين المغيبتن”

ياحزنى على يوسف.

بقلم : د. مصطفى جودة

رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة

شكرا للتعليق على الموضوع