رمضان ابو جزر يكتب : تفجيرات بروكسل و الرواية الحقيقية…أين ؟
من المؤكد انه عمل ارهابي بربري غير مبرر و مسئ للانسانية و من الاكيد ايضا انه مدان من كل عاقل و سوي و لان لدينا عقول تفكر و تحلل و ان تجمدت و ذهب صوت العقل حين وقوع الكارثة لهولها و إدراكنا مدى خطورة تبعاتها على السلم المدني و العيش المشترك و السلام العالمي . فان العقل يذهب في التفكير بعيدا عن الروايات الكثيرة الارتجالية و تحليلات من لم يوفقوا نظرا للتفكير النمطي الذي اعتمدته الفضائيات و المواقع المختلفة على توجيه الادانة و الحكم المسبق على جهات كانت و لا زالت تتسيد المشهد الإرهابي و خطاب ارهابي يصدر للعالم من خلف شاشات اجهزة و كمبيوترات نجهل من يقف خلفها الى الان .
بعد كل حادثة ارهابية يتصارع الاعلاميون و المحللون و السياسيون و بل يتسابقون بإظهار براعة تاكيد مسئولية جهات و ربط احداث سابقة بأحداث اليوم و بدون اي معلومة من جهات الاختصاص الأمنية التي تجد نفسها في ظل نقص كبير في المعلومات الصحيحة لديها ايضا مضطرة للسير في ركب الزخم الاعلامي الذي اصبح يتحكم حتى في سير التحقيقات احيانا و نوع المعلومات التي يتم تسريبها بغض النظر عن مدى صحتها و أسهل ما يمكن إرفاقه بها ( مصدر رفض الإفصاح عن اسمه ) .
بعد عدد من النجاحات الأمنية للشرطة الفيدرالية البلجيكية في احباط عمليات ارهابية على غرار عملية قطار بروكسل باريس نهاية العام الماضي و تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية المسلحة مثل خلية (فيرفييه التي نجحت الشرطة بالقضاء كل أفراد مجموعتها بدون خسائر في الشرطة او المدنيين ).
و نجاح الشرطة و الامن البلجيكي في اكبر عمليات تعقب للمطلوب الاول أوربيًا و احد مسئولي تنفيذ هجمات باريس الدامية في 13 نوفمبر الماضي صلاح عبد السلام و في عدة مراحل من المطاردة من شقة شارلروا الى شقة سكاربيك في 10 ديسمبر الى شقة فوريه الأسبوع الماضي كانت الشرطة تعثر على بصمات و حمض نووي و أسلحة و مواد كيماوية تدخل في صناعة المتفجرات بل و شعار لداعش و أحزمة ناسفة .
و عملية اقتحام الشقة الاخيرة التي أدت الى إصابة أربعة أفراد من الشرطة و مقتل محمد بلقايد احد اهم المطلوبين بعد احداث باريس .
و لكن أهمية العملية التي استطاع صلاح عبد السلام من الافلات هو و اثنين من مساعديه بعد اشتباك مع الشرطة تكمن الأهمية ان الشرطة استطاعت الاستدلال على وجود صلاح في بروكسل بل و تحديد مكانه لاحقا بعد ايام و توجت بإلقاء القبض عليه الجمعة اي بعد أربعة ايام من عملية شقة فوريه .
بعد كل عملية مداهمة كانت المضبوطات تؤكد لنا كمحللين بان هناك شئ كبير يحضر و ان هناك مساعدين و حاضنة استطاع بمساعدتها التخفي و التجهيز اهم مطلوبين لعدة أشهر و ان كل هذه المتعلقات تقول بان هدفا بل أهدافا كبيرة هي في مرمى الخلايا و الجماعات .
و تحت الضغوط التي تواجهها الأجهزة الأمنية البلجيكية من الساسة و الاعلام و خاصة الفرنسيين الذين ما فتأوا يحملون بلجيكا مسؤولية احداث باريس كان لزاما على البلجيك بالعمل تحت ظروف غير مريحة و إصدار بيانات من وقت لآخر لطمئنة الجميع و لإثبات انهم يعملون ليل نهار على عكس الثقافة الأمنية البلجيكية قليلة التصريحات عادة و الى ان وقعت كارثة السبت .
تفجيرات بروكسل الإرهابية أتت على نشوة الانتصار الأمني و السياسي باعتقال المطلوب الاول أوربيًا صلاح عبدالسلام بل زادت الطين بلة لكشفها مدى الترهل الأمني في حماية مقرات سيادية مثل المطار و محطات مترو مهمة في الحي الاوربي و لحتى هذه اللحظة اصبح لدينا بنك اسماء من المطلوبين و الموصوفين بالخطورة الشديدة اي بعدما كنّا في صلاح عبد السلام واحد اصبح لدينا اليوم عدد كبير و صور تتصدر الصحف و كلهم متهمون بكل شئ و بأي عمل ارهابي ممكن ان يحدث في الأيام المقبلة و تم الحديث عن انتحاريين و نشر اسماء و صور و حقائب و ان كانت غير مقنعة و محاولات جاهدة من قبل الامنيين لإثبات هذه الروايات في زمن قياسي .
( و السؤال المهم : لماذا لم توضع نظرية و احدة و هي الأقرب للتصديق وممكنة بسهولة بان التفجيرات وقعت نتيجة حقائب وضعت في المطار و المترو بدون انتحاريين و البحث عن المستفيدين من نتائج هذه التفجيرات ؟…)
لماذا لا نتكلم بصوت عالي عن المستفيدين من هذه الهجمات الإرهابية و على حساب من ؟
و هل يكفي تبني التنظيم الإرهابي داعش هذا العمل الارهابي ؟ و أين مكاتب داعش التي تتبنى ؟
ارجح من وجهة نظري انه اذا ما كان ممكن تنفيذ هذين التفجيرات بدون انتحاريين بنفس الكفاءة و الكيفية فلا داعي للانتحاريين . و هذا الافتراض من طرفي ان كان صحيحا يجب اعادة النظر في كل الروايات و التصريحات و التحليلات و نذهب الى طريق صحيح لكشف الحقائق و ادانة المجرمين الحقيقيين و ليس الافتراضيين .
و تبقى داعش ارهابية و هي جزء اصيل من خدمة تدمير السلم العالمي و العيش المشترك .
بقلم : رمضان ابو جزر
بروكسل – بلجيكا