نانسى فتوح تكتب : البلد دي ليها صاحب

غضب في مصر بعد إعلانها تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ..!

“أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام الجمهوري، وأن احترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه”
هكذا كان القسم الذي ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم تنصيبه رئيسا للجمهورية.

ولكن قبل البدء بعرض الموضوع أريد أن أزيد تأكيدآ أن العلاقة بين الشعوب هي الأبقى دائماً، وعلاقتنا كمصريين بالشعب السعودي وكل الشعوب العربية لابد من أن تبقى كلها ود واحترام، ونرفض تماماً أي كلام عنصري أو سخرية.

ولكن نتساءل لماذا في هذا الوقت بالذات الذي تمر فيه مصر بصعوبات اقتصادية كبيرة وهي في أضعف حالاتها نأتي فيها بالتنازل عن جزء من أراضيها؟

 هل التنازل عن جزر استراتيجية شديدة الأهمية يأتي في سبيل المساعدات ؟؟

 طبيعي ما يحدث حاليآ من ظهور أدلة تاريخية مختلفة وأن كل طرف لديه من الأدله والحجج والوثائق ماتجعله يرى صحة وجهة نظره لذلك سمي بـ “نزاع″، وهذا أمر طبيعي يحدث كثيرآ في نزاعات الحدود البحرية تحديدآ، والتي تحتاج عمل طويل من متخصصين، وأحيانآ ماتحتاج طرف دولي ثالث للفصل في الحكم.

نعي جيدآ موقفنا من مشروع الجسر الذي سيقام بين البلدين، من حيث تسهيل انتقال البشر والبضائع بينهما مما يسهل النمو الاقتصادي لكلا البلدين فضلآ عن فائدته الاستراتيجية لأنه ضد دور اسرائيل كحاجز بين الجناحين الشرقي والغربي للأمة العربية وهذا مشروع إيجابي جدآ.

ولكن ما يثير الجدل هو كيف تم هذا الاكتشاف المفاجئ باستمرار المفاوضات من يوليو 2015 حين قام محمد بن سلمان ولي ولي العهد بزيارة لمصر ووقع “بيان القاهرة” الذي كان أحد بنوده “تعيين الحدود بين الدولتين”؟

كيف لموضوع بتلك الأهمية الخارقة يتم إخفاؤه تماماً ولا يعرف عنه الشعب ولا البرلمان إلا بالمفاجأة بتلقي بيان بأن الموضوع تم الانتهاء منه .. !

وأيضاً أتساءل إذا كانت الجزر بالفعل سعودية خالصة، لما لم يتم استرجاعها من قبل عبد الناصر أو السادات أو مبارك أو مرسي؟

لأن الموضوع ليس مجرد ورق وحجج، بل متعلق أيضآ بموازين القوى، وللأسف من الواضح أن مصر الآن في حالة ضعف شديد مقارنة بالسعودية.

بالإضافة إلا أن القانون الدولي يشبه العلاقات الدولية حقل لتوازنات القوى، شبهها بعض المفكرين بلعبة شد الحبل.

فالسعودية تحديداً لها سوابق شبيهة، أشهرها هو قصتها مع اليمن .. سنة ١٩٣٤ عُقدت “اتفاقية الطائف” اللي نصت إن مناطق جيزان ونجران تؤجرها السعودية من اليمن ٢٠ سنة قابلة للتكرار، لكن سنة ٢٠٠٠ في لحظة أزمة اقتصادية وافق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والبرلمان في اليمن على “اتفافية جدة” التي أقرت نهائياً الحكم السعودي لتلك المناطق، مقابل مساعدات مالية وشراكة تجارية استفادت منها اليمن.

ولكني أتساءل لو صح إن بنود الاتفاق تنص على إن مصر تؤمن الجزيرتين لمدة ٦٥ عاماً مقابل ٢ مليار دولار سنوياً، وإن ٢٥% من الثروات الطبيعية بالمنطقة لمصر.
لو بالفعل جزر سعودية تماماً ومحسومة من زمان، لماذا يمنحوننا نصيب من ثرواتها؟
وهل نحن نقوم بتأجير جيشنا للدفاع عن منطقة لا تخصنا بفلوس أياً كانت؟!

إنها لأكبر إهانة لقواتنا المسلحة.

ولو بالفعل قامت حرب على الجزيرتين ماذا ستكون قيمة المال أمام تكاليف الدم؟

فالمصدر الحكومي الذي ذكر تلك المعلومة هو موقع ” أخبار مصر” من اتحاد الاذاعة والتلفزيون ، ثم حذفوا تلك الفقرة دون أي توضيح، لا نفي ولا اعتذار !

الغموض والإستهانة بالشعب مستمرين ..

“دي مجرد جزر فاضية فيها إيه لما نبيعها ونستفيد حتى لو بتاعتنا؟”
اللي بيقول الكلام ده غافل تماماً عن أهمية الجزر “الاستراتيجية” في العالم بشكل عام، ماهو السعودية برضو مش ناقصها حتة أرض فاضية.

أولاً: امتلاك الجزر في مواقع تجارية هامة ميزة بالغة الأهمية، لأن قوة المواقع البحرية مهمة جداً في القرن القادم، اللي هيكون قرن الحروب الاقتصادية مش العسكرية مثلا:
– الصين حالفة يمين تلاتة لتاخد الجزر القريبة منها، وداخلة في نزاع مع فيتنام على جزر تديرها اسمها “باراسِل”، ومع اليابان على جزر “سينكاكو”، ومع فيتنام والفيليبين وماليزيا على جزر “سبرالتي”، وكمان عملت جزر صناعية أساساً في بحر الصين الجنوبي سببت توتر مع أمريكا لمرور سفنها هناك .. طيب الصين أحد أكبر اقتصاديات العالم ليه تخلي نفسها من أكثر الدول في النزاعات البحرية كده؟

هو ده تحديداً الموضوع، إن زيادة قوتها الاقتصادية والتجارية تجعلها ترغب فى السيطرة على أكبر قدر من الممرات البحرية التي تؤمن هذه المسارات.
روسيا أول ما لقت ضعف في المنظومة الأوروبية نزلت عسكرياً حسمت الخلاف في شبه جزيرة القرم سنة ٢٠١٤، وبعدين دلوقتي بتحارب في آخر الدنيا بسوريا، وأصبحت قواعدها العسكرية راسخة تماماً في اللاذقية وطرطوس ..

هما ليه يدفعوا مليارات لدعم نظام بشار؟ ..

لأنها عايزة يبقى لها وجود مركزي في البحر الأسود والبحر المتوسط.

الإنجليز كمان لسه متمسكين بجزر “فولكلاند” اللي بعيدة تماماً عنهم في أمريكا اللاتينية جنب الأرجنتين، وبسبببها حصلت حرب مع الارجنتين انتصرت فيها انجلترا سنة ١٩٨٢ وسقط ١٠٠٠ قتيل، وكمان الإنجليز متمسكين بجزر جبل طارق اللي جنب أسبانيا، وجزر تانية في المحيط الهندي وغيرها ..

 ليه كل ده؟ لنفس السبب، كقوة عالمية هي معنية بوجود جزيرة في كل محيط بالعالم يؤمن تجارتها، ويمكن عند الحاجة نقل قوات عسكرية لها.
أمريكا أيضاً اهتمت مؤخرًا بتحسين العلاقات مع كوبا، ومع معظم دول بحر الكاريبي التي تعتبر بأكملها جزر لأن الانفتاح عليها يعني أن الاقتصاد الأمريكي يهيمن تمامًا في تلك المنطقة.
الهند لها علاقات تاريخية مع جزر زي مالديف وسيشيل وموريشيوس.

الأهمية الاستراتيجية لجزيرتي تيران وصنافير  تأتي من كون الممر المائي بين سيناء وجزيرة تيران هو الممر الوحيد لخليج العقبة (وليس الممر بين الجزيرتين، أو بين صنافير والسعودية)، يعني المنفذ الوحيد للأردن وإسرائيل للوصول لآسيا وأفريقيا.
لما تبقى التجارة بالممر ده تحت التحكم المصري الخالص هتكون نقطة إضافية لصالح قوتنا الاقتصادية خاصة لو بعد سنوات حصل ازدهار اقتصادي في تلك المنطقة لو اتنفذت كامل رؤية مشروع “تنمية محور قناة السويس”.

وبالتالي مضيق تيران سيتحول إلى ممر دولي بدل من كونه جزء داخل مصر، الممرات الدولية ليست فقط تخضع لسلطة الدولتين، بل لقوانين دولية وتعقيدات إسرائيل ستتدخل فيها.

ومن المحتمل أيضاً أن من أهداف السعودية لأخذ ذلك المكان أن يكون لها علاقة بشكل غير مباشر مع اسرائيل، حيث القوات الدولية المنتشرة في كل مكان حسب معاهدة كامب ديفيد، فيتم استبدال الطرف الدبلوماسي السعودي محل الطرف المصري، وهذه نقطة قوة دولية إضافية.

وأيضاً العوامل الإقتصادية، هناك العديد من الدول التي تركز على فكرة خلق مراكز اقتصادية في جزر أو موانئ أو مواقع هامة، مثل سنغافورة كبلد جزيرة كلياً، ودبي كميناء معروف، وموناكو في فرنسا بموقعها المهم تاريخيًا في المتوسط بين إيطاليا وفرنسا، ومنطقة جوا التي احتلها البرتغاليين من الهند.
بالإضافة لازدهار السياحة التي يقدم إليها أغنى أغنياء العالم، وتلك المنطقة تحديداً من أجمل وأفضل مناطق العالم كله في الطبيعة البحرية، ولها شهرة دولية في مناطق الغوص، وبالفعل يزورها آلاف السائحين من شرم الشيخ.
وأيضاً هذا يعتبر من اهداف السعودية، التي حالياً أعلنت تخصيص ٢ تريليون دولار لصندوق مرحلة ما بعد النفط، التي تشمل تعزيز السياحة، فبالتالي نحن نمنح هدية لمنطقة تنافس شرم الشيخ.
مفيش دولة في الدنيا تتخلى عن جزر استراتيجية بالسهولة دي!
هل تلك الجزر تاريخياً مصرية أم سعودية؟
لا يقل أهمية عن إننا نطلع خريطة على ورقة صفرا بتقول كذا، ويرد علينا اخواتنا السعوديين الأعزاء بخريطة قديمة تانية تقول كذا، ان الحق ثابت بالدم ليس بالخرائط .. مصر دفعت ١٠٠ ألف شهيد في حروبها مع إسرائيل عشان الأرض دي ترجع.
ده مش مجرد كلام عاطفي ونظري وبس، بل ده سند يتضاف لموقف مصر في التفاوض حول القضية، لأن السعودية عندما تنازلت إداريا عن مطالبتها بالجزر لمصر لأنها لا تملك قوات تحميها (لافتقارها لأدوات السيادة) أصبح لمصر سيادة عليها مارست لأجلها الحرب، وهي من أخص أعمال السيادة الدولية.

وهنا ننوه في البداية إن السعودية الحديثة نشات أصلاً عام ١٩٣٢، وأول مطالبة لها بالجزر سنة ١٩٥٠، وغريب جداً إن ناس تبدأ التاريخ من الخمسينات كإن قبلها فراغ، أو حتى من مراسلات ١٩٩٠، كإن لو كان مبارك اللي تخلى عن الجزر كنا هنوافق!
السعوديين انفسهم لما بيقولو بتاعتنا بيرجعوا بالتاريخ لتفاصيل حول حدود ولاية الحجاز.
-طول التاريخ الحديث كانت الجزر تابعة لمصر، طول عهد أسرة محمد علي كان ده هو الوضع بإقرار عثماني، ومعاها كمان الساحل الشرقي للبحر الأحمر لرغبتهم في تصدي مصر للاضطرابات هناك.
– الوضع ده تغير فقط سنة ١٨٩٢ لأسباب سياسية تخص الانتداب البريطاني على مصر، لذلك بعد وفاة الخديوي توفيق، صدر الفرمان العثماني بتولية عباس حلمي الثاني، ومعاه إلغاء الولاية المصرية على الشاطيء الشرقي للبحر الأحمر وخليج العقبة والعقبة.

 (ودي من النقاط اللي يعتمد عليها السعوديين حالياً، وعشان كده تنشر المواقع السعودية خريطة الحجاز لعام ١٨٩٧ اللي تُظهر دخول الجزر بها ).

– سنة ١٩٠٦ تم ترسيم الحدود بين مصر والدولة العثمانية بما فيها ولاية الحجاز، وده اللي على أساس خرايطه للحدود البرية تم التحكيم الدولي بطابا لنا، لكن هنا فيه جدل، لأن لم يرد ذكر أسماء الجزيرتين سلباً أو إيجاباً، لكن فيه أدلة أخرى من نفس الفترة إن الجزر دخلت بالولاية المصرية بعد هذا التاريخ.
– فى عام ١٩١٦ نشر نعوم بك شقير كتابه “تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها”.. ويعد الكتاب هو المرجع الرئيسى عن تاريخ وجغرافيا سيناء، علماً بأن شقير ظابط لبناني خدم سنة ١٨٨٩م بمخابرات الجيش المصري.
فى الفصل الأول من الكتاب عن حدود سيناء بيضم الجزيرتين لها، وملحق بالكتاب خريطة لسيناء “رسمت بمصلحة عموم المساحة بمصر عام ١٩١٤” والخريطة تضم تيران وصنافير .. الكتاب لأهميته التاريخية صدرت منه طبعات حكومية حديثة، زي كان آخرها عامي 2007 و 2008

السفير سيد المصري، أول سفير مصري للسعودية بعد عودة العلاقات بعد كامب ديفيد، يؤكد إنه شهد بنفسه المطالبة السعودية بجزيرة صنافير فقط:
“كنت أنا اول سفير لمصر بعد استئناف العلاقات، والجدير بالذكر فى هذا الصدد أن الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية فى ذلك الوقت تحدث مع الدكتور عصمت عبدالمجيد وزير خارجية مصر فى شأن جزيرة صنافير حيث إن الأوضاع تغيرت بعد معاهدة السلام ولم تعد الظروف الخاصة التى سمحت لمصر بالتمركز بها قائمة وطلب تبادل خطابات بشأنها لتأكيد تبعيتها للسعودية.
وقد قمت بنفسى بتسليم رسالة من الدكتور عصمت عبدالمجيد إلى الأمير سعود تتضمن اعتراف مصر بتبعية جزيرة صنافير للسعودية.
فى كل تلك المراحل الطويلة التى أشرت اليها، لا أحد يثير من قريب أو بعيد تبعية جزيرة تيران لمصر ووقوع تيران داخل المياه الإقليمية المصرية، وحتى مطالبة السعودية باعتراف مصر بتبعية صنافير للسعودية دون ذكر تيران تعد قرينة على ذلك.
لذلك ضحكت عندما قيل لى ان الفيس بوك يموج بكلام حول اعادة مصر لتيران وصنافير للسعودية مقابل موافقتها على اقامة جسر برى بين البلدين، ثم ذهلت لخبر منسوب إلى مجلس الوزراء يؤكد تبعية تيران للسعودية، وأرجو ان يسارع المجلس بتكذيب هذا الخبر…”
مين اللي كان تاريخياً يسكن هذه الجزر؟
دي نقطة مهمة جداً محدش مركّز معاها للأسف .. رغم إن النقطة دي تحديداً كانت حاسمة في تحديد موقف جزر حوار بين البحرين وقطر، والخلاف الحدودي بهذه المنطقة استمر حوالي ٥٠ سنة، لحد ما لجأوا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي سنة ١٩٩١، واستمرت المداولات ١٠ سنين! كل دولة تجيب كل دليل وتفصيلة تاريخية، وفي النهاية ضمن الحكم النهائي اللي صدر سنة ٢٠٠١ اتحكم بأحقية البحرين بجزر “حوار” لإنها اثبتت ان قبائل بحرينيه أقامت فى الجزر عام ١٨٢٠، رغم إنها تبعد عن قطر كيلومتر واحد، وتبعد عن البحرين ١٤ كيلو!

شهادة تانيه مهمة في موضوع سكان الجزر كانت للدكتور صبري العدل المدير السابق لدار الوثائق القومية اللي كتب التالي:

هناك بعض الإشارات في كتب الرحالة حول هاتين الجزيرتين، فقد زار منطقة خليج تيران وشمال الجزيرة العربية الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالين مرتين، خلال عامي ١٨٤٥ و١٨٤٨ أي في عصر محمد علي، وخلال رحلته الأولي عام ١٨٤٥م قال: “وأخبرني سكان المويلح وبدو شبه جزيرة سيناء أن السَمح (نبات صحراوي) ينبت أيضا في جزيرة تيران”، وهذا يعني أن سكان شبه جزيرة سيناء كانوا علي اتصال بجزيرة تيران في البحر الاحمر.
وخلال رحلته الثانية عام ١٨٤٨م وفي معرض حديثه عن صيادي منطقة الشرم (شرم الشيخ حاليا) يقول: “وكثير من إخوانهم الرحل في جبل سيناء ومن قبيلة هتيم الذي انتقل بعض بطونها هذا العام إلي جزيرة تيران، يملكون هم أيضا قوارب يتجرون بواسطتها في نطاق ضيق بين شبه جزيرة سيناء وسواحل بلاد العرب ومصر”.

****
هل تُمارس السيادة الكاملة على أراضي الغير؟
الدولة المصرية مارست السيادة على الجزر طول تاريخنا الحديث، دون أي إشارة لكونها سعودية.

 فهنا نحتاج أن نسأل أين يقع الخطأ !
مثلاً:
في ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢، أصدر وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، قرار بقانون بحظر تملك الأراضي بحدود مصر الشرقية بعمق ٥ كليومترات غرباً، ومذكور في النص إنه يشمل “الجزر الواقعة في البحر الأحمر، والمحميات الطبيعية”! ..

غريب فعلاً إن نفس الذي أصدر ذلك القرار هو الذي عندما أصبح رئيس يتنازل عنها.
– وعندنا مليون تفصيلة تانية لممارسة السيادة كالترويج السياحي الحكومي ليها، ووضعها في كتب الدراسات لطلاب المدارس المصريين، وتلك هي نقطة مهمة ليست شكلية أبداً، لأن حلايب وشلاتين مثلاً موضع خلاف دائم حول وضعها في الخرائط المحلية بين مصر والسودان.

****
إيه هو الموقف القانوني من تلك القضية ؟
في القانون الدولي المادة ١٥ من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تقول:
“حيث تكون سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة، لا يحق لأي من الدولتين في حال عدم وجود إتفاق بينهما على خلاف ذلك، أن تمد بحرها الإقليمي إلى أبعد من الخط الوسط … ”
يعني الأصل إن حدود الخط الفاصل للسواحل المتقابلة هي نصف المسافة بينهم، وبما إن عرض خليج العقبة، التي تقع فيه الجزيرتين هو ٢٤كم، يبقى الجزيرتين مصريتين، لإنهم يقعوا في نص المسافة المصري طبقًا لهذه قاعدة العامة، لإن بهذا حدودنا تمتد ١٢ كم، والجزيرة على بعد ٦ كم فقط من ساحل سيناء الشرقي.

****
هل يمكن الاستثناء من هذه القاعدة العامة؟
أيوة، باقي المادة بنفس القانون تقول ” … هذا الحكم لا ينطبق حين يكون من الضروري بسبب سند تاريخي أو ظروف خاصة أخرى، تعيين حدود البحر الإقليمي لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم”.
هنا عرضت لكم إن الحق التاريخي أيضاً معنا، لكن من الطبيعي في النزاعات أن كل طرف يعرض خرايطه ومستنداته، وكل تفصيلة صغيرة جداً، وكل سطر مذكور في كتاب تاريخي قديم بيفرق، وربما يستغرق سنوات، وربما يتطلب أطراف دولية أو خبرات عالمية، في عملية علنية وطويلة ليست بالسرعة والاستسهال وتلك الاستهانة !

****
ما هو الوضع القانوني لتنازل مصر عنها للسعودية؟
المادة الأولى من الدستور المصري الحالي تنص على أن:
“جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها”.
والمادة ١٥١ من الدستور المصري بتنظم كيف يحصل الاستثناء الوحيد لقاعدة السيادة الموحدة .
يعني حتى البرلمان كمان ليس من حقه التصديق على أي معاهدات تتعلق بحقوق السيادة، والطريقة الوحيدة للتصديق على الاتفاقيات من النوع ده هي الاستفتاء الشعبي.

*****
ما هو البديل؟
– أن يتم عمل تحكيم دولي، وكلا الطرفين يقوم بأحضار كل وثائقه وأدلته، واللي يقوله التحكيم الدولي يمشي على الكل ونرضى بيه.

****
أياً كان مصير الجزر، الأكيد إن الأرض التي تهم كل مصري، واللي لكل مصري دم فيها تستاهل إن كل مصري يكون شريك في قرارها ومقتنع بيه، ومش معقول تكون موضع خلاف يظهر فيه اختلاف آراء كبار العسكريين والدبلوماسيين السابقين كمان من رجال الدولة نفسها مش حتى عوام الناس بس.
ومفيش رئيس – أي رئيس – من حقه ياخد قرار فردي أياً كان بشأن الأرض .

مصر ليها صاحب وواثقين أن رئيسنا لم ولن يتنازل عن حبة رمل من رمالها ..

ستعيش وستبقى مصر شامخة بدون تنازل مهما مرت من أزمات ..

** بعض الحقائق منقولة من ” الموقف المصري”.**

شكرا للتعليق على الموضوع