فيلم فنلندي ابيض واسود يحصد جائزة “نظرة ما”

رسالة مهرجان كان السينمائي

التلغراف – كان – اسامة بيومى

حصل الفيلم الفنلندي المصور بالأبيض والأسود “اسعد يوم في حياة أولي ماكي”، بجائزة أفضل فيلم في تظاهرة “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي، والتي تأتي في أهميتها بعد مسابقة المهرجان الكبرى.

وهو العمل الروائي الأول للمخرج الشاب ، يوهو غوشمانين، عن سيرة ملاكم فنلندي في ستينيات القرن الماضي وخسارته بطولة العالم بالملاكمة وربحه لقلب حبيبته التي تقف معه. وقد فضلته لجنة التحكيم على المخرجين المحترفين المتنافسين في هذه التظاهرة التي ضمت 18 فيلما من 20 بلدا، بينها فيلمان لمخرجين عرب، أحدهما “اشتباك” للمخرج المصري محمد دياب، والذي افتتحت به فعاليات هذه التظاهرة، والثاني “أمور شخصية” للمخرجة الفلسطينية (من عرب 48 ) مها حاج وقدم في التظاهرة باسم اسرائيل.

أبطال فيلم "اسعد يوم في حياة أولي ماكي" مع المخرج
أبطال فيلم “اسعد يوم في حياة أولي ماكي” مع المخرج

وذهبت جائزة لجنة تحكيم هذه التظاهرة لفيلم “هارمونيوم” للمخرج الياباني كوجي فوكادا وجائزة الإخراج للمخرج الأمريكي مات روس عن فيلمه “كابتن فانتستك”.

وكانت جائزة أفضل سيناريو من نصيب الاختين الفرنسيتين ديلفين وميريل كولان عن سيناريو فيلم “الوقفة” (أي وقفة مؤقتة في رحلة)، وهو من إخراجهما ايضا.

ومنحت لجنة تحكيم هذه التظاهرة جائزة خاصة لفيلم “السلحفاة الحمراء” لمخرج أفلام الرسوم المتحركة الهولندي مايكل دودوك دو ويت(الحاصل على اوسكار افضل فيلم تحريك قصيرعام 2001 عن فيلم “اب وابنته”).

ولم تمنح لجنة تحكيم تظاهرة “نظرة ما” أي جوائز للتمثيل هذا العام.

سيرة ملاكم خاسر

وعند صعوده على خشبة صالة ديبوسي لاستلام جائزة أفضل فيلم حيا المخرج الفنلندي يوهو غوشمانين لجنة التحكيم قائلا “شكرا لذائقتكم العجيبة في السينما”.

وقال غوشمانين “إنه مندهش وسعيد” وإن هذا هو أول مهرجان عالمي يحضر إليه بفيلمه الروائي الأول.

وسبق أن حصل فيلم اطروحة تخرجه على جائزة “سينيفونداسيون” في مهرجان كان عام 2010، التي تمنح لدعم المخرجين الشباب الواعدين.

لقد لفت غوشمانين الانظار إليه عبر قدرته على استثمار جماليات الأبيض والأسود لخدمة موضوع فيلمه الذي تدور أحداثة في ستينيات القرن الماضي، فضلا عن مقاربته لموضوعته في سياق اجتماعي نقدي واضح.

ويتناول الفيلم الأيام التي تسبق نزال بطولة العالم بالوزن الخفيف عام 1962 بين الملاكم الأمريكي ديفي مور ومتحديه الملاكم الفنلندي أولي ماكي.

وعلى الرغم من أن الفيلم يتناول سيرة بطل رياضي، إلا أنه لم يكن عن البطولة والفوز بل عن الخسارة والخذلان، والحب الرغبة والتمييز والصراع الطبقي.

وقد ظلت مشاهده بعيدة عن حلبة الملاكمة وتدور في سياقات منزلية ومناسبات اجتماعية مختلفة فضلا عن رصد معاناة بطله مع حياته الاجتماعية وقصة حبه، ولم نره في حلبة الملاكمة إلا في النزال الاخير ولدقائق محدودة انتهت بهزيمة قاسية.

ثمة ضلال خفيفية من تحفة مارتن سكورسيزي “الثور الهائج” بيد أن غوشمانين ينجح في أن يرسم منحاه الخاص عبر تركيزه على نزعته الاجتماعية النقدية تلك.

فماكي الذي سبق أن فاز ببطولة أوروبا في الوزن الخفيف، يظل انسانا بسيطا ينتمي الى الطبقة العاملة، حيث كان يعمل خبازا، ولاينجح في أن يحقق سلوكا احترافيا في ميدانه، فينتهي الأمر بهزيمته بسهولة أمام الملاكم الأمريكي، لكنه بالمقابل يفوز بقلب وحنان حبيبته التي تقف إلى جانبه حين يهمله الجميع بعد خسارته.

شعور بالذنب

وينجح المخرج الياباني فوكادا، الذي منحت لجنة التحكيم فيلمه “هارمونيوم” جائزتها الخاصة، في أن يزرع حبكة تشويقية وسط فضاء من الامثولات والحكايات الأخلاقية، في دراما عائلية تدور وسط عائلة متوسطة يابانية تتألف من أب يدعى توشيو وزوجته آكي وابنتهما، حيث يقلب ظهور شخص من ماضي رب الأسرة حياتها رأسا على عقب.

إذ يظل هذا الغريب (يؤدي دوره الممثل الياباني المعروف تادانوبو أسانو) شخصا غامضا كان مسجونا بجريمة قتل، وثمة تلميح الى أنه سجن نيابة عن صديق له قد يكون هو توشيو نفسه، الذي يمنحه عمل في ورشته ويسكنه في بيته، لكنه يحاول إغواء الزوجة واغتصاب الابنة ويتسبب بشللها.

ومع هروبه يتقدم ابنه للعمل بالورشة لدى توشيو الذي يكتشف هذه الحقيقة لاحقا ويحاول استغلال الابن للوصول إلى والده والانتقام منه. ويستثمر فوكادا هذه الأحداث ليضعنها في دوامة من الشعور بالذنب تلف كل الشخصيات لديه.

وحيت لجنة التحكيم المخرج الأمريكي مات روس على مزواجته بين تقديم فيلم سينمائي ممتع ونقد عميق لبنية المجتمع الرأسمالي عبر تحولات شخصيته الرئيسية ، الأب الحريص على تربية أبنائه الستة وتحويلهم إلى رموز نجاح في شبابهم، ألا أن حادث تراجيدي يقوده إلى الخروج من فردوسه العائلي لمواجهة مع العالم الخارجي تقلب الكثير من مفاهيمه وتجعله يعيد النظر في كل ما علمهم.

وبدت جائزة السيناريو من حصة للنساء و(الفيمنست) بإعطائها للاختين كولان عن فيلمهما “الوقفة” المأخوذ عن رواية تتابع التوترات والحرب التي تترك ظلالها على مجندتين قادمتين من افغانستان اثناء توقفهما في اجازة في منتجع سياحي فخم في قبرص.

وقد تألفت لجنة تحكيم تظاهرة “نظرة ما” هذا العام برئاسة الممثلة السويسرية مارتا كيللر وعضوية المخرجة النمساوية جيسيكا هاوزنر والممثل والمخرج المكسيكي دييغو لونا والمخرج السويدي روبن اوستلوند والممثلة الفرنسية سيلين ساليت.

اسامة بيومى
اسامة بيومى

شكرا للتعليق على الموضوع