محمد النقلى يكتب : إصطباحه ( بكل ” فقر ” .. صُنِع في مصر )

  كان من المفترض أن يكون مقالي هذا الإسبوع هو الجزء الثالث والأخير من مقال ” 1977 ” ، والذي بدأته منذ إسبوعين ، ولكني أستأذنكم في إرجائه للإسبوع القادم إن شاء الله ..

  هكذا هو شهر رمضان الكريم ، كعادته معنا يأتي ويتركنا ويمضي كالقطار السريع ، والشئ المختلف والملاحظ في رمضان هذا العام إن إعلاناته طغت على مسلسلاته ، فأصبحنا نشاهد إعلانات ” مطعمه ” بمسلسلات ، وليس العكس كالعاده ، عندما كنا نشاهد مسلسلاً يتخلله بعض الإعلانات ، وكإنما إتفق منتجو الإعلانات وكذا الشركات المعلنه على إن عمل حمله دعائيه لمنتجٍ ما ، يلزمه عمل مسلسل .. ليس المهم فكرته أو موضوعه .. وإنما المهم عرض ذلك الإعلان من خلاله .. وهذا إن دل على شئ .. فإنما يدل على ماوصلت إليه أهمية الإعلان .

  والملاحظ في تلك الحملات الإعلانيه هذا العام ، إنه ممكن تقسيمها إلى 3 فئات ..

الإولى .. إعلانات التوعيه .. وهى تلك التي قامت الدوله بالصرف عليها وإنتاجها من أجل توعية عامة الناس وتوجيههم إلى ضرورة ترشيد إستخدام الطاقه بأنواعها ، وكذلك حثهم على شراء ماتم صنعه في مصر وتفضيله على المنتج المستورد وذلك توفيراً للعمله الصعبه.

الثانيه .. إعلانات التبرعات .. وهى تلك التى قامت بها جميع الجمعيات الخيريه (وما أكثرها) وذلك لجمع التبرعات من الناس حتى يتسنى لها القيام بدورها فى الإطعام ، والكساء ، والعلاج

الثالثه .. الإعلانات التجاريه .. وتلك التي كانت على السلع والمنتجات المختلفه وبصفه خاصه ومكثفه .. تلك التي تخص كلاً من الإتصالات ، والعقارات .

    أما عن الإولى .. فأقول .. إذا كانت الدوله قد تكبدت تلك التكاليف الباهظه من أجل توعية وتوجيه الناس لترشيد إستخدام الطاقه .. فبماذا نفسر إضاءة الشوارع نهاراً ؟! وإذا كانت الدوله تدعو وتحث الناس على التقشف وعدم الإسراف فبماذا نفسر ماتم في يوم الخميس30/6/2016 من مظاهر الإحتفال بالذكرى الثالثه ” لثورة ” 30/6 .. وأتساءل .. ما تكلفة طلعات الطيران والتي رأيناها تغطي سماء مصر في ذلك اليوم ؟! فضلاً عن تكلفة حشد سفن وزوارق القوات البحريه بطول السواحل المصريه ، وأُختتم ذلك بحفل بدار الأوبرا المصريه يوم الأحد 3/7/2016 !! .. ياللعجب .. أليس بينهم رجلاً ” رشيد ” يشرح ماهو معنى ” الترشيد ” ؟! .. إذا لم يكن ذلك هو السفه .. فماذا إذن معنى السفه ؟

   أما الثانيه .. إذا كان الشعب ” يُطعِم ” الشعب عن طريق تبرعاته لجمعيه مثل جمعية ” مصر الخير ” و” بنك الطعام ” .. وإذا كان الشعب يقوم” بكساء ” الشعب عن طريق تبرعاته لجمعية ” رساله ” وغيرها .. وإذا كان الشعب ” يعالج ” الشعب من مختلف الأمراض عن طريق التبرع للجمعيات والمؤسسات المختلفه .. مستشفى 57357 ، مستشفى 500500 ، ومؤسسة مجدى يعقوب لمرضى القلب ، الخ .. الخ .. وأيضاً إذا كان الشعب يتبرع من أجل تمهيد الطرق وبناء المساكن وخلافه عن طريق صندوق ” تحيا مصر ” .. إذا كان كل ذلك يقوم به ” الشعب ” ” للشعب ” .. فماهو إذن دور ” الدوله ” ؟ .. مجرد سؤال .

     أما الثالثه .. فحدث ولا حرج .. لن نُسهِب كثيراً في تلك الفئه من الإعلانات ولكن سنذكر فقط مثالاً واحداً لما نريد أن نوضحه ، وهو ..  تكلفة إعلان واحد لإحدى شركات الإتصالات كانت حوالي 60 مليون جنيه .. ؟! إذا كانت تلك تكلفة حمله دعائيه بالقنوات الفضائيه لتلك الشركه خلال شهر واحد فقط .. فماهى تكلفة الدعايه بكل أشكالها خلال العام ؟؟!!

أما على الجانب الآخر .. فلن نتحدث طويلاً عن المسلسلات ، وإنتاجها ، وتكلفتها ، وسطحية ما تناولته من أفكار ، والعائد من وراء كل ذلك .. ولكن يكفيني هنا أن أذكر مثالاً لإجر إثنين من النجوم .. أحدهما تقاضى عن دوره في أحد المسلسلات 45 مليون جنيه ، والآخر 30 مليون جنيه .. بارك الله لهما ..

     ولكن ما أود توضيحه في النهايه .. إذا كانت تلك هى تكلفة الإعلانات والمسلسلات خلال شهر واحد فقط .. وإذا كان من يتحمل تكلفة كل ذلك في النهايه هو ” المستهلك ” أنا .. وأنت ، فأين ماندعيه من ” فقر “ .. ؟ ألم يكن الأجدر هو ترشيد كل ذلك وتوجيه المتبقي إلى ما فيه النفع والفائده ، أو ذلك الذي نحن أكثر إحتياجاً له في الوقت والظرف الحالي ، طبقاً لفقه الأولويات .. ؟ أكرر .. إذا لم يكن ذلك هو السفه .. فماذا إذن معنى السفه ؟

ياعزيزي .. لا تتعجب ، فكل ماذكرته للأسف ..   بكل ” فقر ” .. صُنِع في مصر   .. عفواً ، أقصد  ” بكل فخر .. صُنِع في مصر “  .. مع الإعتذار للإعلان .

إستقيموا يرحمكم الله

                                        وكل عام وانتم بخير ،،،

شكرا للتعليق على الموضوع