سجن الفراشة ” قصة واقعيّة ” (2)

اقرأ الجزء الاول

المشهد التالي كان لمحمود وهو ينحني فوقي ويحملني بقوّة بين ذراعيه، ويهرع بي إلى المستشفى. أمضيت أياماً عدّة هناك لمداواة تمزق المهبل. اعتدت الاستيقاظ والصراخ ليلاً في الفترة الأولى، حين يتقلّص حوضي بعنف تحت وقع وجع مفاجئ يمزق أحشائي.

في فترة استشفائي، أوقفوا محمود واتهموه باغتصابي. لا أعرف كيف جرت الأمور، لكنه سجن فترة طويلة على ما أذكر. أقسمتْ لي إبتسام في ما بعد أن أبي هو الذي اغتصبني، ونجا بفعلته. حين واجهتُ أمي بذلك بعد سنين، أنكرت. ما الذي جعلها متأكدة إلى هذا الحدّ وهي التي كانت خارج المنزل، وتعرف تحرشات أبي السابقة بي؟ محمود كان لطيفاً جداً معي، ومازال. لم أفاتحه يوماً بهذه الحادثة، وهو لم يفعل ذلك أيضاً. علمت أيضاً من ابتسام، وهذه المرّة لم تنكر أمي الأمر، أن أبي ضاجع زوجة محمود في خلال سجن أخي، فحقد محمود عليه منذ ذلك الحين، وقطع علاقته به، وطلّق امرأته.

لا أعرف ما هي العادة الأسوأ التي أتقنها أبي، من بين كلّ عاداته وتصرفاته القبيحة! هل هي التحرش الجنسي بأطفاله؟ أم ضرب أمي وأخي موسى بوحشيّة لا توصف؟ أم مضاجعة العاهرات أمام عيون العائلة؟ أم السكر والقمار ومراكمة الديون؟ أم أخيراً بيع أطفاله بعمليّة مبطّنة تقضي بوضعهم خدماً في البيوت؟ كنت في الرابعة حين غابت إبتسام عن ذاكرتي. قبل ذلك بسنتين كانت أختي طفلة في الخامسة، ثم اختفت فجأة. فهمت لاحقاً من الأحاديث التي التقطتها حين بدأ وعيي يتفتّح، أن إبتسام تعمل خادمة في أحد البيوت. بدا الأمر عاديًا بالنسبة إليَّ. ظننت أن الأمور تجري على هذا النحو. لم تكن لديّ ذكريات حارة تجمعني بأختي ، فسقطت سريعاً في النسيان.

حين احتاج أبي مجدداً إلى المال كنت أنا في الخامسة. وقتها حان دوري، وبدأ قلم قدري المشؤوم يخطّ أحداث مصيري الغامضة.

أذكر جيداً أن أمي دافعت عني كاللبوة، وحاولت الإحتفاظ بي:

– “ألا يكفيك أنك حرمتني من الكبرى وأبعدتها عني لست سنوات؟ دع حنان تنمو بشكل طبيعي، ألا تخاف الله؟ ألا توجد رحمة في قلبك؟”.

يضحكني اليوم هذا الكلام حين أستعيده في حطام ذاكرتي. لم يكن يليق قط بالجو السائد في بيتنا. الله! الرحمة! لم يشرح أحد لي من هو الله، وماذا يعني أن تكون لديك رحمة. لذا وقفت جانباً أبكي بخوف ورهبة وأنا أصغي إلى هذا الحوار المتفجّر الذي كنت محوره من غير إرادتي. أحسست من وقع الصراخ الفاجر فوق رأسي، أن أمراً سيئاً سيحصل لي. فهمت بصعوبة أنني سأغادر البيت، وأن أمي لا تريد ذلك. لماذا ترفض؟ ألم أعـش السنة الماضية ستة أشهر في سوريا لدى ابنة أبي من زوجته الأولى؟ يبدو أن الأمر أسوأ من ذلك. حُسم الأمر سريعاً لصالح أبي. تحت وقع قبضتيه والركلات، خفت ضجيج أمي المزعج وأذعنت. في اليوم التالي، اصطحبني مصطفى وأنا لا أعلم إلى أين. ركبنا سيارة أجرة، فاغتبطت في داخلي لهذه التجربة النادرة، وتركت الهواء يداعب وجهي من النافذة المفتوحة. نسيت ما دار في الأمس، ولم أجد لحدث ركوب السيارة علاقة بصراخ أمي. لم نبتعد عن طرابلس كثيراً، وغالب الظن أننا لم نتجاوزها. توقّفت السيارة في شارع ما. أمسكني أبي من يدي وولج بي في عتمة أحد المباني. كلُّ شيء شاهق وشاسع هنا، فراحت عيناي تتفحّصان الأمكنة باهتمام فائق. طرق الباب وانتظر. لحظات قليلة قبل أن تفتح لنا صبية سوداء البشرة يبدو الانكسار على وجهها. تراجعتُ قليلاً خوفاً من غرابتها. قادتنا إلى الداخل، وانتظرنا من جديد. حضرت امرأة في مقتبل عمرها، أنيقة، نظيفة، وهادئة. تحاورت مع أبي وهي تسترق النظر إليّ بين الفترة والأخرى.

– “حسناً يا مصطفى، سنجرّب”.  هذه الجملة الوحيدة التي أذكرها من الحوار الذي دار بينهما. توجّهت المرأة النظيفة إليَّ وخاطبتني بودّ:

– “هل صحيح أنك تحبين الحليب، كما أخبرني أبوكِ؟”.

أومأتُ برأسي مستغربة، وأنا أتذوّق بالخيال طعم الحليـب فـي

فمي. ثم أعطت أوامرها إلى الخادمة لكي تقودني إلى المطبخ وتقدّم إليَّ كأساً من الحليب.

التفتت إلى أبي فوجدته مشجّعاً، وفهمت من نظراته بأن عليّ أن أطيع. لم تكن فكرة كأس من الحليب سيئة على أيّ حال. توجّهت إلى المطبخ برفقة السوداء، وجلست هناك أجرع مقداراً كبيراً من السائل الأبيض. مرّت دقائق قبل أن أنتبه إلى أن الأصوات خفتت في غرفة الاستقبال. قفزتُ عن الكرسي وركضت إلى الخارج. كان أبي قد اختفى من الغرفة، ولم يبقَ فيها إلا بسمة تلك المرأة الغريبة. إنفجرتْ في داخلي بومضة حادثة الأمس، وسمعت صراخ أمي يعوي في أذنيَّ. شلّني اختفاء أبي كما لم يشلّني أيّ شيء في الماضي، وشعرت بذاتي أتكوّم وأنتفض كرقّاص مجنون. ومن عمق أعماقي المسحوقة أطلقت صرخة مدويّة، أرعبت من كان حولي:

– “أمي، أين أنتِ؟”

كانت تلك هي  اللحظة الأولى لدخولي، وأنا في الخامسة من عمري، جحيم الخدمة في المنازل. طفلة مكسورة البراءة وفاقدة الاتزان والأمان. على أيّ حال، هذا السواد الذي أحاطني ذلك النهار، لم يكن مرعباً كفاية مقارنة مع أحداث الأيام الآتية. بكيتُ بفجور حاد، ولم أشأ أن أتعزّى. شيئاً فشيئاً تلاشت يقظتي، ولم أعد أعرف لماذا أبكي، فغفوت، واستيقظت صباحاً على حياة أخرى.

قضيتُ أسابيع قليلة في الإهمال والوحدة. لم أفهم لماذا أنا هنا، وماذا عليّ أن أفعل. سؤال واحد لم أكفّ عن طرحه على السيدة النظيفة: “متى يعود أبي ويصطحبني إلى البيت؟”. في الوقت الباقي كنت أتسكّع بين غرفة وأخرى. لم تجبرني المرأة على عمل أيّ شيء. وحدها السوداء كانت تشاكسني. من يلومها، وهي التي تنغل كالزئبق من عمل إلى آخر! لم ينقصها كائن صغير يزيد مشاغلها ويعيقها، لذا انتقمت من أسيادها بإرهابي.

في أحد الأيام، جاء عجوزان لطيفان إلى منزل المرأة. راقبتهما من بعيد بشك واستطلاع. شعرت بحرارتهما تلفحني. نظرت إليَّ المرأة المسنّة وضحكت بشكل نافر، ثم دعتني للاقتراب منها:

– “ما بك خائفة يا حبيبتي؟ تعالي اقتربي”.

– “أمي”، توجّهت سيدة البيت إلى المرأة العجوز،  “خير لهذه الطفلة أن تبقى عندنا من أن تعود إلى عائلة فاسدة يسودها العنف والجرائم. لقد أطلعتكِ باقتضاب على سيرة مصطفى عبدالله. ولا تنسي ما يقال أيضاً عن زوجته!”

– “ما يقال عن زوجته لا يعنينا”.  ردّت العجوز، “ما هو الاتفاق مع والدها؟”.

– “لقد اتفقت معه على إبقائها سنة واحدة، وأطلعته أنني لن أبقيها هنا بل سأرسلها إليكما، أنت وأبي”.

– “ألا تعتقدان، تدخَّل العجوز مقاطعاً، أنه لا يجدر بنا إبعاد هذه الطفلة عن أمها؟ لسنا مؤسسة اجتماعيّة تعنى بمثل هذه الحالات. ثم، لماذا نريدها عندنا في المنزل؟”.

– “أبوها يريد أن يجعل منها خادمة، وأن تتمرّس على أعمال المنزل منذ صغرها. أنا لم أخطط لذلك. قبلت بها لأجعلها تعيش معكما، فتعينكما على بعض الأمور الصغيرة، وتضخّ الحرارة في وحدتكما”.

– “أنا مقتنعة بذلك”.  علّقت العجوز وهي لا تخفي حماستها. “بانتظار الأحفاد، سنهتمّ بهذه الطفلة”.

دارت أحاديث أُخـَر، وأنا منسحبة إلى جمودي. بدأت تساؤلاتي الحادّة التي أقلقتني في بداية انسلاخي عن عائلتي، تبرد وتتقلّص. كان مصيري ما يتقرّر هنا، وأنا بالكاد أشعر أن الأمر يعنيني. ارتحت فجأة لنبرة العجوزين، ووددت لو ألحقهما إلى نهاية الكون. كطفلة في الخامسة كان من الطبيعي أن أنسى. ذاكرتي القصيرة لا تحمل الكثير من البهجة والتعلّق. انزلقت أشياء الماضي وأصواته ووجوهه، وتشوّشت المشاهد في رأسي.

– “حنان، حبيبتي”، سمعتُ صوتاً رقيقاً يناديني. عدتُ من مكان بعيد، لا يلجه عادة إلا خيال الأطفال. التفتت إلى المرأة العجوز التي نادتني بنظرة استفهام.

– “اقتربي مني حبيبتي، تعالي”.

اقتربت ببطء، ففتحت ذراعيها بانتظاري. من حضنها سافرت بعيداً. شعرت بدفء لم أشعر به في السابق. أذكر تلك اللحظات الخاطفة بوضوح لا يصدّق. كان شعرها الأبيض يناديني كالنعاس، يرسم لعينيّ مشاوير سحريّة. لم أكفّ عن التحديق به والغوص في نداءاته. “حنان”، أسمع اسمي من بعيد وهي تحدّثني، وأنا لا أفهم عما تتحدّث. استغرقت بكلّيتي في موجها الأبيض، وسافرت على متن مراكب لم تكن موجودة.

“ستذهبين معي”. هل سمعت هذه الجملة في أذنيَّ أم في قلبي؟ لست متأكدة، ولكنني فهمت على الأقل أن عليَّ أن أغادر هذا المنزل لأسكن مع العجوزين. حملت مراكبي ورفعت أشرعتي وسلّمت رحلتي ليدها المائيّة. ودّعت سيّدة البيت، أو هي ودّعتني، وصفقت الباب في خيالي.

على حدود مدينة طرابلس، تتباعد البيوت وتنأى. تنخفض الأبنية تدريجاً، لتتحوّل إلى منازل منفردة تحيطها الحدائق أو الإهمال. في واحدة من هذه الجزر المبعثرة، عشت مع العجوزين قرابة السنة. أحاطتني “تيتا حنّة” بطيبتها ورعايتها. لماذا فعلت ذلك، وأنا الغريبة عن لحمها وثمر أحشائها؟ كان ذلك لغزاً جذب حيرة الطفلة التي كنتها. استسلمت لحياتي الجديدة بعدما خلوت من الأسئلة المقلقة، وشعور الانسلاخ الذي تلا خدعة تواري والدي وأنا في منزل غريب.

لمست لعب الأطفال للمرّة الأولى في حياتي. اقتربت منها بحذر قبل أن أدخلها عالمي وأجعلها تستولي على مشاعري، وتطلق أروع اندهاشاتي. نـَمَتْ فيَّ علاقة حسيّة مع حيواناتي الصوفيّة. استبدلت بها الأطفال والرفاق، وأفرغت فيها حواراتي الفطريّة ومشاعري التي أخفيتها لنفسي.

مرَّ الوقت سريعاً وخالياً من العواصف في بيت الراحة هذا. ظننت لوهلة أن القدر لن يطالني وأنا في حضن تيتا حنّة، وأن الخوف والشرّ اللذين روّعاني، لم ينتميا يوماً إلى عالم الحقيقة. في هذا الخدر اللذيذ، طرق رجل ما الباب يوماً، وشلّع كلّ أوهامي. لمحته وأنا وسط ألعابي، فظننت أني أعرفه، وأني صادفت وجهه مرّة في رحلاتي الخرافيّة. حدّق فيَّ وكشّر فجأة عن ضحكة خالية من عدد من الأسنان الأماميّة. تحادث باقتضاب مع تيتا حنّة، والتفت بعدها إليَّ وناداني:

– “حنان، ألن تسلّمي على أبيكِ؟”.

أبي؟ ماذا يروي هذا الخرف المنزوع الأسنان؟ أجفلني سؤاله وجعل أعصابي تتشنّج وتتنبّه بقلق. سقطت عليّ كلمة “أبيكِ” كالمنجل، وحرّكت بعنف أمواج بحيرتي الراكدة. حدّقت به مجدداً، بتركيز فائق. نهضت من كومة ألعابي وركضت باتجاه تيتا حنّة لأرتمي في حضنها.

– “هذا ليس أبي!”  توسّلت إليها وأنا أشير إليه بإصبعي.

مسّدت شعري بيدها الرقيقة، قبل أن يعبث الرجل الجالس قبالتها

بمخاوفي المطمورة.

– “بلى، أنا أبوك. هل يعقل أن تنسيني بهذه السرعة؟”.

– “لست أبي. لست أبي”.  صرخت في وجهه . “أبي لديه يدٌ مقطوعة”.

استدار صوبي قليلاً، وكشف عن يده المقطوعة من فوق المعصم، فتجمّدت مصعوقة في مكاني. كانت يده المقطوعة هذه إحدى إنجازات حياة الإجرام التي يخوضها. تلقى فيها مرةً رصاصة في أثناء شجار، أدّت إلى بترها.

حاولت تيتا حنّة أن تستبقيني لديها. شرحت له معاملتها لي وأهميّتي بالنسبة إليها. غرقت أنا في خشيتي السوداء. “هل يعقل أن يكون هذا أبي؟” قلت لنفسي. “ماذا جاء يفعل بعد دهر من الغياب؟ ما علاقته بي؟ وكيف يحقّ له أن ينتزعني من طمأنينتي؟”

كنت نسيته تماماً، على الأقل في وعيي الظاهر. غريب هذا النسيان العميق لوجه يفترض أن يكون رافقني لخمس سنوات! كأن ذاكرتي عملت بتصميم على محوه من خلاياها ونبضاتها. والآن، بجملة واحدة، قذف القعر المتفسّخ كلَّ مخبوءاته. عاد الوجه حيّاً من جديد، انفجرت أحداث الماضي في وجهي، وعاد الصراخ يدوي في أذنيّ.

لم يكترث مصطفى لمساومات العجوز. كان يخطّط على الأرجح لصفقة أكثر إغراءً.

– “سأعيدك إلى أمّكِ، حنان. يجب أن تكوني سعيدة بذلك”.

لقد أصاب الخبيث أمواج السحر في داخلي. أمي! صحيح أنها لم تكن حارة في احتضانها لكياني، لكنها عنت لي يوماً مرساة النجاة في بحر عنيف في هياجه. تجمّدت صورتها منذ جفّت دموع بكائي المرير يوم انسلخت عنها . شيئاً فشيئاً بردت رعشتي تجاهها، وتقلّص ذلك الوهج الذي يربطني بأحشائها.

هبّت بكلمة رياح حنين غامضة، اقتلعت الغبار عن الصورة المنسيّة ونفخت فيها الحياة. ناداني صوت أمي من بعيد، “حنان ألن تعودي إليَّ؟”. خضّـتـني الحيرة والتمزق، انقسمت مشاعري وفجّرت فيَّ نوبة بكاء.

كانت تيتا حنّة قد بدأت توضّب ثيابي. لمحت دموعاً حائرة تلمع في عينيها، فتوسّلت من بين نشيجي:

– “لا أريد أن أرحل من هنا. تيتا حنّة أريد أن أبقى معك”.

 ابتسمت بحزن وعانقـتـني.

– “لا بأس يا حبيبتي، يجب أن تعودي إلى أمك. قولي لها أن تصحبك إليَّ مرّة بعد أخرى. لا تنقطعي عن زيارتي . لقد جمعت لك علبة من المال ستأخذينها معك. سأخبّئها بين ثيابك، احرصي على أن لا يعرف بها أبوك”.

– “شكراً تيتا حنّة، سأزورك باستمرار، كلّ يوم إذا استطعت”.

لكن تلك كانت المرّة الأخيرة التي رأيت فيها هذه العجوز الطيبة. أخذتني الريح بعيداً عن شواطئها، وغابت حياتي  بقربها في لجّة المصائب التي لحقت بي.

غفوت في الطريق إلى بيتنا. عزلني النوم عن ضجيج المرحلة الانتقاليّة . أيقظتني يدٌ خفيّة عندما توقّفت السيارة قرب باب الدار. امتلأت رعشة بقرب ملاقاة أمي، وحملتني أقدامي إليها بأسرع من البرق. كانت هي بانتظاري. دبّت الحرارة سريعاً بيننا، رفعتني إلى فوق، وراحت تدور بي في أرجاء الغرف وتبكي. جاريتها في البكاء مأخوذة بهذه العاطفة المحمومة التي فارت منها. انتحيت بها جانباً وأخبرتها عن علبة المال التي جمعتها لي “التيتا”. فرحت للخبر وأخذت تفتّش بين ملابسي عن العلبة، فلم تجدها. فتّشت معها جيداً، وبعثرت كلّ الأغراض أرضاً، لكن العلبة اختفت. ركضت أمي إلى الدار لتبحث عن أبي، لكنه كان قد اختفى بدوره. صرخت بحنق:

– “فعلتها ثانية يا ابن الزانية!”.

أخذ مصطفى المال في أثناء غفوتي وغاب عن الوجود. لم أره ثانية إلا بعد نحو الشهرين حين عاد إلى البيت ليقذف قراراً رهيباً في وجه أمي:

– “لقد وجدت لحنان عائلة جديدة. وضّـبي أغراضها سترحل غداً ” .

تابعونا : الجزء الثالث

الكاتب والاديب سمير فرحات
الكاتب والاديب سمير فرحات

شكرا للتعليق على الموضوع