محمد شوارب يكتب : واجب الحكومات تجاه الفقراء والمساكين!!!
إن حقوق الإنسان في وطنه تستلزم واجبات كثيرة أولية، فحقك الذي ترعاه من الحياة وفي الحياة يدعو إلى تقديرك للواجب نحو الحياة وحقك الذي ترعاه في أن تكون حراً في سعيك وراء رزقك والسعي إلى العمل.
إنني وغيري أشعر بهؤلاء الفقراء والمساكين كأني نظرت من نافذتهم وأرى عيون مقرحة من البكاء ناظرة إلى الغلو الذي يعيشون فيه، وبلا شك إننا ننظر إلى الحكومات والضغوطات التي تفرضها على هؤلاء الفقراء، فلم يعد لهم حساب ولم ينظروا إليهم بعين الرأفة وكل بلد حسب ظروفها ووضعها بعد (الربيع العربي) الذي حدث وخيب آمال هؤلاء الفقراء والمساكين فلا هم وجدوا عدالة إجتماعية ولا هم يطيقون العيش حالياً… نعم.. إن أشد ما يؤلم الفرد في مجتمع هو أن يجد قوانين وأنظمة وقيود تفرض عليه في حين أنه يعيش بقدر استطاعته، فيجد أن هناك أعباء كثيرة من الحكومة تفرض عليه دون النظر لمستوى العيش الذي يعيشه ويعبأ بمتطلبات الحياة القاسية. فكثير من الناس يتهافتون على العيش والخير الذي يصيب عيشتهم وأمتهم من غير أن يكون لهم في جلب ذلك الخير نصيب، ومن غير أن يدفعوا في مشتراه ثمناً.
فنحن نعيش في حياة اجتماعية نحتمي بنظمها ونتنعم بخيراتها، وعلى ذلك فقد يكون العدل أن نرد بمجهودنا وأعمالنا إلى ثمن ما يصبنا من حياتنا ونظامها أم نرضى بما نحن نعيشه ونتألم منه، لعلنا نعيش في بيئة من مخلفات الماضي من الذين سبقونا. ولهذا يكون لنا من مخلفات هؤلاء وأعمال هؤلاء ما يستفيد منه ونحمدهم عليه. وقد يكون لنا كذلك من مخلفات هؤلاء وأعمال هؤلاء ما فيه لنا تعس وشقاء. أفنقصر همتنا على الحمد تارة وعلى الندم أخرى.
… يحركني في هذا الموضوع هو سياسة ذلك الرجل العظيم (عمر بن عبدالعزيز – رضى الله عنه) الذي نجح بعمله وهو أنه أهتم بالفقراء والمساكين دون الأغنياء بسياسة العدل أيضاً، فأخذ من الأغنياء لكي يعطي الفقراء والمساكين والغلابة وكلاً بالعدل بين الطائفتين فلذلك نجح وسيطر ونجح اقتصاده ونمى. فأين نحن من سياسة هذا الرجل العظيم؟ هناك بعض من الحكومات العربية ما تكون عباءاً على الطبقات المتوسطة والفقيرة والمسكينة، وهناك على الجانب الآخر من الحكومات ما تسعد مواطنيها وتجعلهم يعيشون في رخاء بالعدل والضمير، لذلك إن في الأرض شيئين بمعنى واحد قبور الأموات في بطنها وأكواخ الفقراء على ظهرها، وليس من فرق بينهما في النسيان لأنه يشملها جميعاً وإنما الفرق بينهما في حاليهما المتناقضتين هذا قبر ميت وهذا قبر حي، نعم صدقوا وبروا وقالوا حقاً، أليسو جُفاة القلوب غلاظ الأكباد؟ وإلا فما الفرق بين موت منسي تموت الغريب وحياة مشينة كحياة الفقير والمسكين إلى على الفرق الذي لا يبالي به هؤلاء الأغنياء حين يكون لأحدهم ظاهر حي وضمير ميت.
… هناك في بعض الحكومات الأوروبية يقوموا بمساعدة الذين لا يملكون وظائف لحين تأهلهم لوظيفة بإعطاء راتب أساسي وحياة كريمة، ولي نظرة هنا، هي تمنع أيضاً الجريمة والبطالة في تلك الحالة والظروف. لكن عندما ننظر هنا إلى بعض حكوماتنا العربية فتجد بعض من التكدسات والضغوطات وفرض الرسوم على الناس، مما يجعل الفقير والمسكين يعاني أشد المعاناة ويعيش وكأنه ميت. فتجد في بلادنا مصر الغالية علينا جميعاً وجود الحكومة التي تفرض رسوم وتكاليف على الفقير والمسكين دون النظر إلى حالته، نحن بدورنا نقدر دور السيسي (مع حفظ الألقاب) ومدى الأعباء الشديدة التي تقع عليه، لكن هذا لا يمنع من أن بعض الوزارات مثل الكهرباء التي فرضت في هذا العام رسوم باهظة وشديدة للغاية على رسوم عدادات الكهرباء التي اشتكى منها الكثير ربما نصف المجتمع المصري من غلو هذه المصاريف التي فاقت الحد المسموح به من ذلك الوزير، الذي لم يراعى حقوق الفقراء والمساكين وأصحاب الطبقات المتوسطة وفرض عليهم رسوم عدادات تجبر الفقير والمسكين أن يندم على حظه لوجوده في ذلك الوقت الذي أتى فيه هذا الوزير لكي يثبت لرئيس الجمهورية أنه نجح في منصبه على حساب الفقراء والمساكين وأصحاب الطبقات المتوسطة، فهنا نقول أين العدل الاجتماعي بين طبقات المجتمع بأسره؟
إن الشرائع هي التي تربط العلة وتجمع الناس بعضهم ببعض وهو العدل، وتقول العلوم إنها العقل، وتقول الآداب إنها شيء من العدل والعقل يكون الإنسانية في الضمير، وتقول الحياة إنها سبب الإنسانية وهو الرحمة والرأفة ثم يدعو الصوت الإلهي يقصف من جهة السماء التي هي مصدر العقل والعدل والحكمة الإنسانية والرحمة والرأفة، فيصبح بكل ما في هذه الأشياء جميعها من القوة ويقول كلا! بل هو سبب الرحمة ومظهر الإنسانية وكمال العقل وفضيلة العدل وهو الفقر .
فلو أنصفت القوانين في الأرض لما وجد فقيراً واحداً ولا مسكيناً واحداً، نعم إنها إرادة الله في أرضه خلق الناس مستويات في الرزق، لكن ليس هذا معناه المعاناة في الأرض، إنما هو العدل في التوزيع ومراعاة النظم والقوانين واللوائح لهؤلاء الفقراء والمساكين وأصحاب الطبقات المتوسطة.
… فإن الفقير والمسكين في أي عصر من العصور هو جهة من الخلل في نظام المجتمع الإنساني فإن الفصل بين الغني والفقير من الأمور التي تتعلق بالضمير وحده ورب غني يزيد أهله بالحرص والدناءة فقراً، فهناك بعض من الأغنياء الذين تموت في قلوبهم كل موعظة إنسانية أو إلهية فلا تثمر شيئاً حتى إذا ماتوا نبتت كلها من تراب قبورهم فأثمرت لنفوس الفقراء والمساكين والغلابة عزاءاً وسلوة وموعظة من زوال الدنيا.
فانظروا بعين العدل والضمير وعين الحقيقة التي تعطي هذه الطبيعة النظر فتعطيها محاسن الطبيعة والعيش.
بقلم الكاتب: محـمد شـوارب
كـاتب حـر
mohsay64@gmail.com