فاطمة بن عبد الله الكرّاي تكتب : أحفــــاد «بلفـــور» الجُــــدد
تسع وتسعون سنة تمر اليوم على وعد «بلفور» المشؤوم وأحفاد المتآمرين لا يزالون يحتفون بمؤامراتهم على الأمّة العربية وعلى فلسطين.
في مثل هذا اليوم أعطى من لا يملك لمن لا يستحق أرض فلسطين، فكان هذا القرن وبالا على البلاد العربية من حيث الاستعمار المباشر ومن حيث التخلّف الذي بثّه هذا الاستعمار في كامل أنحاء الوطن العربي أو كذلك من خلال منع التصنيع التقليدي والتكنولوجي في كامل البلاد العربية وغير العربية من التي رهن «زعماؤها» ما بعد الاستعمار المباشر، مصير بلدانهم بأيدي المستعمِر القديم.
الوعد المشؤوم سبب البلية، بل هو السبب في كل هذه المآسي التي نعيشها اليوم في كامل البلاد العربي.
ولأن الاستعمار الذي قدّه بقوة وبخبث كل من «بلفور» و«سايكس» و«بيكو»، لا يستطيع أن يمر ولا يمكن لحيله أن تنطلي على الشعوب مهما كانت ضعيفة، فإنهم احتاجوا ومازالوا يحتاجون الى تأطير قيادات تصوّر التحلل من القانون انتصارا…
طوال هذا التاريخ وما عرفه العالم من تقلّبات سنجد وعد بلفور المشؤوم هو الخيط الكاشف لاهناتنا وانكساراتنا، وغيابنا كعرب عن المحطات الكبرى. ومنها، التقسيم العالمي للعمل.
كما سنجد أن كل البلاد العربية، وهي التي تملك الطاقة بأغلى أنواعها، تتكئ على حضارة العلم والمعرفة، ولها موقع استراتيجي مغر لكل امبريالي ومستعمر، سيجد هذه البلاد تعيش الى اليوم مأساة الوجود.
ولنُلق نظرة بسيطة على مواضيع التنافس بين كلينتون وترانب، في الرئاسة الامريكية، وسنجد أنهما يتنافسان حدّ الصراع، على من يؤذي العرب أكثر ومن يُريح اسرائيل أكثر!
وعد «بلفور» المشؤوم لم يُفرّخ أحفادا من بين جلدته فقط، بل فرّخ وجنّد أحفادا جددا من بين ظهرانينا يقال عنهم جزافا انّهم منا…
مهمة هؤلاء أن يجعلوا الطعم يبتلع من شبابنا العربي، وذلك عبر أكبر عملية تحيّل وتحويل وجهة للأحداث لم ير التاريخ لها مثيلا.
هؤلاء العملاء الذين يسوّقون لتفكيك الدولة في البلاد العربية، يدفعون الشباب اليوم لتبنّي ديمقراطية عرجاء، لا هي تؤمن بالوطن ولا هي ديمقراطية ترتكز على نفس مرتكزات الديمقراطية عند الغرب مثل دولة القانون والمؤسسات، والفصل بين السلطات..
كل هذا من أجل أن تهنأ اسرائيل بمائة سنة أخرى، ويصبح التطبيع كما الخيانة كما العمالة وجهات نظر لا مبادئ يتضمنها الدستور ويعاقب عليها القانون.
المريب في كل القصّة، ونحن نحيي الذكرى التاسعة والتسعين لوعد «بلفور» المشؤوم أن مازالت الأمم والأوطان أمامنا تصارع من أجل الوجود الأفضل ومن أجل تحصين أقوى لمؤسسات الدولة، ومن أجل خيارات فضلى تحافظ على الاختلاف بين القوميات والأوطان ومازالت الصراعات بين ظهرانينا، تتأرجح بين ضرورة تفكيك الدولة وبين التنصيص على الاعتقاد بأن «وعد بلفور» و«سايكس بيكو» ليست مؤامرات!
تونس – الشروق