رامي فرج الله يكتب: حماس ..عباس وملف المصالحة
تناقلت وسائل الإعلام المختلفة صوراً للرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يصافح خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ونائبه إسماعيل هنية، وضحكاتهم تملأ المكان، وأسارير وجوههم تقول ” المصالحة قادمة لامحالة” ، فلم تكن خطوة الرئيس عباس هذه بالشئ الصادم لمن يستشرف الواقع السياسي الفلسطيني، فخطوته تنم عن ذكاء يحيطه الدهاء السياسي، وخصوصاً بعد انتزاع قرار من المنظمة الأممية ” اليونسكو” بأن القدس وحائط البراق ملك للفلسطينيين، فتوجه عباس إلى قطر والالتقاء بمشعل وهنية يأتي في إطار لم الشمل، والحفاظ على وحدة شطري الوطن، وإنهاء الانقسام، وأيضاَ سد الطريق في وجه النائب محمد دحلان بتحجيم دوره وأنصاره في غزة، ولا أبالغ إذا قلت أن الرئيس يتصف بــ” لؤم سياسي” لم تشهده المنطقة إلا إبان حكم السادات لمصر.
كما أن الرئيس عباس يريد أن ينهي حكمه بسلاسة وسلامة دون إراقة دم فلسطينية، حتى لا يسجل عليه التاريخ، ولا أستبعد أن يترشح أبو الوليد مشعل للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
وفي الجانب الاخر، حماس لا تقل ذكاء ودهاءً عن عباس، فقد فهمت ما يريده عباس منذ الوهلة الأولى من الحديث عن موعد الانتخابات البلدية، وتحديث بيانات الناخبين، و إعداد قوائم المرشحين، فتعاملت حماس مع هذا الموضوع بحذر وذكاء، حيث لم تكن قوائم مرشحيها في غزة بالثقل التي عهدناها في انتخابات 2006، وكأن حماس كانت تدرك جيداً أن الانتخابات المحلية لن تحدث إطلاقاً في غزة، وهذا الشئ يسجل لصالح حماس، حيث ينم عن الذكاء السياسي، إلى ما سمعناه عبر وسائل الإعلام مرة أخرى عن تحالف حماس دحلان، وخروج السكني من سجنه بعد قضاء 9 أعوام في صفقة لم تحدد معالمها، إلا أن حماس هذه المرة أثبتت أنها ذكية وتملك من الذكاء السياسي ما يجعلها لا تقل ذكاءً عن أي مسئول فلسطيني في السلطة الوطنية، فاستغلت التناقضات داخل حركة فتح، والصراع الدائر بين عباس ودحلان لصالحها وصالح قطاع غزة، بغية فك الحصار و إنعاش الحياة في القطاع، فغزة ستشهد انفراجة قريباً تتمثل في رفع الحصار تدريجياً، وعودة شرايين الحياة إلى طبيعتهاعلى صعد متعددة.
وخلاصة القول: ” إن حماس بعد 2014 ليست حماس قبل 2014، فالأزمات السياسية التي مرت بها الحركة خلال 8 سنوات خلت أكسبتها خبرة في فن السياسة وإدارة الأزمات”.
رامي فرج الله : كاتب ومحلل سياسي – فلسطين