عماد الدين حسين يكتب : قبل أن تضيع منا كل سيناء

الخطوة الاأولى والرئيسية للتعامل المختلف مع ما يحدث فى شمال سيناء، أن تكون هناك صراحة كاملة، ونقاش هادئ، وتخطيط حقيقى حتى نبدأ فى السير على الطريق الصحيح.

أول طريق فى المصارحة، أن يتم الاعتراف أن هناك إخفاقًا كبيرًا قد حدث، ثم نتناقش فى تفاصيل هذا الإخفاق، ولماذا حدث، وبعدها مباشرة نحدد طرق العلاج.

بالطبع، لا يعنى هذا أن نتوقف عن مطاردة وملاحقة الإرهابيين والقبض عليهم، واستخدام أقصى وأقسى الوسائل القانونية، وإخضاعهم للعدالة. لكن ما أقصده بوضوح، انه وبموازاة حفظ الأمن، علينا أن نبدأ التفكير بجدية فى كل شىء بشأن سيناء.

قد يغضب هذا الكلام بعض الناس خصوصًا الذين يتولون ملف سيناء الان، لكن غضب هؤلاء أقل ضررًا بكثير، من أن نستيقظ غدًا أو بعد غد لنجد سيناء ــ لا قدر الله ــ قد ضاعت من أيدينا تمامًا ــ أو صارت مثل الموصل العراقية أو الرقة ودير الزور السورية أو سرت الليبية حينما كانت تحت سيطرة داعش.

أسهل طريقة، أن نلوم داعش ونندد بتطرفها وإرهابها ووحشيتها، وهو أمر نفعله كل لحظة، وأسهل شىء أيضًا أن نلوم بعض الدول وأجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، التى تساعد داعش بطرق متعددة، خفية حينا وسافرة أحيانًا. نحن فعلنا ذلك ونفعله، منذ ابتلانا الله بفيروس الإرهاب، لكن كل ذلك ــ ومعظمه صحيح ــ لا يحل المشكلة.

المؤكد أن هناك دورًا للخارج، لكن المشكلة الاساسية عندنا نحن، وليست عند أحد غيرنا.

إذا كانت هذه الدولة أو تلك هى التى تساعد داعش وتمده بالسلاح والمال والأفراد والمعلومات لكى يرتكب جرائمه، فماذا فعلنا نحن لكى نفضح هذا الامر ونوقفه؟!!.

للأسف الشديد، نتحدث كثيرًا بكلام مرسل. لكن لم نقدم معلومات كاملة وموثقة لفضح هذا التآمر.

المدخل الاساسى ان نتأكد أن الذين يتابعون هذا الملف هم الأكثر كفاءة وفهمًا. قد يكونون الأكثر إخلاصًا ووطنية، لكن ذلك وحده لا يكفى للأسف الشديد. نريد أن نتأكد أيضًا، إننا قادرون على الحصول على المعلومات الأساسية، التى تمكننا من الوصول إلى قادة هذه الجماعات.

لا يعقل أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، لم نستطع الوصول إلى العقول المدبرة والمخططة والمحرضة. يتم الإعلان عن قتل العشرات والمئات يوميًا من المتطرفين، لكن من الواضح أن معظمهم من «البساريا» وليس «الحيتان».

بغض النظر عن النوايا الطيبة، فقد أخفقنا للاسف فى مواجهة هذا الارهاب بصورة فعالة حتى الان. صحيح اننا قدمنا تضحيات كثيرة، لكننا لم نحقق الهدف، وهو دحر هذا الارهاب، الذى يتزايد ويترسخ ويتعملق. الان تعديل الخطط صار مطلوبا وفورا.

لان البديل لا قدر الله، ان تتصاعد الامور، ونجد ان التنظيم الارهابى قد سيطر على كل المنطقة. والخطر الاكبر ايضا ان تتحول المنطقة المنكوبة إلى مغناطيس يجذب كل المتطرفين اليها. وبدلا من اخراج المسيحيين، سنجد انهم بدأوا فى اخراج غير السيناوية، وبعدهم المسلمين الاقل التزاما دينيا!!!. وبالتالى تنجح الخطة الاصلية وهى رفع علم داعش فوق أى بقعة هناك، للايحاء بان دولتهم قد قامت.

قلت قبل ذلك، وأكرر اليوم انه لا قيمة لإنجاح اى خطط، من دون ان تكون قاعدتها الاولى، هى ضمان تأييد ودعم ورضاء اهالى سيناء.

من دون ذلك، فالفشل سيكون هو النتيجة. علينا ان نكسبهم بكل الطرق، لانهم اهل المنطقة، وهم الباقون فيها، وهم حائط الصد الاساسى، ليس فقط. ضد التطرف والارهاب، لكن ضد العدو الاول والاساسى والرئيسى وهو إسرائيل. علينا الا ننسى ابدا ان هذا العدو الصهيونى هو المستفيد الاول والاكبر من كل ما يحدث، حتى لو قدم لنا كلمات معسولة وأحضانا مسمومة!!!

اونا

اقرأ للكاتب :

“الكوع” الذى فضح الجميع

شكرا للتعليق على الموضوع