محمد النقلى يكتب :إصطباحه ( لماذا ” السودان ” ؟!)

بنظره سريعه على خريطة ” السودان ” قبل التقسيم .. نجد أن له حدود مشتركه مع 8 دول .. بخلاف حدوده المشتركه مع مصر .. والدول هي .. أرتيريا ، أثيوبيا ، كينيا ، أفريقيا الوسطى ، أوغندا ، الكونغو الديمقراطيه ، تشاد ، ليبيا .. وإذا إستثنينا ” ليبيا ” من تلك الدول .. وذلك لأنها هى الدوله الوحيده التي لنا معها حدود مشتركه بعد السودان .. نجد أن تواصل مصر الجغرافي مع 7 دول أفريقيه من خلال السودان قد تم ( بتره ) بعد تقسيم السودان إلى دوله في الشمال .. وأخرى في الجنوب .. وإذا أضفنا إلى ذلك أن تلك الدول المذكوره ( بإستثناء دولة أفريقيا الوسطى ) هى من دول حوض النيل .. يُضاف إليها .. تنزانيا ، بوروندي ، رواندا .. علمنا بلا أدنى شك .. لماذا كان من الضروري .. تقسيم السودان !! .. كل ذلك مع دخول “إسرائيل” على الخط مع تلك الدول .. إذن فلا عجب إذا آمنا وسلمنا بنظرية ” التآمر والمؤامره ” على عزل مصر وحصارها في تلك المنطقه ..

ومخطئ من ظن أن ” السودان ” قد قُسِّمت إلى دولتين شمال وجنوب في عام 2010 فقط ، إنما التقسيم والإنفصال قد تم قبل ذلك بقرنٍ من الزمان .. وقت الإستعمار البريطاني لمصر والسودان .. عندما أسست بريطانيا سياستها في الجنوب السوداني على ركيزتين .. الأولى .. تقليل الوجود الشمالي في الجنوب ، الثانيه .. إضعاف الثقافه العربيه والعمل على منع إنتشار الإسلام .. وفتح الباب على مصراعيه للبعثات والإرساليات التنصيريه ، ونستطيع أن نقول أن تلك الفتره (1899-1919) كانت مرحلة ” تمهيد الأرض ” لما هو آت ..

بعد ثورة 1919 في مصر .. شكلت بريطانيا لجنه عرفت “بلجنة ملنر” وذلك للتحقيق في أسباب الثوره المصريه .. وفي معرض دراستها للأسباب .. خصت ” جنوب السودان ” ب3 مذكرات في غاية الأهميه .. الأولى في فبراير1920 .. بعنوان ” اللامركزيه في السودان ” بهدف فصل الزنوج عن الأراضي العربيه .. بإقامة خط عرضي يمتد من الشرق إلى الغرب ، المذكره الثانيه والتي أعدتها حكومة السودان .. فيما يخص الزنوج ، فهى على إستعداد لقبول إندماجهم في حكومات أملاك أفريقيه أخرى .. مثل أوغندا وشرق أفريقيا .. وإقامة إتحاد لوسط أفريقيا تحت الإداره البريطانيه يضم بالطبع زنوج السودان ، أما المذكره الثالثه في مارس1920 .. جاء فيها بالنص .. ” إن سياسة الحكومه هى الحفاظ بقدر الإمكان على جنوب السودان بعيداً عن التأثير العربي والإسلامي ، ولابد من توظيف السود ، وإذا إقتضت الضروره يعين كتبه مصريين من المسيحيين فقط !! وبعدها أصبح يوم الأحد هو يوم الأجازه الرسميه في الجنوب .. وكذلك أصبحت اللغه الإنجليزيه هى اللغه الرسميه لأهل الجنوب !!ومن ضمن ما جاء بمذكرات اللورد ملنر .. إنه من السهل إتخاذ كل تلك إجراءات الفصل .. حيث أن السودان يختلف في تركيبته عن مصر .. فالسودان منقسم بين العرب والسود وفي كل منهم أجناس وقبائل يختلف بعضها عن بعض كثيراً .. كالعديد من الدول الأفريقيه المتاخمه لحدود الجنوب .. على عكس مصر التي يتسم أهلها بالتجانس ..

هذا ” غيض من فيض ” .. ولكنها كانت البدايه .. محاولة خلق منطقه في الجنوب مختلفه دينياً وثقافياً ولغةً عن أهل منطقة الشمال .. ثم خلق حاله من الصراع الدائم بينهما .. إلى أن يتم الإنفصال الفعلي .. إنها سياسة كل مستعمر ” فرق .. تسُد “

” فستذكرون ما أقولُ لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد “

” إستقيموا يرحمكم الله “

بقلم:محمدعلي النقلي

اقرأ للكاتب :

 إصطباحه ” أمة ” إقرأ ” .. لا تقرأ

شكرا للتعليق على الموضوع