كيف لي ؟ “شعر” … حاتم البيريني

كيف لي أن أكتبَ الأشعارْ

كيف تصطفُّ الحروفُ كما الجنودْ

جيشٌ من الكلماتِ يغزوني

كيفَ ابكي يا بلادي

كيفَ اعزفُ لحنكِ الشادي

مأساتُنا نهرٌ و ساقيةٌ

دماؤنا ليست تجفْ

و حكايتي هي حاضرٌ ماضِ

عجوزٌ ناهزَ التسعينَ يبكي

هناكَ فقدتُ أولادي

و فتاتي تاهت …

تسافرُ في البوادي

ذاتَ ليلٍ

هتكوا أنوثتها

راياتهم ظلماءُ مثل الليل

و يقولُ أحدهم

هذا حصادُ أمجادي

ثمَّ تركعُ في خشوع

تصلّي هذه الأنثى

لعل الله ينصرنا ..

يمسح حزن أعيننا

لعل الله يطفىء خوفنا فينا

لعلَّ….

لعلَّ الحرب تقتلها

و تنهي عارها …

ذاتَ يومٍ خاطبتْ وجه السماء

كيفَ أمحو ذنباً … أنَّني أُنثى

يقول لها العجوز بنيَّتي

هذي ذنوبِ الحرب

ليست تُغتفر

رحماكَ ربي ببلادي

 تتناثر النجموم فجراً كالدموع من السماء

على نقاءِ الياسمين ..على صفصافنا المكلوم

تبكي بلادنا حزناً

و ما يبكيكِ أيتها العظيمة ؟؟

أما علمتِنا يوماً بأنَّ الأمَّ لا تبكي

لكي لا يضعف الأطفال

تتحجر الدمعاتُ في العينين

 يغطّي شوارعنا الظلام

تحملُ الأم غيرتها ..حقدها المدفون

لتغرسه في قلب الظلمة الاحلك

يكتبُ التاريخ بعدَ اليوم

أمجادُ السواد تزول

و تبقى أرضُ أجدادي

سأورثها … أعلّم الأحفاد

أنَّ كتابة التاريخِ إرثٌ

ليس يتقنه سوى أم

هذه الأم … بلادي

حاتم البيريني
بقلم : حاتم البيريني- سوريا

شكرا للتعليق على الموضوع